منذ صدرور مسودة دستور اقليم كردستان، انشغلت مختلف شرائح المجتمع والاحزاب السياسية والشخصيات الوطنية والمثقفيين في دراسته وتقييمه وكل حسب رؤيته، وجاء في هذا السياق المطلب باقامة حكم ذاتي لابناء شعبنا في سهل نينوى، والتي دعمته لجنة التنسيق لاحقا والتي ضمت عددا من الاحزاب القومية لشعبنا.


ان مثل هذا المطلب المشروع في الوضع الراهن لابد من الوقوف عنده بتأمل وبتأني كبيرين، لان الوضع الراهن لايتحمل الشعارات والمغامرات و المزايدات السياسية، حيث مازالت مسألة الفدرالية لاقليم كردستان غير محسومة وغير واضحة المعالم ولازالت تواجه العديد من التحديات الاقليمية والمحلية و ومنها مسالة كركوك و المناطق الاخرى خارج الاقليم ومشروع استثمار النفط والثروات و تحديد الميزانية، هذه اضافة الى عدم الدمج والتوحيد الادارى الكامل لحكومة الاقليم على سبيل المثال عدم توحيد ودمج بعض الوزارات الحساسة في الاقليم، اضافة الى عدم الارتياح دول الجوارمن فدرالية الاقليم والتلويح بالتهديد والتدخل العسكري بين فترة واخرى تحت شتى الذرائع، اضافة الى توصيات بيكر-هاملتون، بضرورة صيانة وحدة العراق و تقوية الحكم المركزي في العراق وزيادة النفوذ العسكرى الامريكي الاخير في العراق، والتدهور الامني المستمر كل ذلك تجعل الوضع العام في العراق وفي الاقليم مرشحا لكل الاحتمالات والى تغيير موازين القوى بشكل مفاجئ ودراماتيكى، وان مثل هذا المطلب يحتاج الى تحرك كبير وفعال على مستوى الدستور الوطني الذي استمد شرعيته من عملية الاستفتاء العام.

وفي ظل هذه الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية الخطيرة المعقدة والتي شعبنا ليس بمنأى عنها، وبيتنا الداخلي مازال يعاني بشكل حاد من مشكلة الهجرة و التهجير القسري والنزوح و الفساد الاداري وضعف اداء السياسي لاحزابنا القومية و تشرذمها وعزلتها عن الجماهير وعدم قدرتها على تعبئتهم و كسب ثقتهم والمسالة المزمنة الخاصة بايجاد تسمية موحدة لشعبنا، اضافة الى غياب وضعف دور المثقفيين والاعلام المحايد والفعال في توضيح الامور وتداعياتها كل ذلك جعلت الحالة ضبابية غير واضحة المعالم و جعلت المواطن العادي في حيرة من أمره امام هذه الاحداث.

لذلك قبل المطالبة بالحكم الذاتي، لابد من الاخذ بنظر الاعتبار الحالة العراقية وحالة الاقليم لاننا جزء منها، لذلك لابد ان تكون البداية بالعمل المضن لايجاد حلول عملية وواقعية لترتيب بيتنا الداخلي ومشاكله بكل شفافية و جرأة وأن يتم مصارحة ابناء شعبنا من قبل احزابنا القومية ومن قبل الشخصيات ذات النفوذ عن رؤيتهم للامور والاوضاع وعن بواطن الامور و خلق أجواء مصالحة حقيقية بين ابناء شعبنا و واحزابنا القومية والشخصيات المتنفذة فيه، والعمل على ايجاد تسمية موحدة لشعبنا العريق ترضي جماهير شعبنا قبل ارضاء اي جهة أخرى، هذه اضافة الى اتخاذ خطوات عملية وجادة في انزال ضربة قاصمة الى الفساد الاداري والمالي المستشري في مناطقنا ذات الاغلبية المسيحية من ابناء شعبنا، عندما يتم حل أو تحديد حجم هذه المشاكل التي يواجهها شعبنا. سيكون مستعدا للتعامل مع الاحداث بشكل أكثر جدية وصلابة وصدقا، بدلا من اللامبلاة و الهروب والهجرة والياس، عندها سيكون قادرا على انتخاب وصنع قيادة جماهيرية ذات قاعدة شعبية واسعة لتكون الناطق الحقيقي باسمه وباسم مطاليبه، وكل من يريد ان يكون بصف شعبه في هذه المرحلة العصيبة والحساسة، عليه ان يتحرك على هذه المحاور سيجد وبدون شك كل الدعم والترحاب وسيكون في خندق الجماهير وطموحاتهم المشروعة، لان كل من يتجاوز على هذه الحقائق التي ذكرت قسطا منها سيكون في خندق الاخرين.


روند بولص

العراق/عنكاوا
[email protected]