قبل أيام(26 سبتمبر/أيلول الماضي)، وبناءً على قرارٍ تقدم به السيناتور الديمقراطي والمرشح للإنتخابات الرئاسية القادمة جوزيف بيدن، وافق مجلس الشيوخ الأمريكي(بأغلبية 75 صوتاً مقابل 23) على مشروع قرار quot;غير ملزمquot;، حول خطة تقسيم العراق إلى ثلاث quot;فدراليات/دولquot;( كردستان+سنستان+شيعستان)، في إطار عراق quot;مركزيquot; ممثل بحكومة فدرالية في بغداد، quot;تتولى أمن وسلامة الحدود وعائدات النفطquot;. وهو الأمر الذي يعني تجديد البيت الأبيض لquot;ترخيصهquot; وquot;إعترافهquot;، رسمياً بquot;العراق المتعددquot;، كدولة متعددة، لا كدولةٍ واحدة، كما يُراد، أو يُتمنى له أن يكون.
القرار الأمريكي quot;العاليquot; هذا، رغم موافقة quot;الشيوخquot; الأمريكيين عليه، بالأغلبية، بإعتباره quot;قراراً غير ملزماًquot;، إلا أنه في واقع الحال، هو صك لإعتراف صريح بالعراق، مشطوراً إلى ثلاث quot;دولquot;، أو ربما، هو مشروع قرار مستقبلي، سيصبح quot;ملزماًquot;، وقت الحاجة، لتشطير العراق إلى ثلاث quot;عراقات: العراق الشيعي، والعراق السني، والعراق الكردي.
عربياً، جوبه القرار على المستويين الرسمي والشعبي، بمعارضة جداً شديدة.
الكلُّ، عارض، quot;منرفزاًquot;، مردداً الشعار quot;الدائمquot;، والجاهز للإطلاق، لدى كل حديث أو إتفاقٍ حول تقرير مصير العراق والعراقيين: quot;لا عراق يعلو على العراق العربي الواحد، ذو الهوية الإسلامية الواحدة، ولا شعب في العراق، غير وبعد الشعب العراقي(العربي/ المسلم) الواحدquot;.
أما عراقياً، فقد ترواح استقبال العراقيين(الرسميين منهم والشعبيين) له، بين الرفض الكثير والقبول القليل. فمنهم من رحبَ بالقرار واستبشر به خيراً لكل العراق والعراقيين(كما في كردستان العراق)؛ ومنهم من عاب على القرار/المشروع، لكونه جاء quot;ناقصاًquot; وفي غير مكانه أو زمانه؛ ومنهم من انتقده بشدة، لأنه quot;يخدم أعداء العروبة والإسلامquot;؛ ومنهم من وسمه بquot;القرار الإستعماري الجديد القديمquot;؛ واعتبره تمهيداً لتحقيق مشروع التقسيم quot;الشرق أوسطي الجديد، الصهيوني/ الأمريكيquot;، في بلاد العرب والإسلام؛ ومنهم من هاجمه ورفضه جملةً وتفصيلاً، واصفاً إياه بquot;القرار الكارثةquot;، لأن القرار جاء بquot;الضدquot; من إرادة العراق والعراقيين، الذين لهم كامل الحق، في أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم، بناءً على مصالح الداخل العراقي أولاً وأخيراً، لا وفقاً لمصالح quot;الخارج المتطاولquot; على العراق، وquot;المتدخل السافرquot; في شئونه...إلخ.
العراق الرسمي، ممثلاً ببعض كتله السياسية الرئيسية، ككتلة الإئتلاف العراقي الموحد/الشيعية بزعامة عبد العزيز الحكيم، وجبهة التوافق العراقية/السنية برئاسة عدنان الدليمي، والقائمة الوطنية العراقية/ الليبرالية، التي يتزعمها رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي، وكتلة الحوار الوطني/السنية ( القوموية) بزعامة صالح المطلك، بالإضافة إلى الكتلة الصدرية/ الشيعية quot;المتشددةquot;، بزعامة مقتدى الصدر، المنسحبة من الإئتلاف؛ كل هذا العراق(خلا العراق الكردي بزعامة كتلة التحالف الكردستاني/ القومية)، رفض قرار الكونغرس الأمريكي هذا، في بيانٍ مشترك، جاء فيه: quot; ان quot;القرار بصيغته المعلنة وابعاده الغامضة يتنافى مع جميع القواعد وقانون المجتمع الدولي ومؤسساته الشرعية التي تحفظ للشعوب حقها في تقرير مصيرهاquot;.
كما شددت هذه الكتل، على ضرورة مطالبة quot;مجلس النواب بعقد جلسة خاصة لمناقشة القرار والخروج بقانون يمنع تقسيم عراقهم تحت اي ذريعةquot;.
الملاحظ في هذا quot;الخطاب الرفضيquot; للبعض الأكبر من العراق الممثل بالكتل السياسية الآنفة الذكر، هو الخوف من quot;العراق المتعددquot; على quot; العراق الواحدquot;. بمعنى، الهاجس الأول والأخير، في ظاهر خطاب هذه الكتل السياسية، هو إنقاذ quot;العراق الواحدquot;، دولةً وشعباً، هويةً وديناً، جغرافيةً وتاريخاً، من quot;مخاطرquot; وتداعيات العراق المتعدد.
هذا quot;الخطاب الوحدويquot; الرافض لكل quot;تقسيمquot; ظاهراً، وكل quot;تعددquot; باطناً، لم يخرج بعد، على ما يبدو، في بعض مستوياته، من عباءة شعارات quot; الأمة الواحدة، والقومية الواحدة، والدين الواحد، والوطن الواحد، والشعب الواحد، والمصلحة الواحدة، ووووquot;.
ماذا يعني خطاب هذا quot;الغالب الرافضquot; من العراق، القاضي بquot; ضرورةquot; الخروج بقانون quot;وطنيquot;، من مجلس النواب quot;الوطنيين بالضرورةquot;، quot;يمنعquot; تقسيم quot;عراقنا/عراقهمquot; تحت أية ذريعةٍ كانت؟
الخطاب/البيان، يتمسك من جهة، بquot;ثوابتquot; المجتمع الدولي، وقوانينه، وقرارات مؤسساته الشرعية، التي quot;تحفظ للشعوب حقها في تقرير مصيرهاquot;، ولكنه ينقلب على هذه quot;الثوابت العالميةquot; وquot;شرعيتها الأمميةquot;، من الجهة الأخرى، ناكراً(ضمنياً)، على البعض الآخر من ذات العراق، نفس الحق في تقرير المصير، ونفس quot;الشرعية الدوليةquot;، في اختياره عراقاً كما يشاء، وذلك عبر quot;ضرورةquot; صك quot;قانون ضروريquot;، يمنع quot;بالضرورةquot;، منعاً باتاً، الخروج من وعلى quot;العراق الواحد الموحدquot;، وquot;ثوابته المقدسةquot;، القومية، والدينية، والعصبوية.
فكيف لهذا العراق quot;الممنوعquot; أن يعيش مع ذاك العراق quot;المسموح بهquot;؟
كيف لهذا العراق الهامش المتعدد، أن يندمج مع ذاك العراق المتن الواحد الأحد؟
لماذا كل هذا الإصرار على quot;العراق الواحدquot;، والعراق بطبيعته كثير بقومياته، وأديانه، وطوائفه، ومكوناته؟
هل الإصرار على شعار quot;العراق واحدquot;، يلغي حقيقة العراقي الراهن، الذي بات يسعى إلى أكثر من عراق؟
لماذا كل هذا التهويل من خطر quot;الخارج الإستعماريquot; بquot;تقسيم العراقquot;، وquot;الداخل العراقيquot; مقسم أصلاً، على نفسه وبين نفسه؟
ما الجدوى من quot;العراق الواحدquot;(كما الوطن العربي الواحد)، طالما أنه لم يصبح quot;وطناًquot; بالتساوي، لكل quot;المواطنينquot; العراقيين؟
ما العقل في quot;عراقٍ واحدquot;، يعيش quot;مواطَناتٍquot; كثيرة: مواطَنة شيعية، مواطَنة سنية، مواطَنة كردية، مواطَنة تركمانية، مواطَنة آشورية....إلخ؟
لماذا يُرفَض ويُمنع quot;العراق المتعددquot;، دولاً أو فدراليات، طالما في quot;العراق الواحدquot;، جبراً، السني يرفض الشيعي(وبالعكس)، والكردي يرفض الإثنين(وبالعكس)، والتركماني والآشوري يرفضان الكردي(وبالعكس)، والكل يرفض الكل؟
أليس حال الquot;يوغسلافياتquot; المتعددة، الراهنة، هنا مثالاً، وحال شعوبها، أفضل بكثير، من حال quot;يوغسلافياquot; الديكتاتورية، الواحدة، السابقة؟
لماذا كل هذا الخوف من quot;العراق المتعددquot;، طالما العراقيون يريدونه ويعيشونه، في الليل كما في النهار، في quot;شمال العراق/ كردستانquot;، كما في الوسط وفي الجنوب؟
مهما تمسك quot;الخطاب الوحدويquot;، بذاك quot;الثابتquot; من العراق الغير مسموح بالتعدد والكثرة؛ ومهما رسم صناعه ومهندسوه quot;خطوطاً حمراًquot;، تقضي بضرورة الحفاظ على quot;وحدته المقدسةquot;؛ ومهما بذل هؤلاء quot; الوحدويون الموحدونquot;، من جهودٍ قوميةٍ، أو quot;وطنيةٍquot;، أو quot;فوق وطنيةٍquot;، لإعادة العراق إلى quot;واحديتهquot;، فإن العراق الواقع قد تحوّل، ولم يعد quot;عراقاً واحداًquot;، ثابتاً، كما يُراد(وأريد له من قبل) أن يكون.
صحيحٌ، أن مسألة القبول بالبقاء في عراق واحدٍ موحَد، أو الخروج منه، هي مسألة عراقية محضة، تخص العراقيين أولاً وأخيراً، ولهم وحدهم، يعود الحق، في تقريرهم لمصيرهم ومصير عراقهم(واحداً أو متعدداً) بأنفسهم، إلا أن العراق الواقع، بات عراقاً quot;صعباًquot;: هو عراقٌ صعبٌ، لأنه quot;تحركquot; كثيراً، وquot;تعددquot; كثيراً، وquot;تلخبطquot; كثيراً، وتحول إلى أكثر من عراق.
العراق، لم يعد واحداً، سواء شئنا أم أبينا، أشاء العراقيون أم أبوا، أشاءت أمريكا أو لم تشأ.
هكذا، يقول العراق اليومي؛ هكذا تقول الكتل والتحالفات السياسية اليومية؛ هكذا يقول البرلمان والحكومة العراقيَين؛ هكذا يقول مجلس الرئاسة؛ هكذا يقول رئيس الحكومة الشيعي؛ ورئيس الجمهورية الكردي، ورئيس البرلمان السني، ونوابهم الموزعين quot;على الليبرةquot;، حسب quot;القبان الطائفي والعرقيquot;، بإمتياز، لا حسب quot;قبان العراق الكفوءquot;.
قرار الكونغرس الأمريكي، هو قرار أكثر واقعيةً، من خطاب quot;العراق الواحدquot;، لأنه يترجم الحالة العراقية الراهنة، ويقدمها بلا رتوش، بلا ماكياج، أو مساحيق تجميل، وبلا شعارات كبيرة، قومية أو وطنية، وبلا مزايدات، أو وطنياتٍ ساخنة.
العراق المقدّم، أمريكياً، بلا مقدمات أو خواتيم، هو quot;عراقٌ يعيشquot;، بشحمه ولحمه، يومياً، بين أبنائه، بمختلف قومياتهم، وأديانهم، وطوائفهم، واتجاهاتهم، وأحزابهم.
عراق quot;الوحدويينquot; هذا، هو، على ما يبدو، عراق quot;للزينة الوطنية والقوميةquot;، مثلما كان الوحدويون(ولايزالون) يزينون مؤتمراتهم القطرية والقومية، بشعاراتٍ من هذا القبيل، كquot;الوحدة والحرية والإشتراكيةquot; وquot;الأمة العربية الواحدة، ذات الرسالة الأبدية الخالدةquot;.
العراق المقترح، الأن، أمريكياً، هو quot;عراق يمشي على الأرضquot;، بين أبنائه(شيعةً، وسنةً، وكرداً، وآشوريين، وكلدانيين، وتركمانيين، ومسحيين، وصابئة، ويهوديين، وإيزيديين، وشبك، وفيليين، وكاكائيين، وبهائيين... الخ) يومياً، وعلى مدار الموت المفخخ، كما الحياة المفخخة؛ على مدار بغداد، والبصرة، وكربلاء، والنجف، والموصل، وهولير.
العراق الواحد، كما تعلنه بعض النخب والكتل السياسية الحاكمة والمعارضة، بات quot;عراقاً شعاراًquot; فحسب. هذا quot;العراق المنادى بهquot;، صار quot; عراقاً بعيداًquot;، لأن quot;العراقاتquot; المتشكلة الراهنة، تقول أن للشيعي عراق، وللسني عراق، كما للكردي عراقه الواضح والصريح، برئيسه الواضح، وبرلمانه وحكومته الواضحين. هذا عدا عن quot;العراقاتquot; الأخرى الخجولة، أو شبيهاتها، التي هي في طريقها إلى التبلور والتكوين، تحت هذا المسمى أو ذاك، كالعراق التركماني، والعراق الآشوري، وسوى ذلك من عراقاتٍ، تُطرح أجنداتها هنا وهناك.
quot;العراق المتعددquot; المقرّر، أمريكياً، هو عراقٌ quot;أقربquot; بكثير إلى الواقع والمعاش، من quot;العراق الواحدquot;، ليس لأن أمريكا هكذا تريد، فحسب، وإنما لأن العراقيين أنفسهم، يمارسونه، شيعياً، وسنياً، وكردياً، وتركمانياً، وآشورياً، أيضاً.
فالكردي، في كردستانه، يمارس عراقه الخاص به: برلمان خاص، حكومة خاصة، ورئيس خاص، وبيشمركة خاصة، ومخابرات خاصة، وميزانية خاصة، وبوابات حدودية خاصة، واتفاقيات خاصة.
والشيعي، في quot;شيعستانهquot;، له عراقه الخاص، وquot;حوزتهquot; الخاصة، وحسينياته الخاصة، وميليشياته الخاصة، وquot;فرقهquot; الخاصة، وعلاقاته الخارجية الخاصة، وquot;حرسهquot; الخاص، وأصدقاؤه الخاصين، ومناسباته الخاصة، وثاراته الخاصة.
وكذا السني، في quot;سنستانهquot;، يريد العراق(وربما كل العراق)، خاصاً به، حيث له quot;هيئتهquot; الخاصة، بعلمائه الخاصين، ومسجده الخاص، وفتاواه الخاصة، وquot;مقاومتهquot; الخاصة، وquot;جيرانهquot; وquot;أشقاؤهquot; الخاصين، وquot;ديرهquot; الخاصة، وquot;الأيادي الأخويةquot; المدودة إليه، المتعاونه معه، بخاصة.
ولنأخذ كركوك هنا مثالاً، بإعتبارها واحدةً من أكثر quot;العراقات المتنازع عليهاquot; استعصاءً وإشكاليةً، فسوف نجد فيها أكثر من عراق: عراقٌ لأمريكا، عراقٌ للكرد، وعراق للشيعة، وعرب للسنة، وعراق للتركمان.
quot;خطابquot; وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري(الشرق الأوسط اللندنية، 29 سبتمبر/أيلول)،، كان(برأيي) واحداً من أكثر الخطابات العراقية(حكومة+معارضة) حنكةً، ومرونةً، وواقعيةً، في تعاملها مع هذا القرار quot;الغير ملزمquot;، المشرّع أمريكياً، القاضي بquot;تقسيمquot; العراق أو quot;تشطيرهquot; إلى ثلاث دول/فدراليات، وفق أسس quot;طائفية وعرقيةquot;، ضمن quot;دولة بغدادquot; المركز، كquot;أنجعquot; سبيل لحل quot;المأزق الأمني الذي تمر به البلاد حالياًquot;.
فهو من موقعه كمسؤول رفيع، في quot;هندسةquot; السياسة الخارجية العراقية الراهنة، quot;اختلفquot; مع القرار من جهة، قائلاً: quot;أن هذا القرار يختلف بالتأكيد عن الفيدرالية التي اختارها العراقيون في دستورهمquot;. وأن quot;كل العراقيين متفقون على عدم التقسيم وحتى الفيدرالية، التي أقرها الدستور ستكون على أساس جغراقي، وليست على أساس عرقي وطائفيquot;.
أما كسياسي quot;يشوفquot; ويعيش quot;العراق الواقعquot;، فإنه قرأ القرار، ودرس خلفياته، بواقعيةٍ، من جهةٍ أخرى، حين قال: quot;ان ما يجري حاليا هو نقاش حاد سياسي حول العراق داخل الولايات المتحدة وأن المسألة العراقية لم تعد محظورة على السياسة الخارجية الأميركية، وأصبحت جزءا من النقاش الداخلي للسياسة الأميركية. وكما هو واضح أن كل مجموعة سياسية تحاول طرح تصوراتها واستراتيجتها للخروج من هذا المأزق، وان فكرة تقسيم العراق الى ثلاث مناطق فيدرالية متأتية من أنه إذا لم يتمكن العراقيون من التعايش معاً، فالحل ضمن تصور أصحاب القرار هو فصل كل هذه الجماعات الإثنية والطائفية في المناطق التي تعيش فيها. وحيث تكون هناك حكومات تابعة للإقليم مع حكومة مركزية تتولى قضايا الدفاع والأمنquot;. وأضاف quot;أن فكرة القرار لا تصب باتجاه تقسيم العراق، على العكس مما صورته وسائل الإعلامquot;.
وعلى الرغم من أن زيباري quot;اعتقد أن هذا القرار غير صالح لأن كل العراقيين متفقون على عدم تقسيم البلدquot;، إلا أنه صرّح في الآن نفسه، بquot; ان مسألة الفيدرالية موجودة في الدستور وأصحاب القرار لم يأتوا بهذا المشروع من فراغ أو من بنات افكارهم، ولكن تنفيذ طريقة هذا النظام الفيدرالي هو شأن عراقيquot;. وquot;إن هذا القرار غير الملزم هو احد الحلول المطروحة للخروج من المأزق العراقيquot;.
الرجل، في رده على سؤالٍ فيما إذا هو quot;مع القرار او ضدهquot;، قال صراحةً: quot; انا لا استطيع أن أكون ضد أو مع هذا القرار وكل ما بينته هو شرح الخلفية وراء فكرة التقسيم، ولكن أؤكد بأني تماما ضد فكرة التقسيم، وفي الوقت ذاته انا مع النظام الفيدرالي، وهذا النظام نحن من يقرره وليست أية جهة خارجيةquot;.
إذن، الأمريكيون quot;قررواquot;، عملياً، ما يقولوه العراقيون يومياً، وما يقوله راهن العراق السياسي، والعرقي، والديني، والطائفي، والحزبي.
مهما تشدق quot;الوحدويونquot;، في ظاهر خطاباتهم، وظاهر نياتهم، وأحزابهم، وإتجاهاتهم، بquot;قدسيةquot; العراق الواحد، فإن الباطن، كما الظاهر من العراق والعراقيين، يقولان أن عراق اليوم، قد تشتت وآلَ إلى quot;عراقاتquot;: عراق الدين، وعراق العرق، وعراق الطائفة، وعراق الحزب، وعراق القبيلة، وعراق quot;اليد الخارجيةquot;، وعراق quot;إيرانquot;، وعراق quot;سورياquot;، وعراق quot;تركياquot;، وعراق quot;أمريكاquot;، وعراق quot;القاعدةquot;...إلخ.
العملية السياسية في مجمل العراق، تسير وفقاً للتشخيص الأمريكي، الذي سمّى المسميات العراقية بأسمائها الحقيقية، كما سمّى العراق بأسماء quot;عراقاته الراهنةquot;، الحقيقية، المتعددة.
أليست كتلة الإئتلاف العراقي، والتي حازت على 128 مقعداً، كتلةً شيعيةً 100% وتعمل لصالح لquot;شيعستانquot;؟
أليست كتلة التحالف الكردستاني، التي حازت على 53 مقعداً، كتلةً كرديةً 100%، وتسعى لquot;كردستانquot;.
أليست كتلة جبهة التوافق، الحائزة على 44 مقعداً، كتلةً سنيةً 100%، وتكر وتفر من أجل quot;سنستانquot;؟
أليست تلك، هي الكتل الأكثر فاعليةً، وتمثيلاً، لquot;عراقاتquot; العراق؟
quot;العراق الواحدquot;، بات عراقاً quot;خبراًquot;، لquot;كانquot; الماضية، وأخواتها من quot;الناقصات، الماضيات.
الكل quot;يريدquot; العراق، نظرياً، واحداً، موحداً، quot;مقدساًquot;، وهم في الواقع، عملياً، يعيشون quot;العراقاتquot; الكثيرة، quot;المدنّسةquot;.
الكل يستعشر، بالعراق، واحداً، موحداً، وكلٌّ في حقيقته، يمثل quot;عراقهquot; الخاص(لا بل الخصوصي)، في أكثر من عراق.
أن يتشتت كثيراً؛ أن يعيش كثيراً؛ أن ينقسم على نفسه كثيراً؛ وأن يتجزأ ضمن quot;دولة بغدادquot; أو خارجها، كثيراً...فذلك هو الراهن(وربما القادم الذي على الجرّار) من العراق.
تلك هي quot;سنةquot; الحياة الراهنة في العراق.
تلك هي quot;سنةquot; العراق الراهن في الحياة.
التعليقات