(الجبهة العالمية لمحاربة اليهود والنصارى) بهذا العنوان الكبير أنطلقت القاعدة بز عامة اميرها بن لادن في محاربة نظام القطب العالمي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، نزلت القاعدة الى ساحة المعركة وقادتها الميدانيين يتحكمون بخيوط مفاتيحها الرئيسية و المهمة،تمكنت القاعدة بأمارة بن لادن في توجيه ضربات قوية لخصمها العتيد الامريكي وذلك بفضل أمتلاكها في بادئ الامر لثلاث عوامل رئيسية جعل نصرها مؤذي لغريمهم بمعنى الكلمة، والتي هي :

1- المفتاح الاول : (سيطرة بن لادن على استراتيجية وعقيدة الحرب) وذلك حينتمكن من تجنيد شريحة كبيرة من المسلمين عندما جعل أستراتيجيته في محاربة غريمه في حربه والمتجسد كما يحلو له أنيسميه ( بالعالم الصليبي )، او (العالم الغربي) أو كما هو أطلق عليه عنوانه الكبير (في محاربة الكفر والمشركين وتطهير أرض المسلمين منهم ). وبتلك الاستراتيجية تمكن من توجيه غضب المسلمين الى هدف خارجي لا يوجد عليه جدل واسع فكري ومذهبي بين اقرانه من حملة الفكر المتطرف وبذلك اصبحت الساحة الاسلامية بعضها موالي له بشكل أعمى وجزء اخر ساكت عنه مادام شره لا يمسه بل يمس هدف خارجي بعيد عنه.

2- مفتاح الثاني : (المناورة) :تمكن بن لادن من فرض سيطرته في بادئ الامر على مساحة واسعة من ساحة المعركة العالمية والتي يشكل العالم الاسلامي جزء كبير منها، وبفضل المفتاح الاول تحرك بسهول من دون اعداء داخليين وطابور خامس يشلون قدرة المناورة منه، وبالفعل أستطاع من توجيه ضربات عديدة في اماكن مختلف سواء في افريقيا او اسيا وتوج قدرته على مناروة بضرب قلب القطب العالمي في منهاتن (نيويوريك).

3- المفتاح الثالث (عنصر المفاجئة) : تمكن بن لادن بهذا المفتاح ان يوجه ضربات مختلفة، بزمان هو يحدده وبالوقت الذي يشخصه قادة القاعدة الميدانيين، بامتلاك بن لادن لهذا المفتاح توج نصره بشكل كامل وجعل من غريمه الامريكي مشلولا في بادئ الامر رغم أمتلاكه لأقوى مخابرات عالمية بفضل ماتمتلكه من خبرات وتقنيات كونية وارضية.

بتلك المفاتيح الثلاثة استطاع بن لادن ومساعديه من الظواهري وغيره من توجيه ضربات مؤذية للأدارة الامريكية وذلك بفترات متفاوته ومناطق مختلفة ومن خلال قنابل بشرية محشوة بالتعصب والتطرف العقائدي باسم( محاربة النظام العالمي الكافر) وبالفعل تمكنت القنابل البشرية الانتحارية من القيام بصولات عديدة شلت القدرة الامريكية الضخمة وتوجت أنتصارتها في غزوة منهاتن عندما وجهت ضربة محكمة لقلب النظام العالمي، جعلت من غريمه الامريكي فاقدا لتوازنه متأرجحا في بادئ الامر ولكن لم تكن القاضية لتخرجه من حلبة الصراع بشكل نهائي.

عملية 11 سبتمبر كانت ضربة بالصميم لرجال بن لادن على رأس الادارة الامريكية مما جعلها في ذهول من أعلى رأس في البيت الابيض الى اصغر فرد في المجتمع الامريكي، كان مشهدا لا يصدق، قسم الانسانية الى سماطين لا ثالث لهما فاما أن تكون بعد تلك الضربة في محور الخير الذي تقوده الولايات المتحدة او الى محور الشر الذي يتزعمه بن لادن ورموز القاعدة، ليس بين هذين المحورين،خط للأعراف يتمكنون فيه من الوقوف على التل كمتفرجين دون ان تمسهم شرارة حرب اشعلتها نار الحقد والكراهية المتأججة في نفوس وعقول قادة وانصار القاعدة.

لم يدم الامر طويلا حتى أنتفض النسر الامريكي من قمقمه ليقتنص غريمه القابع في جحور تور بورا، أنتفض المارد الامريكي من سباته ليطارد بن لادن ويجرده من مفاتيح النصر الثلاثة (عقيدة واستراتيجية الحرب، والمناورة،والمفاجئة) التي غلبه بها.

أبتدأ رجال المارينز برأس هرم القاعدة(بن لادن) بتجريده من موطئ القدم(أفغانستان) الذي كان يخطط ويوجه منها خلايه النائمة من على بعد، بحرية وطمأنينة، وبين ليل وضحاها تحول بن لادن واشبحاه من مطارد الى طريد وضاقت عليهم الارض بما رحبت، حتى كهوف جحور تورا بور لفظته هو أميرها(عبد الله بن عمر) الى العراء وتحولوا الىصيد تقتنصهم الطائرات والصواريخ الموجه، وخسر بن لادن أول مفتاح له، فبعد أن كان هو الذي يختار ويقرر ويناور في أي بقعة ومكان،ينازل بها غريمه الامريكي، أنقلبت المعادلة وأصبحت زمام المبادرة في المناورة بيد رجال البنتاغون وسي سي اي في أختيار المكان والبقعة المناسبة والتي بها يقررون باي شكل يتم استدراج الخلايا النائمة للقاعدة ليفجروا اجسادهم الانتحارية بها.

ومن ثم أنتقل رجال المارينز في استثمار نصرهم الاول بتجريد غريمهم من المفتاح الاخر الا وهو عنصر المفاجئة الذي كان يباغتهم به بين حين والاخر، وكان لهم كما ارادوا، فمثلما أستطاع رجال القاعدة من جعل11 سبتمبر زلزال يهز نظام العولمة برمته، تمكن كذلك رجال البنتاغون في يوم 9أبريل من جعله موعدا لفتح ابواب الجحيم يقذفون بها اشباح القاعدة الانتحارية.

كان نصرا كبيرا لبوش اعادة هيبة المارد الامريكي الى وضعه الطبيعي، وكانت صفعة قوية لأبن لادن ورجاله بحرمانهم عنصري المناورة والمفاجئ لكن لا زال بن لادن يمتلك عنصر عقيدة وأستراتيجية الحرب (محاربةاليهود والنصارى أو الكفر العالمي) والتي بنى عليها استراتيجية حربه ضد نظام العولمة، وكان يعتقد أن هذا لا يمكن لاي شخص أن يجرده منها و بأي حال من الاحوال لانه عنصر داخلي وليس خارجي حتى يتمكن غرائمه بالسيطرة وتوجيه بالوجهة التي يرغبون بها، كما فعلوا بعنصري المناورة والمفاجئة ولكن ليس كل ما يشتهي المرء يدركه، فالمخطط الامريكي أستقرأ عدوه بعناية وتمحص عقيدة وفكر بن لادن ورجاله بتمعن، وكان لرجال البيت الابيض كما اردوا فقد وضعوا أيديهم على الجرح القاتل وامسكوا بنقطة الضعف الكامن في نوازع بن لادن ورجاله والتي سيكون بأمكانهم تغيير استراتييجية الحرب التي استطاع بها بن لادن أن يوجه اشباحه الانتحارية ويرسلهم الى مراكز العولمة الحساسة ليفجرون اجسادهم و يكلفون النظام العالمي خسائر لا تقدر بثمن.

نقطة ضعف لطالما حركة نوازع الحقد والكراهية في نفوس القاعدة ومفكريها الا وهي تعصبهم الطائفي
الاعمى وتكفيرهم للقريب والبعيد من أمة الاسلام.ولم يكن على المخطط الامريكي الاستراتيجي بعسير من أيجاد المكان المناسب في تفجير عقيدة رجال القاعدة بالقنبلة الطائفية، وتوجيههم بالوجهة التي يرغبون بها رجال محاربة الارهاب في امريكا ومن ثم وضع استراتيجية جديدة للحرب بن لادن هم يتحكمون بها وليس غريمهم.

ابتلع الطعم أنصار بن لادن ورجاله الاغبياء كالزرقاوي (كما وصفه فهمي هويدي في تأبينيه له)، وبالقنبلة الطائفية تمكن الاستراتيجي الامريكي من أستدراج خلايا القاعدة الانتحارية وتفجير نفسها في الحواري والاحياء الفقيرة في مدن وأحياء العراق بعد أن كانت تفجير أجسادها في ناطحات نيويوريك وبوارج أساطيل العم سام، وكانت جريمة الشعب العراقي الوحيدة أنها تدفقت كالسيل العارم وبسرعة للتنفس الحرية بعد ان حبستها عنهم سدود صدام الديكتاتوريه لعهود طويلة، وساهم الاعلام الاصفر العربي بتحويل عرس الحرية الجميل في العراق الى كابوس وجبروت ستحطم على ابوابه امال رجال فكر المتحجر وذلك بتبخر حلم تحقيق عودة الخلافة الاسلامية على يد أميرها المفضل بن لادن.

القنبلة الطائفية هي السلاح النووي الذي دمر به بوش عقول وأدمغة أنصار بن لادن من الزرقاويين واشباحه، وبالفعل تحولت عقيدة استراتيجية حربهم من محاربة اليهود والنصارى وطردهم من فلسطين ودول اخرى الى شعارات تكفير وأنتقام وتحذير واستئصال يتوعد بها الزرقاوي في خطاباته لكل من يتجرأ في أستننشاق طعم الحرية في العراق الجديد. واصبحت الاشباح الانتحارية همها الوحيد في كيف تحويل الاعراس الانتخابي في العراق الى مسيرات للطم والنحيب، بعد أن كان همهم الوحيد تطهير أرض المسلمين من المشركين والكفرة.

وأصبح شعارات الزرقاوي التكفيرية والرافض لعشق الحرية هي العقيدة البديلة والاستراتيجية الجديدة للأشباح الانتحاري في حرب القاعدة بالعراق، وبذلك سحب اخر مفتاح كان يراهن عليه بن لادن في أنتصاره على غريمه بوش، ولكن مع هذا حاول بن لادن وأنصاره المقربين ان يتحاشوا جهد أمكانهم شظايا ومضاعفات القنبلة الطائفية التي أججها بغباء وحقد أعمىفارسه المرتجل الزرقاوي، وحلول طيلة فترة حرب الزرقاوي الطائفية في العراق أن يحافظ على جأشه ويسيطر على خطاباته ليوحي للاخرين ان مفتاح عقيدة الحرب لازال بيده ولكن هذا لم يدم طويلا فسرعان ما تحطم هذا الجاش وتلاش كتمانه حين وجه بوش صواريخ طائراته الى صميم وقلب بن لادن في العراق وذلك بأستهداف اسده المغوار ابا مصعب الزرقاوي.

حينها فقد صوابه الرجل وأنهارت أعصاب مقربيه من الظواهري وغيرهم وسرعان منفك هذا الكتمان في بيانات متلاحقة وبسرعة غير متوقعة لابن لادن والظواهري، خطابات تحمل أرث فارسهم الزرقاوي وكان الخطاب الاخير لابن لادن هو نسخة مستنسخة من شعارات الزرقاوي التكفيرية والتي تحكم بالردة لكل من يشارك في العملية السياسية في العراق بغض النظر عن مذهبه وعشيرته وقوميته، لا بل زاد على الزرقاوي بتوجيه أنيابه حتى على زعماء دول الاخرى من اليمن والاردن ومصر وغيرها.

بخطاب بن لادن الاخير أنفرجت سرائر بوش وعادة البسمة الى وجه وأحس بنشوة نصر كبير لا يزلزها استطلاعات رأي أو صريخ غرائمه من حزب الديمقراطي.

نعم بوش لم يهزم بن لادن بجبروت ماكنته العسكرية وماتمتلكه من أسلحة دمار شامل وتقنية محمكة تصيب أهدافها بدقة وعناية، بل أنتصر بسلاح الكراهية والتعصب الطائفي الاعمى الكامن في نفوس وعقول رجال بن لادن.

نعم بوش لم ينتصر بما يمتلكه من قدرات أقتصادية ضخمة الموارد وسيطرة محكمة على مؤسسات العولمة انما أنتصر حين قطع شعرة معاوية بين لادن بين اضداده في الجانب الاخر من البيت الاسلامي.

أن الانجاز الذي حققه رجال بوش بتغيير استراتيجية عقيدةحرب بن لادن وجعل خطاباته تحذير وعيد وأنتقام لابناء جلدته بسب عشقهم للحرية وتذوقهم طعم حلاوة صندوق الاقتراع والتعددية الفكرية، بلا شك سيكون هذا الانجاز نصر للعالم المتمدن و سيكون مدين لبوشورجاله عندما خلصهم من شر عقيدة حرب بن لادن وتحول هذا الشر الى أعناق الابرياء في العراق يذبح اوداجهم ويقطع أوصالهم.

نعم أنتصر بوش على بن لادن حين جرده من مفاتيح حربه الاساسية، المناورة والمفاجئ وتوج انتصاره على بن لادن حين فجر حقده وتعصبه الاعمى في خطابه الاخير الذي به، اخرج بن لادن المسمار الاخير ليدق به نعش القاعدة ليدفنها بيده وليس بيد غيره في مقبرة مزبلة التاريخ.

صلاح التكمه جي