إن كنت عربيا، تعيش في الوطن العربي وتتقن التحدث باللغة العربية الفصيحة أو تكاد تتقن ذلك ، فمن المؤكد أنك تعاني من حالة اكتئاب مزمن. ولإكتئابك أسباب ذات جذورعميقة يصعب اقتلاعها.
اكتئابك سببته القنوات الفضائية العربية، التي قضت سنوات تستهل نشراتها الإخبارية بهرولة بين جثث عراقية ووثبات عالية فوق مبان مهدمة في لبنان. تلك الفضائيات التي ما زالت تختم نشراتها بإحصائيات quot;مبدئيةquot; لعدد الشهداء العرب دون أن تنسى تذكيرك بصعوبة الحصول على إحصائيات دقيقة بسبب quot;تناثر الأشلاءquot; أو quot;لعدم تمكن فرق الإنقاذ من انتشال جميع الجثث من تحت الأنقاض.quot;
أو ربما كان سبب كآبتك عدم قدرتك على تصور مستقبل أطفالك. فهل يكونون أكثر حظا من أطفال الضاحية الجنوبية؟ أتلاحقهم القنابل الذكية في لعبة غميضه أم تغني لهم الطائرات الإسرائيلية تهويدة الموت؟
ولنحلل حالتك عن كثب ... لعل السبب يكمن في رغبتك الشديدة بالاحساس بالنصر. ولكنك ما تلبث أن تفتح فاهك لتقول أنك قد حققت النصر في لبنان تعلوا عشرات الأصوات لتنازعك عليه أو لتجادلك في حقيقته.
يعني (اجت الحزينة تفرح ما لقت لها مطرح)
فلنفكر سويا عزيزي القارىء هل هناك اي علاقة بين سرقة نصر طال انتظاره وكآبتك؟
وهل من السخيف أن أربط بين حالتك هذه وبين أشيب يعيش في بيته الأبيض وينظر حول شرق أوسط جديد في حين تفصل البحار ما بينه و بين رائحة الموت ؟
فلتتقبل اعتذاري عزيزي القارىء إنها فكرة سخيفة حقا!
عزيزي القارىء تعددت الأسباب والإكتئاب واحد. ولا بأس إن كنت تحتاج وقتا أطول للتفكير في الأسباب فأطفال لبنان لا يعولون عليك لتنقذ أرواحهم ونساء العراق لا يجدن فيك المعتصم. وشيوخ فلسطين قد فقدوا الأمل في وجود من يحميهم ممن لا يحترم كبرتهم.
فلا يخفى عليك وأنت بكامل رشاقتك الذهنية أنك تعيش بوطن فيه quot;كل مين إيدوا إلوquot;... وهذا عزيزي القارىء هو سبب كآبتك.