يَتَََعالى صَوتٌ، وَسط فوضىً عارمة، تشوبُها قلاقلُ كثيرة، تُخفي في ثَناياها اِِِلاٍرتباكَ الوجوديّ- لنا- كَجَماعةٍ قوميّة وقلقٍ هَويّتنا كأمة، والمَجهولَ الّذي يعمّ مَصيرنا كثلةٍ بَشَريّة تُشغل حيّزا من أصْقاع هذه الأرض.
يَتعالى الصَوتُ، وهوَ ليسَ وليدَ اللّحظةِ، وإنّما نَفْخَةٌ مسمومةٌ من نَفخات الجَحيم، مَهزومةٌ، موبوءة هبّتْ من الفَراغ : فَراغَ الرّوح، وفَراغَ الفِكرِ، وفَراغ المحْتَوى الإنساني القائِم علىَ الأرض والمُرتَبِط بِمُكَوّنات هذه الأرض وسُنَنَ الحَياة فيها.
يَتَعالى الصَوتُ ليضّمَ كلَ ذلِكَ في الفَراغ ،وليُهيمِنَ على المَوجودِ في اشّدِ لحظاتِ الوجودِ حَرَجاً و تَفاقُماً ومَرَضاً وانكسارا.
يَتعالى الصَوتُ وهوَ لا يملك ما يُقدّمه لنا مِن شئ ممّا يدّعيه في الخطاب الّذي يلقيه، و الّذي تكبّد لِصناعته وزخرَفته عَناءً كبيراً وسهلاً في عين الوقت.
يتعالى الصوتُ ، وقد جنّد حشداً كبيراً منَ الجهلِِِِِِِِ وجنودهِ وهم يَنتَشِرونَ في الأرضِ يبشّرونَ بِدهاليزهِ - دهاليز الجهل- المُزيّنة باللامُبالاةِ ، وضَياعِ الوَقتِ، والبَطَرِ ، والمَرَح.
يتَعالى الصَوتُ ويقولُ مُنادياً في خفاياه المُعلنةِ ، و صَراحتهِ الكامِنة : أنا أمدكم بِما تَبتغونه عوضاً في الحياة لكم عمّا فقدتم ممّا تصبونَ إليهِ ، وعمّا ضيعتم منه في ما فلتَ مما انشغلتم بهِ .
يَتعالى الصوتُ ويقولُ : أنا الموجودُ ، و أنا الّذي أمدكم بِما هو موجودُ ؛ المَوجود الّذي يقومُ عليهِ وفيهِ قائِمُ سيرِكم في ركْبِ الجَبرِ الّذي حملتموه أعماركمُ مُسرعينَ خُطاكم للِّحاقِ بِما لَم تَكسِبوا شَيئاً بهِ . أمدكُم بكلُّ شئٍ
وهوَ لا شئ .
هذا الصوت سلطاني الهوى، قصوري المأوى ، قاتم اللون ثخين اللحن .
هذا الصوت لا مستشار له سوى الجهل ولا ينبت إلاّ في الظلّ.

رسائل عاجلة إلى الصديق الشاعر عدنان الصائغ احتجاجا على نشيد اوروك الذي يصور الحياة في بلداننا جحيما .
اليك يا عدنان اخبار بلاد الجنائن المعلقة

البلاد ممتدة على ظهرها تتفحص السماء وتعدّ الأقطار بين النجوم، ونحن نلهوا تائهين بالكهف الأسود بين سيقانها.

السلطة: نمدكم بالزيت الوطني المكرّر في دول الجوار، فأشعلوا الفوانيس الغابرة في قرن العولمة و الإنترنيت.
نعيد التراث حياً فحافظوا عليه بظهوركم، [كمثل الزعيم يحمل أسفاراً من صكوك البنوك في بلاد ما وراء البحار، فإن مات أو قُتل فللغرب أمواله ثم انقلبتم على أعقابكم] تبحثون بين الحمير عن زعيمٍ جديد يحمل أموالكم في حسابات البنوك السريّة، ويترككم تنحلّون كهيكل من رماد تأخذه الريح، فتضيع ذراته في فلاة العلوج.
هويتكم القومية يابني الكرد، تمتد من شعاع الفوانيس إلى حيث الكهوف التي تسطر تاريخنا بهياكل العظام والجماجم البدائية.
لاتحملوا الأوزار فنحن الوزراء [اثنان وأربعون وزيراً في كُردستان] نحمل الأموال بعيدةً في حفظٍ وأمنٍ، حيث تنتصب البنوك وراء البحار[في الغرب أرض الميعاد لطبقة السلطة الكردية] تشحن اليكم قوافل السلاح والأغذية المعلبة.

الإعلام: نمدكم بالدين الجديد [تكدست عليه غبار القرون والألوف] كُردياً خالصاً لوجهه الكريم لا يقبل عبادة بني آدم إلا بلغته القومية، فانبشوا عن زردشت نبيا كُرديا نقياًً، يفتح لكم مدائن العلم والتكنولوجيا، ويرفع من مقامكم إلى مصاف الدول العظمى، فاتركوا الإسلام [الدين الأجنبي] القديم الرجعي. ليس صلاح الدين سوى خائن حوّل الأكراد إلى عملاء مجّانين خلف المجانيق ذوداً عن بلاد لم يكن لنا فيها شبر مسجَّل نضيفه إلى أراضينا التي تقسمت بين الحكومات، و اللغات، واللهجات،والميليشيات، والمغنيات،والقادة، والثعالب/الرؤساء، والشعب/السلحفاة، وأمراء الحرب نظراء المومسات.
يتعالى الصوت من حنجرة تعبت في الليل بخرير الشراب و الخمر، فرقدت الأعين فوق منضدة السكرِ و الملابس لم تزل مبعثرة في غرفة العهر ليلة رأس السنة الجديدة والأولاد مع الأم في أوروبا يلهون بأموال الشعب [عطلة رسمية تمتد طويلاً لتعطل مسار الحياة] .
يتعالى فوقنا مسؤولاً تزينه الجرائد والتلفزيونات، والأموال المودعة في بنوك الغرب[أرض الأمل و الأمان]، والقصور و الفيللات. تزينه الكاميرات، تزينه المغنيات الكُرديات العائدات إلى الوطن المنهوب، الزائرات بدعوة رسمية تكدّست تحتها و فوقها الدولارات في أكياس مقفلة تعطى للمغنيات في غرف الفنادق الضخمة، لا يراها إلا أصحاب الأصوات العليا التي ناضلت منذ دهورٍ في الجبال، و الجبال عاليات. فلا يحلو الصوت العلوي إلا في الغرف العليا للفنادق كأنهنّ الناطحات.

أخبار القصر: الرئيس في القصر مشغول باستقبال أصحاب المعالي من الدول الصديقة[لا أصدقاء للأكراد سوى الجبال]. الوفود في كُردستان لها مزارات. تكثر الوفود و تقلّ أموال الشعب، فتنتفخ البطالة و الوزارات و السرقات. تنتفخ كروش المسؤولين على وشك الانفجار، ولمّا ينفجر الانقلاب. دعوهم فليتمتعوا قليلاً، فقد ناضلوا حين كان الشعب ينعم بالكعك بدل الخبز[كلوا واشربوا هنيئاً لكم بما أسلفتم في الأيام الخالية] في نضال العمالة مطعماً بنكهة الاقتتال الداخلي. المناضل الآن يعصر أمعاء الوطن حتى تخرج آخر قطرة نفط، يبيعها [بثمن بخس دراهم معدودة] إلى الأجانب، لا يتحمّل فيها أعباء وعناء نقل الأموال، ولا مشقة استلام الدولارات. فالأرصدة في بلاد بعيدة حيث يقيم الأهل والأولاد، والمكان الذي فيه النزهات والنزوات.

الشعب: سلعة غاليةٌ، برميل النفط لنا[نفطنا لنا] وكأنه المجوهرات. شوارع العاصمة الكُردية، أربيل، لم تبلط منذ عهد النظام الذي اختفى تحت الحبل، يبلطها الآن الفقر و الوحل و (وعد الرئيس!)، تعبر عليها (اللاندكروزات) سيارات زوجات المسؤولين كالصواريخ نحو محلات بيع المجوهرات، يتزينّ فتزدان مدائننا الخاوية بطونها و الكالحة وجوهها و الماضية نحو الهاوية تحمل أعدادا أخرى زائدة من البشر، تتصاعد أمانيّهم فوقها كالدخان نحو السماوات.

سري للغاية: كشف صائغ المجوهرات سرّهن. فزوجات المسؤولين تكلّمن معه -أكثر من مرّة- بلغة الأجساد. امتنع للوهلة الأولى، فهددنه بالويلات، فما لبث أن أعارهنّ سيفه الذهبي ريثما قطّعن رؤوس الشهوات الثائرة في ممالك أجسادهنّ. تنهد الجميع في استرخاء ونزلت الدولارات، فخرجن و قلن: [حاشا لله ما هذا ببشرِ بل هذا سيف كريم].

تجاوزات: لا ينبغي التجاوز على أراضي الدولة، فمن يتجاوز يُصلب إلا إذا كان زعيماً أو مسؤولاً،[ فلهم النصف- والنصف الآخر للدول الصديقة - إن لم يكن للدولة شعب. وإن كان لها شعب فلهم الكلّ من بعد وصية يوصون بها أو دينِ غربي غير مضار]. ولهم ما اشتهت أنفسهم من الأرض والمال والسلطة والنزوات. [ولهم الحور العين يُجلبن من دول الجوار، وبعضهنّ أرامل الشهداء من المناضلين القدامى و بعضهنّ مغنيات كُرديات: أسعفت واحدة على عجلِ إلى المستشفى بعدما دهسها فحول المسؤولين تترا كطابور الناس قبالة فرن الخبز.
قتلوه في ربيع العمر وثروته سبعة سنابل / أولاد شدّ لهم من دمه و دمعه جدراناً تقيهم الحرّ و الصقيع في ضاحية أربيل* متجاوزاً أملاك الدولة المطلقة. قُتل الرجل فيتمت السنابل، هرع المسؤول دافعاً فدية القتل برميلاً من النفط و كيسين من طحين و رزّ . والمسؤول يتجاوزنا جميعاً وكأنّ بلادنا غابة من الوحوش: الفوضى عارمة تحيط بنا من كلّ مكان.
يتعالى الصوت شامخاً وسط مزابل فقرنا و جوعنا وانكسارنا منادياً : كُردستان شامخة كالجبال تبتسم في وجه السلطة الكُردية الموبوءة، و تحجب عنا شمسها وراء الغيوم لا ترحم إذا كانت الثلوج و الأمطار تجرفنا و تقتلنا من البرد.
كثُر الطغاة في أرضنا بُعثوا من العالم السفلي، حيث الموتُ و الدمارُ، خرجوا من تحت الأرضِ، من شقوق الكوابيسِ، أشواكاً تبعث الموتَ و المللَ والأيامَ الثقالَ و القهرَ و العذابَ.
نُشتم إذا بكينا أو اشتكينا سوء الفهم و الأوضاع، فحين يتعب العقل في التفكير تستريح الضمائر فتطلق الألسن عنان الشتائم. انتظروا إعلام أحزاب الأكراد فلهم السبّابون في كلّ حدَب و صوب.
النسرية صُرفت للزهرة التي فَتح اكمامها ابن المسؤول (سراً)، مئة الف دولار لا غير. علاوة على السرّ بُعث اهل الزهرة الى أوروبا كي لا يفضح الأمر[وهل جزاء الاحسان الاّ الاحسان]
ابن المسؤول لم يتعض فما زال يدهس ازهارنا، وليس لديه متسع للوقت لمراجعة دروسه في المدرسة النموذجية فدفعه الأساتذة مثل (حجر سيزيف) كي لا يسقط ( مثل الزعيم المحاط بالقوات المدربة كي لا يسقط ) (ألا في الفتنة سقطوا)
وغداة اعلان النتائج تخرّج التلميذ طبيبا ( ناجحاً ) في كلية الطب ( أذيع خبر الانجاز في تلفزيون حزب [ حسبنا الله ونعم الوكيل] الكُردي.
قراءوا الفاتحة على روحه ولم يكمل الثلاثين بعدُ ولم يشم زهرة من الحدائق بعدُ. نسي الطبيب المقص في أحشائه. لكنّ الفضيحة كُشفت، فابن المسؤول نسي خنجره قرب الزهرة، والدم شاهد على المكان [ ان كنتم للرؤيا تعبرون].
الجزية على الشعب حتى يدفعوها عن يدٍ وهم صاغرون

انجاز كُردي: تمّ دفع مبلغ مئة دولار الى عائلة الفقير ابن المسكين صاحب خمسة أولاد يتغطون بالبطانيات من شدة البرد وليس في البيت نفط أو نار (سعر البرميل الواحد 250 دولاراً في مدائن الكُرد) أي مدائن هذه والناس فيها نائمون أبداً والزعيم هو المستيقظ الأوحد
خبر عاجل: اليوم في 7/2/2007 في أربيل باع شاب من كركوك كليته بمبلغ 1700 دولارلقاء العيش، انتشر فينا مذهب الزهد.
أمن المواطنين: اعتقلوه بتهمة الارهاب (زوجته جميلة) فهرعت في خوف و قلبها يدق مثل نبض البركان في قلب الأرض تتوسل بالمسؤولين لاطلاق سراح زوجها، فقدُّت من قُبلٍ و دُبر حتى مضى عام. خرج من السجن وزوجته وعاء أكل فيها كل ذئاب الأمن قصعتهم من دون اكراهٍ ( لا اكراه في الممارسة فالسلطة الكُردية ديموقراطية تمارس الاغتصاب في السرّ)
هذه قصص المدائن المشهورة بالذهب الأسود حولت حياتنا الى جحيمٍ ذي نار مسغبة ودمع وجراح ودخان قاتم وجوع و فقرِ .


* قُتل أحد الفقراء الأكراد في مجمع (بنصلاوة) التابع لمدينة أربيل قبل أسبوعين لأن بيته كان تجاوزاً على أراضي الدولة، بينما تنتصب آلاف القصور الفخمة للمسؤولين الأكراد في كافة المناطق تجاوزاً على القانون و خصوصاً في المنتجعات والمناطق السياحية.