ليس من الصعب ان نجمل اسباب بروز الاراء والاصوات التي تبلورت جماعيا وفرديا في تاجيج اسباب الصراع السياسي والاجتماعي العراقي جراء قرار اقليم كردستان بانزال علم العراق من دوائر ومؤسسات بل من ارض كردستان عموماوظهور كوامن ما ينطبق عليها قول (النار تحت الرماد) مع توفير اسباب ومسببات انزاله ان وجدت والاخذ بنظر الاعتبار حساسية الموقف بغض النظر عما حصل من دمار لشعب كردستان بشكل خاص او للشعب العراقي بشكل عام وما يترتب على ذلك من مواقف سياسية لهذا الحزب او تلك الجهة اشخاصا ومجاميع طوائف واعراق جغرافيا وتاريخيا.
ارى ان في ادناه راي جدير بالدراسة والتحليل كون عدم اقرار العلم العراقي عبر اكثر من ثلاثة اعوام تتحمل مسؤليته الحكومات المتعاقبة بعد التغيير فهو لا يحتاج في اقراره الى قطع غيار او قروض من الدول المانحة ويخشى عليها من ان تمتد اليها يد الفساد المالي وانصافا للواقع العراقي وددت تثبيت بعض الحقائق التي اجد فيها ضرورات لابد من ادراجها للتذكير ليس الا :
1-لازالت البيئة الاجتماعيه غير ناضجة سياسيا في العراق مما يتطلب التريث في اتخاذ اي قرار سياسي كون الشعب العراقي عموما لازال اسير ثقافة التطرف الشوفيني وما أل اليه اخيرا من اضافه لتستحيل هذه الثقافة بعد ان امتزجت بعجينة الافكار السلفية الى غذاء فكري اكثر عنفا وتقبلا للتقتيل واستقرت واقعيا بعد توفر كل العوامل التي حصلت بعد التغيير والتمزيق بعد التشرذم الطائفي والعرقي وبروز النزعات التطرفية التي خلقتها نشوة الانتصار بلا اعادة دراسة حسابات ترتقي في تقييمها بكون خسارة ما بعد الانتصار قد تؤدي الى انكفاء تكون نتائجه اكثر سلبية وتؤدي بالنتيجه الى نفس المآل الذي الت اليه افكار الدولة الشوفينية الكبرى وبواقع اكثر مرارة والذي يشكل بدوره صدمة نفسية كبيرة على الشعب المنكوب اصلا.
2- مما زاد الامر سوءً ان الحكومات المتعاقبه من مجلس الحكم والى تاريخ صدور قرار انزال العلم من كردستان لازالت نفس الاشخاص ونفس التشكيلات التي اقترن بها الفساد المالي والاداري والارهاب كظاهرتين من اسوأ الظواهر التي عرفها الشعب العراقي عبر اكثر من مئة عام وهذا يعني ان اجيالا عديدة عبر حقب زمنيه طويله لم تألف مثل هكذا نمط من السلوك السياسي والاثني والاخلاقي وهي غير معنية بقراءة التاريخ. كون الجماهير تحكم على النتائج وعلى طريقة (الناس تتبرأ من المهزوم وتعجب بالمنتصر) فلا زال البديل بعد التغيير مهزوم ولازال الاعلام يصور ان النظام السابق هو المنتصر والذي اقترنت به وحدة البلاد وامن البلاد ومؤسسات البلاد وقانون البلاد. اما ان يكون كل ذلك يخضع لارادة فرد ولسياسة دكتاتورية ولحكم العائلة فهذا غير مقنع للجماهير مع وجود ازمة كهرباء اكثر وازمة محروقات اعمق وارتفاع كبير في اسعار اهم السلع خصيصا الغذائيه التي لايستطيع المواطن الاستغناء عنها كالبيض واللحوم والخبز مع فقدان الكثير من المواد الداخلة في البطاقة التموينيه وضياع الامن والوضع الصحي المتهرئ و كذلك المعيشي والسكني والخدماتي السئ لكثير من ابناء الشعب.
3- ان حق تقرير المصير يبقى منوط بارادة الشعوب نفسها وهو ليس هبة من هذا الديكتاتور او ذاك المتعسف ولكن يجب ان يقترن ذلك بعدم ايواء الفاسدين كما يجب ان يرتبط بنظام ديمقراطي سياسي يلبي تطلعات الجماهير التي سحقتها الانظمة الديكتاتوريه وان لايتحول هذا السحق والتدمير الى وسيله لصعود البعض والاستفادة الشخصية من ثمرة تضحيات الشعوب التي لن يدافع عن حق تقرير مصيرها غيرها ان تعرض هذا الحق للانتهاك او الالتفاف مرة اخرى وان يكون الحكام شجعان في اقرار ذلك وهذا بدوره سيكون بلا شك عنصر قوة لاضعف لهم.
4- ان قضية انزال العلم العراقي وما فجرته من الزوابع الكبيرة ما هي الا القشه التي اغرقت سفينة المسيرة المتخمه في بحر من سلبيات الانظمة بعد التغيير التي من ابرز مساوئها ان الكل المكون للسلطه في العراق لا يثق بالكل ولكل حزب او طائفه او عرق له اجنده خاصه به وصار شعار الجميع (قل كل شئ الا الحقيقه) مما ولد ازمة ثقه حادة لدى الجميع من الجميع مما ساهم في حفر خندق لتعميق الهوة بين الشعب والحكومة عبر اكثر من ثلاث سنوات ونصف.
5- التفاوت الكبير بين اعلى راتب وبين اقل راتب وهذا لم يحصل عبر جميع حكومات العراق من تشكيل الدوله العراقيه عام 1921 ولحد مجلس الحكم والحكومات التي جاءت بعده.
6- يوجد عامل مهم واساسي وقد اهمل تماما هو ان العداء لامريكا اصبح ثقافة رسميه للشارع العراقي منذ هيمنة اليسار سياسيا وتعبئته للجماهير عبر قرون خلت ولحين مجئ حكم السلطات القومية التي زايدت اكثر وهي تنتهج بل تسير بسياستين ازدواجيتين دجنت الجماهير المغلوبة على امرها برياء ثقافي الغرض منه التسطيح الفكري لخلق بيئة اجتماعية متخلفة باسم الدين تارة وباسم القومية تارة اخرى لحماية نفسها والانكى من ذلك ان البديل لم يكن صادقا في توجهاته بعد التغيير .بل اعطى من الوعود ما يكفي لنزع ثقة الجماهير منه ومن بين ابرز العوامل التي وضعته على محك الوفاء السياسي انتهاك سيادة العراق رسميا ولم تنفع كل مراسيم تسليم السياده ابتداء من مراسيم (بريمر وحكومة اياد علاوي) والاعلان الرسمي لقيام حكومة وطنية ولحد الان لايستطيع الوزير العراقي السير بسيارته امام الدبابة الاميركية وهذا يعني لدى المواطن الذي خرج للانتخابات وتعريض البعض من المواطنين للاستشهاد بان يصاب بخيبة امل كبيرة لم تستطع الحكومة اعادة الثقه اليه بها .
7- بغض النظر عن جميع التبريرات التي قد اتفق مع بعضها واختلف مع البعض الاخر .ولكن يبقى الشعب العراقي لا يفكر كما تفكر النخب حيث من المستحيل وهذه الحقيقة لم تعد خاصه بالشعب العراقي بل حقيقة مطلقة ان النخب في كل الشعوب تبقى طلائع خلقتها ضروف واسباب وعوامل خاصة بكل مثقف بشكل خاص وجميع النخب بشكل عام .
فكيف الحال ووجود الفضائيات التي تصنع اسباب التمرد صناعة تكنيكية متقنه تفوق بتاثيرها الاف الاسباب والعوامل التي كانت تحركها الاحزاب المعارضه قبل عشر سنوات وبالاف المرات .مع تكبير حجم السلبيات واضهارها اعلاميا بمظاهر رائعة الاتقان كبيرة في هدمها وهي كثر .
8- لازال العلاج قائم ويحمل نفس القوة ان توفرت الشجاعه في اقرار الواقع العراقي الراهن بكل مواصفاته السياسية والاقتصادية الداخلية منها والخارجية قبل الوصول الى حقول الالغام التي ستفجر الجميع ان اقترب منها وعلى طريقة غروميكو(حوار سنين افضل من حرب ساعه) وسيخسر الجميع ان لم تتدارك النخب الحاكمة خطورة ماسيحدث .على ان يؤخذ بنظر الاعتبار مايلي:
ان الديمقراطية قد اتاحت للشعب القوة بالرغم من كل محاولات الاغتيال التي تعرضت وستتعرض لها في المستقبل وستكون عنصر وعي اكثر بحجم الفساد والفاسدين و سيحاسب بشدة كل الطغاة الذين صنعتهم ضروف الانفلات السياسي والامني والفوضى الاقتصادية و لم يتَعضوا من درس الماضي القريب وان الاصطفاف الطائفي والعرقي لاولن يكون بديلا عن اصطفاف الشعب ديمقراطيا ووطنيا بما يعجَل من خلق بيئة ديمقراطية توفر للفرد العراقي عربي او غير عربي معرفة من سينتخب ولمن سيرفض ووفق اية حالة سيقرر هو مصيره باعتبارذلك شان من شؤنه وعلى اساس اي برنامج سيصوت. وهل سيكون التصويت طائفي طائفي ام طائفي عرقي ام وفق مبادئ العمل الديمقراطي التي لازالت هي الاخرى بحاجة الى صياغة قوانين قابلة للتطبيق لا كما جاء في بعض مواد الدستور التي انتهكت فيها معظم البنود ذات الصله بحرية الفرد والمجتمع.
وقول الجواهري
ومن لم يتَعظ لغدٍ بامسٍ
وان كان الذكي هو البليد

الباحث الاقتصادي عبد الاخوة التميمي