النظام السياسي الإيراني معقد غاية التعقيد، حيث تتزاحم مبادئ الديمقراطية والسلطوية معاً في دستور الجمهورية الإسلامية تزاحماً مزعجاً. وإيران من الناحية الفنية تعد نظاماً ثيوقراطياً ( أي خاضعاً لسلطة رجال الدين )، إلا أن السلطتين الدينية وغير الدينية فيها تتقاسمان السلطة بطريقة تضمن استمرار التنافس. فعلى الصعيد التنفيذي تنقسم السلطة بين القائد الديني الأعلى و الرئيس غير الديني. وكما يستدل من الرتبة، فإن القائد الأعلى يفترض به أن يكون أعلى سلطة في الحكم، فهو الذي يرسم الخطوط الدالة في السياسة الخارجية والسياسة الداخلية، ويشرف على وسائل الإعلام، والقضاء، والقوات المسلحة، والخدمات الأمنية. أما الرئيس فتكون سلطته دون ذلك، وهو يكون مسؤولاً عن الإقتصاد وسائر الشؤون اليومية. إلا أن هذا الرئيس ينتخب انتخاباً مباشراً وهذا يرفع من شرعيته وقدرته على التأثيرعلى القائد الأعلى. إن هذا التقسيم يخلق جواً يسوده التوتر والإحتكاك بين الطرفين القائمين على تسيير دفة الحكم طالما بقي كل منهما لا يمتلك قدراً من السلطة يكفي لفرض خياراته على الآخر.

ويبدو ان الرئيس محمود احمدى نجاد حسب أن الانتخابات أعطته تفويضاً باحداث التغيير نحو مزيد من التشدد عبر البرنامج النووى الايرانى وبعض السياسات الداخلية المعبرة عن اراء المتشددين فى طهران ربما ولكن اليقين انها لم تعطه الصلاحية للمضي في سياساته المختارة أو السلطة الكافية للقيام بما يريد. والحادث انه على المستوى الشعبي يختلط الخوف من هجمات اميركية محتملة مع المخاوف من الاوضاع الاقتصادية والحادث ان هناك توترا فى العلاقة بين المرشد الاعلى والرئيس الايرانى، عبرت عنها مؤشرات دالة منها انتقاد علنى من المرشد الاعلى لحكومة احمدى نجاد بعدم تنفيذ توجيهات المرشد الاعلى للتوجهات الاقتصادية نحو الخصخصة وغيرها.

وانتقادات من المرشد ومن كثير من الغالبية الصامتة والاصلاحيين والمحافظين المعتدلينومن قبل سياسيين ومعلقين سياسيين في الصحف الايرانية، خاصة من المقربين من الرئيس الاسبق هاشمي رفسنجاني، الذين اتهموا الرئيس باستخدام لغة البازار في السياسة الدولية. وحذر رفسنجاني من استخدام تصريحات سياسية تثير الولايات المتحدة. وقال رفسنجاني الذي يرأس مجلس تشخيص مصلحة النظام، هيئة التحكيم السياسي العليا للنظام الايراني: laquo;علينا ان نكون اكثر حذراً، فانهم (الأميركيين) مثل نمر جريح، ويجب عدم الاستهانة بهمraquo;. وجاءت تصريحاته للرد على تصريحات احمدي نجاد بأن البرنامج النووي الايراني من دون مكابح فردوا عليه ان القطار بدون مكابح يؤدى الى كوارث اما القطار بمكابخ فهو الذى يصل امنا سليما الى محطته! وقوله ان الولايات المتحدة غير قادرة على مواجهة ايران.

ودعا رفسنجاني الى العمل لتعبر laquo;سفينة الثورةraquo; فترة التوتر الناتجة عن البرنامج النووي لادارة الرئيس نجاد للأزمة النووية ويأخذون عليه اثارة متاعب لايران بدون جدوى مثل اثارة موضوع المحرقة ونقل اسرائيل من الشرق الأوسط وهو ما جر الى قيام جهات دولية محايدة باستنكار تللك التصريحات وهو ما دعا الرئيس نجاد الى التصريح علنا ان ما يعلنه بشأن البرنامج النووى الايرانى هى بايعاز صريح من القائد الأعلى.وظهر ذلك الانقلاب الصامت فى عدم تدعيم جناح الرئيس فى معركة انتخابات البلديات.
ويشتد تأثير الخلاف مع المرشد الأعلى الذى بدأ الخطوات الاولى للانقلاب الصامت على نجاد مع ما اثير من مرض القائد الاعلى للثورة الاسلامية وبداية خلق التحالفات من الان لخلافته.


د. عبدالعظيم محمود حنفى
خبير استراتيجى مصرى