الامين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى، لم اسمع من شخص ان شكك بكفائته المهنية. لكن طبعآ مثل هذا التقيم الايجابي لايمكن ان ينسحب على كثير من أليات عمل وتصريحات الامين العام السلبية. ولن أدخل في سجل وسيرة الرجل. لكني هنا بودي تناول تصريحاته النارية quot; والفنطازية quot; الاخيرة بخصوص الوضع العراقي، خاصة بعد أنتهاء اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة. فالامين العام هذه المرة كشف بوضوح لايحتاج الى عناء في كشف موقفه وموقف من دفعه ومن يدعمه في نظرتهم الطائفية الى جوهر المشكلة الحقيقة في عراق اليوم، والتي تستمد خيوطها من عقود طويلة في التاريخ السياسي والاجتماعي العراقي والاقليمي. لقد كان من الصعب والعسير التفريق بين ان يكون المتحدث عمرو موسى الامين العام للجامعة العربية او مثلآ عدنان الدليمي رئيس قائمة التوافق خاصة وهو يغرد في مؤتمر أسطنبول الطائفي. فلقد quot; غرد quot; عمرو موسى بنفس جوهر تصريحات الدليمي لكن طبعآ بااسلوب اكثر سياسة واكثر كياسة، و حتى ذلك لاينفي حقيقة واضحة أن جامعهم هو مركب الطائفية المقيت. وهذا يذكر العراقيين بمواقف وتصريحات طائفية سابقة للحلي ممثل الامين العام وايضآ ببعض تصريحات ونوايا الاخضر الابراهمي في العراق قبل حوالي ثلاث سنوات!! غريب هذا الاصرار العربي الرسمي والشعبي على قتل دورهم الفاعل في العراق من خلال مواقفهم الغير حيادية والطائفية بكل جدارة وان اختلفت المفردات او طرق التعبير عنها.
فعمرو موسى يطرح مجموعة مطاليب تنحصر في نقل وجهة نظر واحدة من المجتمع العراقي. ووصلت الامور معه الى مطالبة مجلس الامن بتبني هذه النقاط واصدار قرار ملزم بها. وجوهر مطاليبه ينحصر في جملته هذه التي رددها عدة مرات ونصآ ( الهدف من الاجتماعين القادمين في بغداد. هو يجب ان يكون ايجاد حكومة لكل العراقيين!! ) طبعآ التصريح بحد ذاته هو تجاوز أدبي واخلاقي وهو كسر للاعراف الدبلوماسية، وانا اتحداه ان يقول نصف هذه الجملة بحق الصومال وليس غيرها!! وثم اتحداه ان يجد في كل تاريخ العراق حكومة تمثل كل اطيافه مثل الحكومة الحالية، كما ادعوه الى التدقيق في نسب التمثيل وسيرى ان الذين حصلوا على نسبة 18% في الانتخابات حصلوا على مناصب تعادل 33% من حجم الحكومة الحالية.
وبصراحة اكثر هذه هي أهم الاسباب الرئيسية لفشل اداء الحكومة العراقية لانها مثقلة بالتفاصيل التي تاخر القرار النهائي تحت بند وشعار quot; حكومة وحدة وطنية quot;.
ولو اخذنا الحديث من زاوية اخرى. هل كان السيد عمرو موسى يتمتع بنفس هذا الحس الانساني والقومي الجامح، عندما كان يزور بغداد قبل سقوط النظام السابق بفترة قليلة ويجلس على ضفاف دجلة وهو يتناول السمك المسكوف ولحوم الغزلان المشوية والربابة تعزف من خلفه. كما اظهرت افلام الفديو والصور الملتقطة لتلك الجلسات مع السكرتير عبد حمود، وناجي الحديثي وزير الخارجية في ذلك العهد وغيرهم من الرموز. فهل أمد عنقه الى الضفة الاخرى من نهر دجلة وسأل مضيفه مثلا عن نوعية الطعام الذي يأكله العراقيين في ذلك الوقت القاسي من الحصار الداخلي والخارجي هل يطابق نوعية الطعام الذي أمامه ولو بشكل نسبي!! وايضآ وهو يلتقي رئيس النظام السابق في القصر الجمهوري هل طالبه مثلآ بمثل مايطالب اليوم quot; بايجاد حكومة لكل العراقيين!!quot; هل طالبه باطلاق سراح المعتقلين العراقيين او اطلاق سراح الاسرى الكويتين!!.
بالتاكيد سوف يكون الجواب النفي القاطع ان يتجرأ الامين العام بمثل جرائته اليوم على العراقيين. فلقد كان الغائب الاول الاكبر في تصريحات موسى النارية الاخيرة هذه، هو ادانته للارهاب والتفجيرات الجبانة في العراق، وايضآ الغائب الثاني الاكبر كان دعمه لنتائج العملية الانتخابية والديمقراطية التي افرزتها صناديق الانتخابات. واذا كان لايمكن تفهم السبب الاول فان السبب الثاني ممكن تفهم تخوف موسى منه، لانه في واقع الامر يمثل صورة ناصعة وصارخة للوضع السياسي العربي المريض، فالامين العام حاله من حال الحكومات العربية التي يمثلها دكتاتورية وغير منتخبة، وكل هذه الصفات تنطبق عليه لانه شخص غير منتخب لمنصبه ولانه بدأ ينافس بعض زعماء الحكم المزمن في البلاد العربية، وكان الاجدر به ان يقلد مثلآ المنسق العام للاتحاد الاوربي الذي تكون فترة رئاسته محدودة ولايمكن تجاوزها او ان يقلد حتى الامين العام لحلف الناتو. لكنه لانه جزء من نظام عربي مريض فانه سار على نفس النهج الا ديمقراطي.. خاصة بعد ان أوصت وزيرة الخارجية الاميركية السابقة بتقريرها الاخير فبل نهاية مهمتها الرسمية باخراجه من منصبه كوزير لخارجية مصر، فاستجابت الحكومة المصرية ووضعته في الباب الخلفي لمصر الذي يسمى باب quot; جامعة الدول العربية quot; وكأن البلاد العربية من المغرب حتى المشرق قد أصابها العقم فلم تنجب شخص يستحق ان يستلم هذا المنصب بشكل دوري و منظم قانونيآ.
ان من يتجاهل اصوات واختيارات 11 مليون عراقي خرجوا الى صناديق الانتخابات تحت ضغط الارهاب والموت والقتل والبطش.. عليه ان يستعد لصدمات من نوع خاص ستفقده توازنه بشكل اكبر بكثير ممايتوقع، خاصة بعد ان يكتشف الحجم الحقيقي للاشخاص الذين يعول عليهم في مهمته الخبثية هذه. اني ليس بصدد الدفاع عن حكومة المالكي ( وهي حكومة كثيرة الاخطاء والعيوب )، لكن هذه حكومة منتخبة ومن يريد اسقاطها عليه بنفس الأليات الديمقراطية التي جاءت بها، وليس باأليات ملتوية ومشبوهه، ستلتف حبالها حول عنقه في اقرب فرصة ممكنة. وسترتد نتائجها على ابطال اجتماع quot; اسلام اباد quot; والمكملين اليهم في اجتماع القاهرة الاخير. فعراق اليوم غير عراق الامس.. وأهل العراق لايمكن أن يقبلوا لابطائف عراقي حتى ولو جاء بنكهة بهارات الباكستان ومن لف لفها ومن دعمها وحرضها. ليس امامنا الا صندوق الانتخابات هي التي يجب ان تسقط او تنجح الحكومة و تحدد نسب التمثيل البرلماني. ومن يركب خط سير الاتجاه المعاكس سيجد صدى صوته يرتد عليه دون طائل
مثل عمرو موسى الامين العام quot; الدائم الأبدي quot; للجامعة العربية.
محمد الوادي
التعليقات