عندما يقول المالكي أن مسألة إعدام صدام حسين و الطريقة التي نفذت بها عملية الإعدام شأن داخلي، الطريقة و ما رافقها من أهازيج و هتافات و ما إلى ذلك، تلك المشاهد التي وضعت العالم أمام دكتاتور
اليوم و أنا أتابع هذا المسلسل المروع لما يحدث في العراق أقول أن على الأكراد الإنسحاب و العودة إلى كوردستان اليوم قبل الغد، لأنه هناك كوردي يحكم العراق، لكن من خارج المعادلة العراقية، فهو فقط رمز أو صورة داخل إطار لا أكثر، فعدم إعلامه بمكان و زمان عملية إعدام الطاغية صدام لهو إهانة للوجود السياسي الكوردي |
ولا ننسى أنهم بذلك ساعدو الطاغية على الخلاص من نيل الأحكام و العقوبات الأخرى التي كان يستحقها هذا الدكتاتور، وهذا يثبت عدم شرعية و قانونية إعدامه، لأنه نال عقاب جزء واحد من الشعب، في حين أنه متهم بإرتكاب جرائم أكبر في حق الأطياف الأخرى من الشعب العراقي..
و حين يقول المالكي أن إعدام صدام بتلك الطريقة هو شأن عراقي داخلي، إنما يقصد أنه يخرج الكورد و الطوائف الأخرى من المعادلة العراقية، و عليه يكون المالكي قد ثأر لنفسه و للشيعة فقط من الطاغية و ساعد على تهريبه من دائرة العدالة و أنقذه من عواقب أخرى كان سيواجهها بعد محاكمته بكل الجرائم التي إرتكبها..
اليوم و أنا أتابع هذا المسلسل المروع لما يحدث في العراق أقول أن على الأكراد الإنسحاب و العودة إلى كوردستان اليوم قبل الغد، لأنه هناك كوردي يحكم العراق، لكن من خارج المعادلة العراقية، فهو فقط رمز أو صورة داخل إطار لا أكثر، فعدم إعلامه بمكان و زمان عملية إعدام الطاغية صدام لهو إهانة للوجود السياسي الكوردي و للقرار الكوردي بالعودة و الإلتحاق مجدداً بالخارطة العراقية...
اقولها بصراحة أنني لم أندم لأنني لم أتابع مشاهد إعدام صدام حسين صبيحة أول أيام عيد الأضحى أي قبل يوم واحد من رحيل عام 2006 المصادف لـ 30 ديسمبر 2006، لماذا أترك هذا المنظر الشنيع في ذاكرتي المتعبة و المحملة بالوجع الأزلي و أزيده عفناً بمنظر موت آخر أبشع طاغية في الكون بتلك الطريقة غير الحضارية التي لم تحقق الحلم الكوردي بمحاكمته المحاكمة العادلة بكل الجرائم، كبيرة كانت أو صغيرة، و لن أندم لأنني لم أشاهد ذلك المنظر المقززبشكل كامل حتى الآن، لسبب بسيط آخر، لأن و بإعدامه بهذا الشكل المقزز، جعلوا منه دكتاتوراً في الصفوف الخلفية من قائمة جميع دكتاتوريي العالم...جعلوا منه دكتاتوراً صغيراً بإعدامه بجريمة واحدة الدجيل فقط التي راح ضحيتها 148 شخص فقط هذا أولاً!! ما من شك أن أي جريمة تذهب بسببها روح أو ألف فهي في النهاية جريمة، لكن ضحايا الدكتاتور لم يكونوا 148 فقط، كانوا بالملايين، و جرائمه كانت لا تعد و لا تحصى، لذلك فإعدامه على هذا النحو كانت جريمة أخرى بحق ضحايا الجرائم الأخرى التي إرتكبها هذا الطاغية و جريمة في حق أهالي ضحاياه من شهداء المقابر الجماعية و الأنفال و إستخدام السلاح الكيمياوي و هدم و حرق القرى و غيرها من الجرائم البشعة التي إرتكبها، و سبب آخر هو تلك الهتافات الطائفية و تسجيل تفاصيل إعدامه بتلك الطريقة، و عرضها في قنواة التلفزة و الفضائيات، بحيث و كما يقول المثل (إنقلب السحر على الساحر) فبدل إستقطاب الرأي العالمي و جذبه إلى معاناة العراقيين، تلك المناظر جعلت منهم، شعب متعطش للدماء و للقتل و أنه شعب يهلهل، و العالم كله يقول كما قالت لي جارتي صبيحة يوم تنفيذ عملية الإعدام: هل أن العراقيين كلهم شيعة؟ و أضافت: ما الفرق بين منظر الإرهابيين و هم يذبحون ضحاياهم، و هم يهتفون الله أكبر، عن هذا المنظر؟ فقد ربط العالم و بكل أسف بين مناظر قتل الضحايا الأبرياء من قبل الإرهابيين و بين مشاهد عملية إعدام الطاغية صدام.
فلكي تبدوا أرقى من الدكتاتور الذي يعدم، يجب أن تثبت للعالم أنك تختلف عنه، أن تثبت أولاً أنك حضاري، و أنك تطبق كل مباديء الديمقراطية، و بحضارية حتى أثناء إنزال حكم الإعدام بالطاغية..فما الذي يجعل الناس العاديون و الراقيون مختلفون عن أناس آخرين يوصفون بالبربرية و عن أولئك الذين يمارسون الظلم و الطغيان؟ بدون شك هو تصرفهم الراقي مع البشر، و حتى مع أعداءهم، و حتى عندما ينزلون أقسى و أعظم العقوبات بأكبر أعدائهم..
فقد إنقلب الرأي العالمي من ضد إلى متعاطف، حيث أن الكل كان متفق على أن صدام حسين يستحق عقوبة الإعدام، إلى أن شاهد العالم منظر إعدامه، بحيث كسب هذا الطاغية مشاعر الكثيرين في العالم، و ذلك نتيجة لسوء التخطيط لعملية الإعدام...
فأنظر اليوم الأصوات التي ترتفع و سترتفع أكثر مطالبين بإلغاء عقوبة الإعدام في العالم، لكي يفلت مرتكبوا جرائم ضد الإنسانية من عقاب القانون و الشعب، فهذه هي نتيجة مثل هذه المحاكمة غير الموزونة...
فينوس فائق
[email protected]
التعليقات