لماذا إستعداء الشيعة العراقيين؟

الحملة الغريبة من نوعها و حجمها المتباکية على دکتاتور العراق السابق، تؤکد مرة أخرى ضحالة

وفي السياق التضليلي غير الواقعي للإعلام العربي، تتم عملية تعرض مشبوهة و غير مسبوقة بحق الشيعة العراقيين و تصويرهم وکأنهم مجرد قطعان خراف تابعة للفرسquot;الصفويينquot;يسيرونهم حيثما أرادوا، حتى أصبح الامر وکأنه عملية إستلاب و حرف تأريخية أخرى بعد الامويين بحق الشيعة، فترى قنوات تلفزيونية و إذاعية عديدة تخصص برامجها للنيل و الإنتقاص من الشيعة وکإنها طائفة غريبة على الدين الاسلامي أو کإنها تأسست على يد الفرسquot;المجوس الصفويينquot;، ولعمري أن کل ذلک محض إفتراء و ضحک مفضوح على ذقون العرب أنفسهم، ذلک إن الشيعة العراقيين و بشهادة العديد من المراجع التأريخية قد أثبتوا صدق ولائهم للدين الاسلامي و لوطنهم وإنهم کانوا دوما فوق الشبهات و ماأثير و يثار حولهم لايزيد أطلاقا على حلقة جديدة أخرى من حلقاتquot;الصراع الطائفي المقيتquot;.

لقد کان الاولى بالاعلام العربي أن يميز وبشکل واضح بين الاتجاه السياسي السائد و بين الواقع الشعبي المعاش فبين الامرين بون شاسع لا يردمه الکذب و الادعاء الباطل، فقد أجرم الرئيس العراقي السابق بحق الشعب العراقي عموما وبحق شرائح محددة ومنها الشيعة و الکورد بشکل خاص، وإن السعي لرفع أو تغيير سياق هذا الاجرام تحت مظلةquot;أعذار واهيةquot;تتجلى أهمها في إعدام الدکتاتور السابق عشية عيد الاضحى المبارک، هو سعي باطل و لاطائل من ورائه سوى حرف الحقيقة عن سياقها الواقعي، ومهما يحاول الانسان فإنه ليس بمقدوره أن يجعل الحق باطلا أو العکس، کما ليس بوسعه أن يجعل من النبيل وضيعا، غير أن الاعلام العربي وبشکل غير عادي يسعى جاهدا لجعل الدکتاتور المهزوم و السفاح بطلا و أسطورة وquot;أبا للشهداءquot; وquot;مظلوم عصره و زمانهquot;، ولعمري ان هذا المنطق هو نفس منطق الرئيس المعدوم حين کان يفرض رؤيته المفروضة على العراقيين لمختلف الامور.

إنهم يزعقون في عمان و الاراضي الفلسطينية و يقيمون مجالس عزاء و مئاتم في أرجاء عديدة من العالم العربي حزنا علىquot;فقيد الامةquot; وquot;فارسها المغوارquot;الذي إغتالته قوىquot;الشر و العدوانquot;، وهذه المظاهر تختفي تماما حين يتعلق الامر بواقع حالهم، إنهم يبحثون جاهدين عن ظاهرةquot;البطلquot; وquot;الاسطورةquot;وقد وجدوا في إعدام دکتاتور العراقquot;متنفساquot;وquot;مخرجاquot;لمحنتهم النفسية فصبوا جام غضبهم على شيعة العراق المظلومين، لکن هذه الوضعية البائسة سوف تؤکد مرة أخرى على أن رجالquot;نکسة الخامس من حزيرانquot;مازالوا يسيرون الامور في العالم العربي وإن منطق الخيال و أحلام اليقظة مازال طاغيا على الشارع العربي الذي هو بأشد الحاجة لمنقذ حقيقي وليس وهمي من أمثال صدام حسين.

إن بضعة أوراق من کتابquot;فلسفتناquot;أوquot;إقتصادناquot;أوquot;المدرسة القرآنيةquot;للشهيد الکبير محمد باقر الصدر الذي أعدمه الدکتاتور الراحل ظلما و عدوانا تساوي کل النظام السياسي الذي بناه البعث المقبور طوال أکثر من ثلاثة عقود وأقرأوا فيما خلف هذا الرجل العظيم وفيما خلفه ذلک الدعي الافاق الذي کان فتنة في موته مثلما کان فتنة في حياته لترون الفرق بين الثريا و الثرى.

نزار جاف

[email protected]