جعل الكرد من نوروز يوماً للإنعتاق، فاستحقت أن تكون عيداً قومياً
بالرغم من إحتفاء العديد من الشعوب باليوم الأول من الربيع، في 21 آذار من كل عام، إلا أن مذاقها عند الشعوب الآرية لها طعم خاص. ففي إيران على سبيل المثال يحتفل الفرس بعطلة رسمية تقارب إسبوعاً، حيث تتعانق الأرواح مع الطبيعة الخلابة، فتعم الإحتفالات و تصفى القلوب، و يتطلع البشر الى الخير والسلام. إلا ان هذه العلاقة الرومانسية بين الإنسان و الطبيعة في أول أيام الربيع لم تتجاوز عند هذه الشعوب و غيرها، معاني الخضرة و الخصوبة و الخير، بإستثناء الشعب الكردي الذي جعل من نوروز يوماً للإنعتاق و الحرية فاستحقت أن تكون لهم عيداً قومياً في جميع أرجاء كردستان.
و ما كانت نوروز، لتتعمق في وجدان الكردي، لولا إرتباطها بالإسطورة التي تناقلتها أجيال بعد أجيال، و التي تحدثت عن حداد كردي أنقذ شعبه من ظلم ظاغية و سفاك جعل من أدمغة مواطنيه غذاء له. فقبل 2707 عام، في 21 من آذار قتل كاوى الحداد الإمبراطور السفاك ضحاك، و هب بعد بطولته الى الجبل مشعلاً النار، معلناً قدوم يوم جديد و عهد أخر يلي الظلم و الطغيان. و منذ ذلك اليوم يحدث الأباء أبناءهم عن بطولة كاوى الحداد و تضحيته و يجعلون من نوروز نبراساً لإحقاق الحق، يغذون بها أرواحهم بمعاني التضحية و الصمود بغية إنتزاع الحقوق و العيش بكرامة، إسوة بالأخرين.
في نوروز من كل عام يخرج الكرد الى الطبيعة محتفلين بقدوم عام جديد ( العام الكردي )، يغنون و يرقصون، و يحيون ذكرى الأبطال الأوائل ممن سطروا في آذار مقاومات رائعة و آيات اغر من التضحيات و البطولات، و يتواعدون على المضي قدماً صوب يوم الحرية و السلام.
بيد أن أعداء الحرية و السلام جعلوا من آذار شهر جرائمهم، قتلوا فيها الأبرياء من أبناء شعبنا على رؤوس الأشهاد دون أن ترف لهم جفن. فما أن تبدأ تلوج جبال كردستان بالذوبان حتى يهب الأعداء بعمليات القتل و الذبح و التهجير بحق شعب كردستان، يقتلون فيها الأطفال و الشيوخ و النساء، وينهبون ممتلكاتهم و أرزاقهم، معرضين الناجين للبرد القارس، عراة و حفاة، يموتون على الطرقات، و في الوديان.
في الثاني عشر من آذار 2004 حاول النظام السوري أن يزرع بذور الفتنة بين العرب و الكرد، فعمل على تأليب المواطنين العرب على الكرد و إستفزازهم و إهانتهم، إلا أن لعبته القذرة لم تنطل على أحد، و لم يستسلم الشعب الكردي للقدر، فأشعل إنتفاضة عارمة في جميع مناطقه و أماكن تواجده في سوريا و رد على النظام السوري الصاع صاعين في كل المحافل، و سرعان ما إنضم الكرد في أوروبا و باقي أجزاء كردستان الى أبناء جلدتهم بالتظاهر و الإحتجاج و التهديد و الوعيد. مرت ثلاث سنوات على إنتفاضة آذار و ما يزال أبناء الشعب الكردي يتذكرون أبطالهم و يحيون ذكراهم، باقين على العهد الى يوم الدين، على ان جرائم النظام السوري بحق شعبهم لن تذهب دون حساب مراهنين على كل الخيرين من أبناء سوريا في تحقيق التغيير الديمقراطي.
لقد وفى الكرد بوعدهم في العراق، فهاهم ينعمون بالحرية، وشبه الإستقلال، الذي طالما تطلعوا إليه، يديرون أنفسهم بأنفسهم من خلال برلمانهم المنتخب و رئيسهم و حكومتهم و جيشهم البطل، باعثين الأمل في نفوس أبناءهم في باقي أجزاء كردستان بالحرية و السلام. و ها هي أمواج الكرد تتهافت على شوارع دياربكر و موش و سيرت و ماردين وغيرها من المدن و القرى و القصبات مشعلين نار الحق و الحرية في وجه الطغمة العسكرية الفاشية الرافضة لاي منطق حي و عقل سديد في منح الكرد حقوقهم و مطالبهم التي بدونها لن تهدأ لها بال و لن تنعم بالأمان. أما في شرق كردستان، حيث تقع مهاباد و كرمنشاه و غيرها من المناطق الكردية في إيران، فإن أبناءنا و أخوتنا و أخواتنا يجسدون البطولات و التضحيات في أجمل آيات، يضربون نظام الملالي ضربات تسمو بها النفوس عنفواناً و عزة و كرامة.فلكم جميعاً يا أبناء شعبي كل التحية و المباركة على نوروز الحرية و الكرامة، و لكل الشهداء الأبرار إنحناءة عز و إعتداد، و لكل المقاتلين الأشاوس في جبال و ووديان كردستان،و لكل شريف تعز عليه كرامته و كرامة شعبه ألف تحية و أحر القبلات و أجمل الأمنيات في هذا اليوم الرائع، يوم نوروز، يوم العيد القومي لشعبنا.
زيور العمر
التعليقات