في هذا الوقت الذي يسعى فيه الكيان الصهيوني إلى تدارك ما فاته من نصر على أرض الجنوب اللبناني برغم كل المجازر التي ارتكبها بحق نفسه و بحق اللبنانيين، يتجه الكيان المصطنع بقدميه إلى الهاوية، تحقيقا لما حملته التوراة في السفر الأول في كتب الأنبياء هو السفر النبوئي لأشعياء و الذي يعد أعظم الأنبياء الكبار في العهد القديم، نجده يقول في الجزء الربع عشر من القسم الأول المؤرخ للعام 740 ق.م بعد سرده لنبوءة خراب بابلquot; تدمير العراقquot;:quot; 29لاَ تَفْرَحِي يَا جَمِيعَ فِلِسْطِينَ، لأَنَّ الْقَضِيبَ الضَّارِبَكِ انْكَسَرَ، فَإِنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْحَيَّةِ يَخْرُجُ أُفْعُوانٌ، وَثَمَرَتُهُ تَكُونُ ثُعْبَانًا مُسِمًّا طَيَّارًا 30وَتَرْعَى أَبْكَارُ الْمَسَاكِينِ، وَيَرْبِضُ الْبَائِسُونَ بِالأَمَانِ، وَأُمِيتُ أَصْلَكِ بِالْجُوعِ، فَيَقْتُلُ بَقِيَّتَكِ. 31وَلْوِلْ أَيُّهَا الْبَابُ. اصْرُخِي أَيَّتُهَا الْمَدِينَةُ. قَدْ ذَابَ جَمِيعُكِ يَا فِلِسْطِينُ، لأَنَّهُ مِنَ الشَّمَالِ يَأْتِي دُخَان ٌquot; لأن جيشا مُدرّبا قد زحف نحوك من الشمال، وما مِنْ جبانٍ في صُفوفِهِ quot;.

فشرعية المقاومة اللبنانية حسمت بعد تفنيد شبهة كونها مغامرة غير محسوبة المخاطر، حينما تبين أن الحرب ضد لبنان قررت منذ العام 2000، بتأكيدات السيدة كوندوليزا رايس على كونها مخاضا طبيعيا لولادة شرق أوسط جديد و كبير، يقوم على أساس الفتن الطائفية و المذهبية، و بتوافق مفضوح بين كل من بوش و توني بلير منذ ساعات العدوان الأولى، مما يشير إلى كون ما يلحق بلبنان من دمار و خراب هو أقل من المفترض فيما لو عدمت المقاومة، هذا بالنسبة للبنان فماذا عن الخسائر التي درأتها المقاومة اللبنانية عن الأمة العربية و الإسلامية فيما لو قيض لمشروع الشرق الأوسط الكبير أن يتم!.

المقاومة حسمت كذلك مسألة قدرتها على المواجهة و رد الصاع بمثله من خلال استخدام عنصر المفاجأة الذي حيدت من خلاله المقاومة مسألة التفوق العسكري الصهيوني؛ ففي اليوم الذي يعلن فيه عن توسعة العدوان يصاب قائدي عصابات النخبة في quot;فرقة الجليل ولواء غولانىquot; على يد المقاومة اللبنانية لتعلن أنها أقرب إليهم من حبل الوريد، و هزيمة الاحتلال باتت وشيكة في الحرب التي استعدت لها منذ العام 2000! ليصبح لوم المقاومة بحجة توريطها للبنان بحرب لا قبل له بها، في عداد الأكاذيب.

بل بتنا نشهد أول انتصار نوعي للمقاومة تمثل في عزل لقادة العصابات أثناء عدوانهم على العرب، فدان حالوتس يعزل قائد ما يسمى بالمنطقة الشمالية quot; عودي آدمquot; من عمله نتيجة لإخفاقات العصابات الصهيونية على ارض الجنوب و يعين ممثلا خاصا به مكانه، رغم تحذيرات quot; آدمquot; من خطورة الوضع على الحدود الشمالية للكيان الصهيوني إلا أنه تم تحميله مسؤولية الهزيمة، الأمر الذي ينبئ بمزيد من الخلافات الداخلية في الكيان الصهيوني لحساب مزيد من انتصارات المقاومة على الأرض، حيث باتت نجاحاتها تتمثل في فرض القرارت السيادية للكيان الصهيوني، و نجد أن أولمرت بات يعد دفاتر حساباته لما بعد إعلان الهزيمة، حيث صار يكرر محدودية مسؤولياته تجاه العمليات العدوانية لعصابات الاحتلال باعترافه بعدم مهنيته العسكرية، ملقيا باللائمة مستقبلا على من يطيعه من قادة هذه العصابات.

و إذاعة عصابات الاحتلال مستندة إلى معلومات قالت أنها موثوقة؛ تقدر عدد مرتزقة الكيان الصهيوني الذين سيلاقون حتفهم في المواجهة مع المقاومة في حال إقرار توسعة العدوان إلى 300 مرتزق، و هنا نجد أن كبير المعلقين السياسيين فى يديعوت أحرونوت ناحوم برنياع، يقول موجها نصحه فى مقاله المنشور ليوم 10/8/2006 إلى ايهود أولمرت : خذ ما يقترحونه عليك، خذ واهرب من لبنان. معللا نصيحته بقوله quot;إننا تائهون فى المطاردة وراء نصر غير موجودquot;.

شمعون بيريس الحائز على جائزة نوبل للسلام!!، و أولمرت اللذان يعدان هذه الحرب بأنها مسألة حياة او موت quot;لإسرائيلquot;، تأتيهما من ميادين الشمال الإجابة حيث المعطيات الأرضية تشير إلى النتيجة الثانية، الموت الذي لن يكون فوريا، بل نزاعا كما هي حالة شارون الصحية، فالمعارك على الأرض حسمت لصالح المقاومة التي باتت تجمع جميع الأطياف اللبنانية خلفها، و في أروقة السياسة تلعب أمريكا دور الوكيل عن كيانها الصهيوني لحسم المعركة الدبلوماسية لصالحه، و في حالة فشل المعركة السياسية التي تمسك المقاومة اللبنانية بنصف أوراقها، سيضطر الكيان الصهيوني لإعادة تمثيل أسطورة الانتحار الجماعي في quot;مصعدهquot;، عبر تصعيد حالة الحرب على لبنان من ضرب الجنوب إلى الاجتياح الكامل، و فتح جبهة على سوريا، تبشر بتحقيق رؤية أشعياء لنهاية الكيان المصطنع على الأرض العربية.

محمد ملكاوي