عن أي عرس ديموقراطي..وعن أية شرعية اتنخابات في سورية يتحدثون....؟
يفيد كافة المراقبون الذين رصدوا سير مسرحية الإنتخابات التشريعية في سورية إلى أن نسبة المنتخبين لم تتعد 6% في أحسن حالاتها وفي أكثر المراكز في العاصمة دمشق التي اقترع فيها إجباريا ً عناصر الحزب والموظفين بوجود عناصر الأمن والمخابرات بشكل علني لإرهاب الناس، وهذه الطقوس الأمنية ليست جديدة ً بل هي مرافقة ً لكل فصول المسرحية السابقة الممتدة بعمر النظام الفردي الإستبدادي، ويعرف الجميع وأولهم الشعب السوري أن النسبة هي ثابتة دائما ً على 99، 99 أو مايجاورها وهي ليست نتاج عملية انتخابية شبه حرة بقدر ماهي تزوير مباشر لإرادة الشعب وإخراجها دائما ً عالية حتى ترتفع معنوية النظام أو على الأقل حتى لا تسبب انهيارا ً لدى أجهزة النظام وأعوانه لأنهم يفتقرون لأي سند قوة حقيقي غير القمع والتزوير.
وليس جديدا ً على النظام استمرار حملات انتخاب صورية تنتج على الدوام مجلس شعب صوري لايحل ولايربط ولايتكلم حتى ولايصمت أمام التزوير بل وظيفته المشاركة بالفساد والتغطية على الفاسدين، أي أنه لايستطيع أن يفعل شيئا ً سوى رفع الأيدي على القرارات والأوامر الأمنية لتمريرها عبره على اعتبار أنه هو السلطة التشريعية في البلاد، وألقاب مجلس الشعب في سورية وأوصافه من قبل الشعب السوري يتناقلها الناس خفية ً وحتى علنا ً في كثير من الأحيان وتعبر في خلاصتها عن دور وصلاحية الأعضاء وعن كيفية مجيئهم وعن الصلات الأمنية التي تجمعهم مع النظام وعن أقنية الفساد والإفساد التي أنتجتهم وعن البرامج الخشبية التي تتكرر وتزيد دفع الشعب نحو الفقر والتخلف والتفكك وإضعاف سورية.
وليس جديدا ً أن القوائم تعد سلفا ً وتوزع بين الحزب الحاكم وصنوه الجبهة الوطنية ويتقاسم الفاسدون رغم اختلاف مرجعيتهم quot; الوطنية quot; مقاعد المجلس ويتم تطعيمهم بجيل جديد مرشح للفساد العلني وبالجملة بعد أن كانوا يمارسوه سرا ًوبالمفرد أشبه بدورات تأهيل واطمئنان من قبل النظام أن الأعضاء الجدد سوف يكونوا على الأقل واجهة فاسدة جديدة لخمسة سنوات قادمة تطحن الشعب بين رحاها ولاتبقي له من متطلبات الحياة الإنسانية شيء يذكر.
ومقروءا ً بشكل جيد من جميع السوريين أن مسرحية الإنتخابات هي شكلية من أسفلها إلى أعلاها وهي محصورة بين واجهات النظام وأجهزته الأمنية ومن في دائرتها الوظيفية أو المصلحية أو المجبرة أو الموعودة بحصة من الفساد مستقبلا ً إن أسعفتهم الظروف في البقاء، أوالمرتبطة برابطة ما غير مشروعة مع النظام بحكم حجم توريطها في فساده وتلاقيها معه في تفكيره الفردي الإقصائي الذي يلغي الآخر كليا ً وينتهك حقوقه ويزور إرادته ويعرقل مسيرته ويستهتر بأهدافه نحو بناء حياة حرة يتمتع فيها المواطن بأبسط حقوق الإنسان، باختصار المسرحية كلها تتم بمشاركة النظام نفسه وبنصاب الحد الأعلى من فاسديه يغطيها بحملات عامة لنشر الصور الملونة وخيام الصدقات والضحك على أنفسهم لأن الشعب واع تماما ً لأبعاد المسرحية بكاملها وبكل شخوصها وبرامجهم quot; الثورية القومية التقدمية quot; القادمة التي تزيد من تعطيل العقول والمزيد من كم الأفواه وشد الأحزمة على البطون ودفع البلاد نحو المجهول.
لكن الجديد هو موقف المعارضة السورية بكافة أطرافها في الداخل والخارج وفي طليعتها جبهة الخلاص الوطني وإعلان دمشق والتي أجمعت على مقاطعة المسرحية المهزلة، ذلك الموقف الذي تفاعل معه الشعب بشكل واضح لأول مرة ورغم كل ظروف التهديد والتخويف وإغراق الشوارع والساحات بكثافة الإعلانات عن المرشحين والمرشحات وصفاتهم الشخصية وبدون اية برامج سوى برنامج واحد لكل المرشحين،هو برنامج النظام نفسه وشعاراته التي أكل الدهرعليها وشرب ولم تعد لها صلة بواقع الشعب الحالي ومشاكله المستعصية التي حصره النظام فيها، وعبر عن موقف المعارضة هذا هو التدني الكبير في الإقبال على الإنتخابات رغم أنه لايشكل معضلة للنظام لأن النتيجة معروفة حتى قبل بدء الإنتخابات ولكنه يؤشر بشكل واضح عن تنامي عزلة النظام الداخلية توازيا ً مع عزلته الخارجية والتي تؤشر بداية العد الحقيقي لتفعيل برنامج المعارضة السورية نحو التغيير الديموقراطي الشامل في سورية.
والجديد أيضا ً هو الموقف الدولي من المسرحية والذي اعتبرها غير نزيهة ولاتتمتع بأدنى معايير العملية الإنتخابية من حرية الترشيح وحرية الإنتخاب وكونها جرت تحت حالة الطوارئ والقوانين العرفية وغياب النزاهة وغياب المعارضة واعتقال رموزها في السجون وغياب التنافس الديموقراطي وحصره من قبل النظام بالتنافس بين أعضاء مجلس الشعب، التنافس على خدمة النظام والفساد ووقف مشاريع الإصلاح وحصر الشعب في اليأس وزيادة الإحتقان السياسي والإجتماعي والأهلي في سورية.
بقي أن نقول: أن حديث أبواق النظام المعروفة والمرتبطة به مصيريا ً والتي تمثل جزء من ميكانيكية النظام وللعجب كلهم من رتبة وزراء ووزيرات وعاشوا أو درسوا أو خدموا النظام في دوائره في العالم الحر ووقفوا بشكل مباشر على احترام قيم المواطنة وحقوق الإنسان وتقديس الحرية! نراهم يتكلمون وكأنهم قادمين من كهوف ماقبل التاريخ، ولايملك الفرد إلا أن يشمئز من حديثهم الإستفزازي المستهتر بإرادة الشعب حول المسرحية، حديثهم عن خطوط استراتيجية بخطاب إنشائي انقرض مع المنقرضات، الخطاب المتهالك الذي يؤكد بشكل واضح انعدام المشاركة من قبل الشعب واختصارها على أعضاء النظام ومنافقيه والذي يعكس بداية انهيار أهم عامل في بقاء النظام، والأكثر من ذلك هو وصفهم للمعارضة السورية الوطنية والمعروفة مواقفها لهم وللخارج وحرصها على التغيير الوطني الديموقراطي الحل الوحيد الذي يحمي البلاد من الإنهيار في هذه الظروف الإقليمية الخطيرة ووصفهم لها بأنها أمريكية والنظام نفسه يرسل المبعوث تلو الوسيط لأمريكا وغيرها متوسلا ً الحوار..! ماذا بقي للنظام أن يصف به الشعب السوري؟ سبق أن وصفه بالتطرف والإرهاب والخوف وحتى بالخيانة، والآن يصف الشعب السوري بأنه أمريكي و متعاون مع الخارج! نتساءل من المهزوم في quot; سباق عرس الديموقراطية quot; إنها الخطوة الأولى نحو تفعيل مشروع المعارضة السورية من المقاطعة إلى عدم الإعتراف بما تنتجه المسرحية...إلى غياب الشرعية الدستورية والشعبية... الغياب الذي سيتبعه غياب كبير في سورية.
د.نصر حسن
التعليقات