في المجتمعات القبليه والبدويه يكون لكل عشيره أو قبيله شيخ يحكم بين أفرادها ويتم أختياره أما لحكمته أو مركزه المالي أو لقوته... ودور شيخ العرب هذا أن يحل المنازعات بين أبناء العشيره بدفع الديه مثلا في حالة قتل شخص لأخر أو أعتداءه عليه...وهذه الديه تتوقف علي من هو المعتدي ومن هو المعتدي عليه.فكلما قل شأن المعتدي عليه كلما قلت قيمة الديه...وليس للعبيد ديه علي الأطلاق.ومن طرق حل المشاكل الشائعه في هذه المجتمعات البدائيه هي جلسات الصلح التي تعقد بين الأسر أو العشائر المتنازعه للوصول الي حل يحقن دماء الجميع.


ويبدو لي أن مصر بحضارتها العريقه وبكل أجهزتها قررت أن تعود الي النظام القبلي القديم.فقد أكتشفت الدوله بكل أجهزة أمنها أن هذا النظام فيه عوده الي السلف الصالح وفيه خلاص مصر من كل مشاكلها القديمه والجديده!! وقامت بدور شيخ العرب هذه المره أجهزة الأمن المصريه...فعقدت جلسة صلح عرفي بين المعتدين و المعتدي عليهم في قرية بمها بمركز العياط وتم عقد مجلس الصلح هذا من ستة أشخاص بينهم قبطي واحد...وبنفس الطريقه القديمه التي تعطي للقوي كل الحق وللضعيف كل الذل...تم عقد صلح أجباري مجحف فالأقباط لم يقبلوا أي تعويضات...ويمكن لهم الصلاه في المكان الذي كان قد وافق عليه وحدده المسلمون من قبل أحداث الجمعه 11 مايو بعدة أسابيع ولكن هذه الكنيسه التي وافقوا عليها يجب أن تكون بلا جرس،بلا صليب،بلا مذبح ولا قبه...! أنها كنيسه بمفهوم هؤلاء المتطرفيين اللذين أرهقوا الدوله وأرهقونا..هذا هو الصلح العظيم الذي جعل جريدة الأهرام الوطنيه تطل علينا بعناويين كبيره تبشر بأنتهاء الفتنه في قرية بمها.و هذا ما يريدونه مرة أخرى من الأقباط فى مصر بعد أعتدائات أسنا، الصلح دون شرط و ربما الأعتزار أيضاً للمحافظه على الوحده الوطنيه.


وهنا أتساءل..أى دوله هذه التي غيبت قانونها ودستورها ونظامها الأمني وقضائها لتستعيض عنه بنظام شيخ العرب؟.
أي دوله هذه التي تنتظر أن يحترمها ويحترم قانونها متطرفون يزدادون عددآ وجرأه بسبب هذا النظام الذي لا يعاقب جاني طالما جريمته ضد مواطن قبطي؟.كيف ننتظر أنتهاء هذا التطرف وهذه الأعتداءات المتكرره والمتزايده ضد المواطنين المصريين الأقباط؟وأذا تنازل الأقباط مجبرين عن حقوقهم المدنيه فأين الشق الجنائي في الأمر كيف تتنازل الدوله عنه وهذا مخالفآ للقانون؟...وال متي يستمر القضاه في مصر في تبرئة المعتدين علي الأقباط كما حدث مره أخري يوم 12 مايو بتبرئة جميع المتهمين في أعتدائات العديسات التي حدثت في يناير 2006 وراح ضحيتها أحد الأقباط و مات طفل فزعاً مما رآه غير المصابين والخسائر الماديه...وبعد جلسات شيخ العرب هذه تم الحكم ببراءة الجميع!!!! مئات الأقباط قتلوا علي يد متطرفين مسلمين منذ أحداث الخانكه سنة 1972 وحتي الأن ولم يحكم بأعدام شخص واحد في كل هذه الأحداث... رغم صدور مثل هذه الأحكام أذا كان الأعتداء علي الدوله أو السياحه أو حتي علي مسلم عادي.... فألي متي يتم أستخدام الماده الثانيه من الدستور المصري من جانب القضاه لتبرئة المعتدين و تغييب القانون المدني والجنائي وتفعيل الشريعه الأسلاميه؟..


من له المصلحه في أن يحدث هذا بين أبناء الوطن الواحد؟...وكيف يخرج هؤلاء الجهله المتطرفيين منادين حي علي الجهاد أيها المسلمون؟! الجهاد ضد من أيها الجهلاء؟ أضد أخوتكم أبناء وطنكم.... أهكذا أصبح المسيحيون أعداء وجب جهادهم؟ والعجيب في الأمر أنه رغم علم الدوله بأن معظم أحداث الأرهاب ضد الأقباط سببها رغبة الأقباط في بناء كنيسه للصلاه فيها أو ظن المتطرفون من المسلمين ذلك... وأن سبب هذا هو الشعور من بعض الجهلاء بأن بناء الكنيسه يتعارض مع الخط الهمايوني لبناء الكنائس.فأن القانون الموحد لبناء دور العباده الذي تقدم به المستشار محمد الجويلي لمجلس الشعب سنة 1998 لمناقشته وأقراره يتم رفض مناقشته حتي الأن... وأتسائل لصالح من هذا؟!.أليس من حقنا أن توضح الدوله موقفها والحلول التي تراها لأنهاء العنف ضد الأقباط هذه الدوله التي أرسلت وزير زراعتها لفرنسا لتوضيح موقفها من قتل الكلاب الضاله في الهرم ولتأكيد محافظتها علي حقوق الحيوان. فأين موقفها من حقوق الأنسان القبطي أذاً؟. نريد أن نري الماده الأولي في الدستور والتي تنص علي حق المواطنه تطبق علي أرض الواقع.. وهذا لا يمكن أن يتم في ظل وجود الماده الثانيه من نفس الدستور والتي تنص علي أن الشريعه الأسلاميه هي المصدر الأساسي للتشريع. ولن تطبق في ظل خطب الجمعه من بعض الأئمه المتطرفيين اللذين لا يعرفوا و لا يعترفوا بالمواطنه.. الخطب التي تنادي بالعنف وبنصرة الأسلام من الكفره الأقباط أعداء الوطن والدين والله! فأن لم يطبق القانون علي الجميع دون النظر الي الدين.. وأن لم توحد القوانين لتسري علي الجميع مسلمين وأقباط.. و أن لم يتمكن المسلم من تغيير ديانته في بطاقات الهويه الي الدين المسيحي كما يتم لمن يريد العكس أو ألغاء خانة الديانه تماماً.. وأن لم ينتهي تواطؤ الأمن مع المتطرفين ضد المسيحيين.. وأن لم تتغير برامج الأعلام المرئي والمسموع و المقرؤ ليكون للآقباط نفس المساحه منه كما للمسلمين.. وأن لم يكون للقبطي نفس الحق في الوظائف والمراكز في الدوله وفي مجلس الشعب..أن لم يتعلم المسلم أن أخوه القبطي المصري أقرب له من المسلم غير المصري.. أن لم تغرس في عقول أطفالنا من الأن أن الدين لله والوطن للجميع.وأن... وأن.......وأن.....وأن لم يتغير الكثير فينا فلا أمل في أنتهاء هذه الأعتداءات علي الأقباط.


أن لم يتحرك كل مواطن قبطي داخل مصر وخارجها بنخوة الرجال والنساء كلاً حسب قدراته وحسب الضغوط الموضوعه عليه لمحاولة تغيير الوضع الراهن بالطرق السلميه والقانونيه فهو مقصر في حق نفسه ووطنه وأخوته ومسيحه. وبما أن هذا التغيير لن يكون قريبا ًفألي أضطهاد جديد وعنف جديد وأرهاب جديد علي أقباط مصر المقهوريين...لهم الله.

بهاء رمزى
هولندا