منذ إنهيار نظام صدام في التاسع من نيسان عام 2003 الى يومنا هذا، كان هناك بين مؤتمر ومؤتمر ينعقد مؤتمر في داخل العراق وخارجه وأحيانا بمشاركة عربية أو أجنبية.


ولكن ماذا حصدنا من كل هذه المؤتمرات والإجتماعات التي ظلت قراراتها وتوصياتها حبيسة الأوراق والملفات دون أن تجد طريقها للواقع الملموس ولو لمرة واحدة، بل أحيانا تجهض حتى قبل نهاية المؤتمر أو الإجتماع، وإجتماع مكة مثالا على ذلك، حيث صرح بعض المتصارعين على السلطة والقرار والنفوذ، بأنهم غير ملزمين بكل ما يتمخض عنه الإجتماع، وجاء هذا قبيل أو إثناء التوقيع على بنود الإجتماع مباشرة.


أن مشاكل العراق الكثيرة والمتنوعة والمتداخلة بين الشأن الوطني والتأثيرات الإقليمية والدولية المباشرة والغير مباشرة منها، لايمكن حلها بمثل هذه المؤتمرات، حتى لو جاءت بأحسن القرارات وأفضل النتائج لأنها تبقى ناقصة ما دامت لا تشخص العلة من أساسها بل تدور حولها.


المشكلة الأساسية هي بتوجهات ومنطلقات وأهداف ونوايا وممارسات ساسة العراق، لأن هناك من يريد أن يكون درب الطائفية والمحاصصة ولغة القوي والضعيف والكبير والصغير والحلال والحرام والتابع والمتبوع والأكثرية والأقلية والحاكم والمحكوم... إلخ،هي اللغة السياسية والإجتماعية والفكرية السائدة في العراق، دون الإعتراف بالمواطنة وحرية الإنسان وحقوقه وواجباته مهما كان دينه أو مذهبه أو قوميته أو طائفته وإنتماءه الفكري السياسي.


وإذا بقينا على هذا الحال لا تشفع لنا المؤتمرات والإجتماعات، حتى لو حضرها العالم كله، لأن المشكلة العراقية وحلها يجب أن يكون عراقيا خالصا دون تدخل خارجي مهما كان حجمه وثقله في المعادلة العراقية، لأن أهل العراق أدرى بقضاياهم ومشاكلهم وهمومهم ومفاتيح الحل بيدهم وليس بيد الآخرين.
فمتى يشهد العراق مؤتمرا وطنيا ( بإشراف دولي ) يتحدث الجميع فيه بإسم العراق لا بمسميات إخرى، وأن تكون المواطنة العراقية فيه فوق أي إعتبار مهما كان، وأن يكون الجميع متساووين في الحقوق والواجبات؟.


وهذا هو مفتاح الحل الحقيقي لعقدة العراق المستعصية ولا سبيل غير ذلك أبدا.

حمزة الشمخي

[email protected]