ما نظرت يوماً إلى حزب الله إلا كونه جيباً إيرانياً وهو ما اعترف به اليوم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إذ اعتبر أن إيران ولبنان بلد واحد. بالطبع نجاد لم يعن ِ لبنان البطرك صفير أو المفتي القباني ولا حتى لبنان عبد الأمير قبلان بل عنى لبنان حزب الله، لبنان حسن نصرالله. لما لا وهو ينفق على حزب نصرالله مئات الملايين من الدولارات سنوياً ويزوده بترسانة أسلحة تعجز عن امتلاكها دولة كالدولة اللبنانية ولا حتى دولة الأسد. وما يفهم من توريات حسن نصرالله أن حزبه قبض من إيران خلال الأشهر القليلة الماضية أكثر من مليارين من الدولارات وتزود بأكثر من عشرين ألفاً من الصواريخ عدا الأسلحة المتنوعة الأخرى.

ما حدا بي إلى الكتابة اليوم بعد طول إنقطاع هو تجرؤ نصرالله على وعد المعارضة بالنصر!!! غريبة جرأة هذا الرجل!! النصر على من؟ النصر على مواطنيه الذي تجمعوا في اليوم السابق يحيون ذكرى استشهاد كبير الشهداء اللبنانيين رفيق الحريري!! هذا الرجل يؤكد أنه سيهزم من يصر على تجاهل اسمهم فيكنيهم ب quot; الجهة الأخرى quot;!! يقول بأنه ستكون هناك تسوية!! لكن ليس ثمة تسوية في الهزيمة!! ماذا نصدق وماذا نأخذ على محمل الجد؟ ليشرح لنا نصرالله كيف تكون هناك تسوية يرافقها انتصار جماعته على جماعة السلطة!!

السؤال الهام الذي يلح علي ولا أستطيع استبعاده هو.. هل كان نصرالله ليتوعد أعداءه من اللبنانيين بالهزيمة دون أن يمتلك مليارات الدولارات الإيرانية وعشرات آلاف الصواريخ. هل كان سيحتشد أمامه عشرات الآلاف من الرجال والنساء يصفقون ويلوحون لحسن الذي لا يملك أكثر من عباءته؟؟ كل هؤلاء الرجال والنسوة كانوا يعرفون الحسن والحسين وعلي وكربلاء حين كان حسن فقيراً مثلهم.

كنت مخطئاً حين قدرت في مطالع شهر آب العام الماضي أن السيد نصرالله لن يعود إلى الدخول في مغامرات أخرى بعد أن ظهر على شاشة تلفزيون المنار يحبس الدموع في عينيه مستعطفاً الذين لهم علاقات حسنة مع الولايات المتحدة الأميركية ليكونوا واسطته في طلب وقف إطلاق النار ـ أناشد تلفزيون المستقبل أن يعيد بث ذلك الخطاب الحزين لنصرالله. فهمت أن الدموع الحبيسة تعبير عن حس إنساني تجاه فقدانه أكثر من خمسمائة من رفاقه الأكثر صلابة وشجاعة في مواجهة العدو. قدرت له ذلك ولم أتوقع أنه بعد ثلاثة أشهر فقط سيأمر جيشه الممول من قبل إيران بمحاصرة بيروت. أنا لا أعتقد بأن محاصرة بيروت كانت بأمر منه وهو الذي تسبب بتدمير معظم البنى التحتية للبنان وبخسائر بشرية تراوح 1200 مواطناً ومادية لا تحصى. لا يمكن لأي شخص لديه حس إنساني أن يسارع إلى محاصرة بيروت بعد حرب تموز الكارثية مباشرة. لا بد أن يكون ذلك بأمر من سوريا وعلى كره منه على الأرجح.

ليس من شك في أن حزب نصرالله سيبقى يشكل عقدة العقد ليس في بناء الدولة اللبنانية فقط بل وفي مجرى حياة اللبنانيين اليومية طالما أن مجموعة الأحزاب الوطنية لم تتصد بكل عزم وقوة إلى تفكيك هذه العقدة نهائياً وبمساعدة مختلف القوى التقدمية في طائفة الشيعة وهي كثيرة. فقاعة عون ستنطفئ بأسرع مما يتوقع البعض وسينكشف التدليس المؤثر والخطير الذي يقوم به نبيه بري أما عقدة حزب الله فتفكيكها يلزمه تجفيف المنابع الإيرانية وفضح خطورته المصيرية على كل لبنان وكل طوائفه دون استثناء.

عبد الغني مصطفى