لو سألتني عن أسباب الأزمة اللبنانية لأجبت مباشرة ودون أدنى تردد .. وليد جنبلاط . لا أقول هذا إنطلاقاً من معارضة لسياسات الحزب التقدمي الإشتراكي الذي يرأسه جنبلاط بصورة عامة بل العكس هو الصحيح فلو خيّرت اليوم في الإصطفاف مع أي حزب في لبنان لما اخترت غير حزب وليد بك . لكن وليد بك تنقصه الخبرة في الصراع السياسي ولا يكف عن محاولة تقليد نبيه بري في المناورة والرقص على الحبال دائماً وأبداً دون توقف ودون أن ينجح في ذلك ولو لمرة واحدة. يغالب نبيه بري ويغلبه بري دائماً وأبداً .

حالما أنهى نواب الأكثرية اعتصامهم أمام قاعة مجلس الأمة المغلقة أمس وبعد أن أدلى وليد بك بتصريحه حول قراره بعقد مؤتمر صحافي في دارته في كليمانصو اليوم واستبشرنا بقائد ثورة الأرز يمتشق سلاحه ويعلن على الملأ أنه لن يعود إلى مغالبة نبيه بري، خرج أحد أزلام بري يقول أن دولة الرئيس سيعقد مؤتمراً صحفياً بعد ساعتين فقط لا غير . أدركت في الحال إذّاك أن بري سيحاول مرة أخرى اصطياد جنبلاط ويوقعه في حبائله وهي كثيرة الأشكال والألوان ..

لساعة ونصف رقص بري على حباله رقصة تأخذ بالألباب مؤكداً لقليلي الفطنة أن مراقصته إنما تعني الإخلاص للبنان. رفعت يدي إلى قلبي خشية أن يلتقط وليد بك بعض حبات الفستق التي ألقى بها إلى الأرض من فوق حباله المشدودة إلى (صديقه) وليد بك فلطالما ابتلع جنبلاط كل الطعوم ووقع في أفخاخ بري اللئيمة . من خلال هذي الفخاخ استطاع نبيه بري لأكثر من خمس عشرة سنة أن يؤمن لمعاونيه في حركة أمل أنصبة ثرية من الكعكة اللبنانية بل وما يكفي لاجتذاب أزلام ذوي رصيد وليسوا في الحسبان .

بعد سويعات قليلة وقع ما خشيناه وأقبل جنبلاط كما العادة يلتقط حبات الفستق ليراقص الأكروبات نبيه بري ولم يردعه سقوطه المتوالي من فوق الحبال المشدودة عالياً . سقط وليد بك مرة أخرى سقوطاً فاضحاً وأعلن إلغاء مؤتمره الصحفي الموعود !!

خمس حبات فستق سامة ألقي بها بري طعماً لوليد بك ..
ـ صداقته لوليد بك
ـ الموالاه التي تخشى على الوطن كما تخشى المعارضة ولم يقصر وليد بك في احتضان المهجرين
ـ ضمانته لسيناريو المحكمة وتفهمه لهواجس الموالاة
ـ دعوة البرلمان للإنعقاد خلال دورة العقد الحالية وسيحول دون حل البرلمان

سرعان ما يسحر اللاعب الأكروبات وليد بك فلا يعود هذا الأخير يفطن لمصائد الأكروبات وأحابيله. كنا نقول منذ البداية أن المحكمة ليست هي هدف المعارضة الوحيد بل إن رئاسة الجمهورية هي الهدف الموازي وربما السابق على المحكمة . لذل توعد بري أن إجتماعاً للبرلمان بالأغلبية المطلقة لانتخاب رئيس للجمهورية لن يكون شرعياً كما أصر بذات الوقت على أن المعارضة لا بد وأن تمتلك أكثر من ثلث مقاعد مجلس الوزراء وهو ما يضمن للمعارضة ألاّ تؤول سلطات رئيس الجمهورية إلى الأغلبية في حالة فشل البرلمان في انتخاب رئيس جديد للجمهورية وهو ما يتوقعه بري دون أن يعلنه. حكى نبيه بري عن كل شيء ما عدا هذه الحالة التي هي بيت القصيد .

قلنا في بداية الكلام أن وليد بك هو سبب كل الأزمة الحالية في لبنان وذلك لأنه هو من نصح رفيق الحريري بقبول التجديد لإميل لحود كيلا يقتل على أيدي السوريين وكانت النتيجة أن قتل الحريري بعد أن قام بالتمديد . ونحن لا نشك في أنه لو رفض الحريري التمديد وأعلن ذلك على الملأ مباشرة بعد تلك الزيارة المشؤومة لقصر quot;المتاجرينquot; فاضحاً بذات الوقت تهديدات بشار الأسد حرفاً بحرف، لو قام بذلك على خلاف ما نصح جنبلاط لما تم اغتياله ولما كان رجل سوريا إميل لحود في سدة الرئاسة اليوم . ومرة أخرى نصح وليد بك الأغلبية بعقد التحالف الرباعي قبل أن تغيب شمس الرابع عشر من آذار فكانت النتيجة أن كسب عون بأكثر مما يستحق ذهب بالتالي لأن يتحالف مع الموالين للنظام السوري ولما شارك حزب الله وحركة أمل بمجلس الوزراء طالما هناك شيعة كثيرون أحق من هؤلاء بعضوية مجلس الوزراء ولما كانت تبعاً لذلك أزمة الحكم الحالية .

سينصح جنبلاط مرة أخرى بقبول اتفاق مع نبيه بري ومع حزب الله بالتالي. وسيكون ذلك اعترافاً من وليد بك نفسه بشرعية سلطة ملالي إيران ومخابرات سوريا على مجلس الوزراء اللبناني ، اللبناني صورة فقط حالتئذٍ !!!!

عبد الغني مصطفى