حرب الاعتداء الإسرائيلية على لبنان لولادة شرق أوسط جديد كما صرحت به وزيرة الخارجية الأمريكية كوندو ليزا رايس تستحق أن تلقب بحرب المغامرات. إذ رافقت هذه الحرب التي استمرت 33 يوما. الكثير من الإحداث والمواقف والبيانات... التي صُنفت من أطراف ما بأنها مغامرات.
منذ انطلاق شرارة الحرب (بعد ما تمكن جند حزب الله من اسر جنديين إسرائيليين للمساومة والتفاوض غير المباشر على إطلاق سراح اسر لبنانين وعرب من سجون الاحتلال الإسرائيلي). أصدرت بعض دول المنطقة بيانات سريعة وتصريحات قوية تصف ما حدث بأنه مغامرة يفتقد للتعقل، وعلى من قام بالاستفزاز تحمل المسؤولية لوحده.
وقد وُصف هذا الموقف بأنه مغامرة أكثر خطورة hellip; بسبب الاستعجال في اتخاذ هذا الموقف...
ورد حزب الله على ذلك القول الكلام بأنه لا يخجل بان يسمى ما قام به مغامرة. مغامرة اتجاه الحق واستعادة الكرامة. معترفا بأنه لم يكن يتوقع حجم ردود الفعل من العدو الإسرائيلي اتجاه المدنيين وتوسيع رقعة ومدة الحرب، أو مواقف الأنظمة العربية التي شكلت غطاءا شرعيا لإسرائيل لاستباحة لبنان وتصفية الحزب، أو من قبل بعض التيارات داخل لبنان.
دخول إسرائيل في الحرب بهذه الطريقة وبهذه القسوة وبهذا الغرور والغطرسة على أنها قادرة على سحق حزب الله، وتغيير رسم خريطة لبنان، وفرض شرق أوسط جديد خلال ساعات أو أيام فقط. عبر استخدام جميع الآليات والمعدات العسكرية المتطورة مستفيدة من الغطاء الشرعي الدولي.(حيث ألقى الطيران الحربي quot; الإسرائيليquot; على الأراضي اللبنانية خلال الحرب ما يزيد على مليون ومئتي ألف قنبلة في الأيام الثلاثة الأخيرة من الحرب). كانت مغامرة سوادية أدت إلى كشف عورات زيف القوة العسكرية الإسرائيلية التي لا تقهر...، وسقوط عدد كبير من الجنود، وتعرض العمق الإسرائيلي للنيران العربية لأول مرة منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية، وشعور الشعب الإسرائيلي لأول مرة بالرعب، بالإضافة إلى سقوط أسماء كبيرة وتدحرج رؤوس مسؤولين وترنح البعض الآخر، ودخول إسرائيل في أزمة داخلية سيكون لها آثار سلبية في المستقبل.
وموقف أمريكا كمخطط ومشجع وداعم رئيسي لإسرائيل في الحرب من خلال دعمها السياسي والعسكري ومدها بالأسلحة الفائقة القتل والدمار - بعدما عجزت الأسلحة الإسرائيلية من القضاء على المقاومة-، وتسخير جميع الامكانات الأمريكية الهائلة من أقمار تجسسية واستخباراتية وإعلامية، ودعمها بالمواقف السياسية في الأمم المتحدة، وتبرير جرائم إسرائيل، ورفضها المتكرر لإيقاف الحرب على أمل ولادة شرق أوسط جديد على أشلاء أطفال لبنان... يعتبر مغامرة خاسرة لأمريكا التي لها مصالح مع الشعب العربي والإسلامي ولها جنود على أراضي عربية. حيث ساهم هذا الموقف في زيادة حالة الكراهية والمقاومة للجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان.
كما أدت إلى زعزعة كرسي بلير لمغامرته اللعينة بالدخول في دعم إسرائيل غير المحدود خلال عملية الاعتداء على لبنان.
وهذه المغامرة الظالمة كشفت عن الوجه الحقيقي القبيح للادراة الأمريكية والبريطانية اتجاه العرب بالتحديد.
فتوى الشيخ ابن جبرين بحرمة التمكين والنصرة والدعاء والدعم لحزب الله كانت مغامرة مريبة من العيار الثقيل أشعلت النعرات الطائفية بين المسلمين في وقت خطر جدا حيث كانت الأمة الإسلامية والعربية في حالة حرب حقيقة مع العدو الذي يحتل أرضا عربية ويشرد أهلها، ويحاول فرض هيمنته على المنطقة من خلال هذه الحرب. وقد تعرضت الفتوى ومن تبناها إلى نقد شديد من قبل علماء الأمة الإسلامية.
ومن المغامرات.... في فترة الحرب السادسة الدور غير المسؤول الذي مارسه اغلب الإعلام العربي في تغطية الحرب.. حيث حاولت بعض الجهات الإعلامية تهميش ما يحدث على لبنان من اعتداء، والبعض الأخر انشغل في تبني مواقف لا تخدم موقف لبنان والأمة، والبعض حاول بكل ما يستطيع لتضخيم الصور السلبية التي تقع على لبنان وتسجيل الخسائر، والتقليل من حجم الانتصار والصمودhellip;، ونقل ما يحدث لدى إسرائيل من قلق وتوتر وخوف وخسائر. وهناك من غير رأيه وتراجع عن مواقفه بعدم شاهد أن الشارع العربي والإسلامي والعالمي تجاوزه.
ومن المغامرات العجيبة في حرب الأخيرة التي ستسجل في التاريخ من النوادر... ما قام به العرب من استصغار وتخاذل عندما اخذوا الأذن المسبق من عند من يقوم بالاعتداء على لبنان وشعبه ويصنف بأنه عدو حربي quot;إسرائيلquot; للسفر إلى لبنان لعقد مؤتمر وزراء الخارجية هناك.
كما ان إرسال قوات اليونيفل الدولية المتعددة الجنسيات إلى جنوب لبنان - الهدف الأساسي منها حماية إسرائيل من تسلل المقاومة- ربما تكون مغامرة خطيرة على لبنان والمنطقة إذ تم تسييسها لأجندة معينة ومأرب خاصة لا تخدم المصلحة الوطنية اللبنانية، وهناك بوادر لذلك.
لقد انتهت الحرب بدون أن يتم القضاء على حزب الله أو تجريده من سلاحه أو إضعافه على الصعيد السياسي أو الشعبي. وبدون أن يتم تحرير الأسرى الإسرائيليين، أو فرض أجندة الشرق الأوسط الجديد على المنطقة... برغم الشهداء والجرحى والخسائر المادية الفادحة... بينما الواقع يقول إن المقاومة اللبنانية - حزب الله- أصبح أكثر قوة وشعبية داخل وخارج لبنان. والأعظم من ذلك أن أبناء الأمتين العربية والإسلامية وعبر صمود حزب الله أصبحوا أكثر وعيا ونضوجا لحصولهم على تاج الكرامة، والعزة. وان إسرائيل فقدت الهيبة وانكشفت بأنها ضعيفة أمام استخدم توازن الرعب الأسلوب الذي تستخدمه بشكل دائم.
لقد احتفل حزب الله ومؤيدوه في آخر جمعة من شهر شعبان بالانتصار في الضاحية الجنوبية التي أبت أن تموت بعدما تعرضت لأشرس قصف طوال فترة الحرب، بحضور السيد حسن نصر الله - المستهدف من قبل إسرائيل-. وبمشاركة جمهور غفير... أراد أن يرسل رسالة من خلال تواجده بأنه يدعم المغامرين الصامدين.
علي آل غراش
هل حقا انتصر المغامرون؟
التعليقات