مفتاح نجاح حكومة عن سابقاتها يكمن في مقدرتها على التنفيذ في اقصر وقت ممكن بأقل تكلفة و أعلى مردود.
و رئيس الحكومة الاردنية د.معروف البخيت عليه أن يعمل في اتجاهين ليحقق النجاح المنشود وأولهما نتائج العمليات اليومية للتشغيل الوزاري و الثاني هو جهود التطوير.
قد تكون وزارة الأداء الحكومي هي المشغل و الناقل الأمن لمساعدة الوزراء للوصول إلى نتائج ملموسة و تطوير الأهداف و قد تصبح عبئا ماليا و إداريا إذا ما كانت حقيبة مضافة للترضية السياسية لاتجاه أو آخر.
الوزراء يجب أن يتم تقييمهم باستمرار من خلال جهة أعلى منهم تماما كما يجب تقييم دوري لرئيس الحكومة بمعزل عن أداء الوزراء من جهة و بشمولية أعمال الطاقم الوزاري متضمنا الرئيس نفسه من جهة أخرى. و هذا يعني أكثر من تقييم و لكن من يقوم بهذا؟.
باستثناء التدخل الملكي في كل لحظة فشل و تقصير فأن التقييم غائب و يتم الاكتفاء بمقالات و لقاءات صحفية مادحة للحكومة من خلال رجالاتها.
و هنا أتوقف عند حقيقة دامغة فيما إذا كان رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت هو الاختيار الصحيح في لحظة جرح غائر امني استهدف فنادق الأردن ثم تلاشت المرحلة تلك، و لنفترض جدلا أن طاقمه الوزاري تم اختياره بعناية من قبله، و أن المعلومات متوافرة لمجلس الوزراء من خلال مصادر مختلفة، فلماذا نتائج الحكومة تأتي محملة بأخطاء و لماذا تطبيقات حكومته متأخرة و تحمل الفشل بين طياتها؟.
لماذا تأتي مقدرة حكومة الرئيس البخيت quot;المعدلة quot; على الفعل بطيئة؟ و لماذا يغيب قياس مؤشر الأداء للحكومة عن تناول الصحافة، و يغض النظر عن الدوائر الحكومية المعنية و لا تتابع شهريا، إن لم تكن أسبوعيا من قبل الرئاسة و يتم التغطية عما تفعله الحكومة و تقوم به؟.
و اقصد هنا أن حكومة البخيت تواجه مشكلتين احدهما هي كم مشروع عهد بها إليها من قبل القصر في خطاب تكليف أو تعليمات مباشرة لم يكن بإمكانها تنفيذها دون أخطاء خلال مدة معينة، و كم هي سرعة الحكومة و قدرتها في إنهاء الإعمال المسندة إليها و التي تواجهها يوميا؟. الحكومة نفسها قادرة على رصد ذلك و كيفية إجراء تصحيح على الإجراءات في التقصير. لا بد من وجود مرجع عمل مدون به ذلك يمكن الرجوع إليه و إلا فأنها ترتكب خطاء أدارى مضاف عند النظر إلى مؤشرات الأداء الحكومي.
و المتابع لحكومة البخيت يرى أنها تفتقر في بعض من أجزاء جسدها الحكومي إلى قيادات ذات رؤية،بعض من الوزارات المكلفة بأعمال يجرى تجزئتها إلى لجان، و خلال عام نجد أن الحكومة أصبحت مجموعة حكومات مصغرة و ضاعت بين الخطاب الملكي و فلسفة التنمية السياسية المفقودة و نظريات يجرى تداولها و لكنها غير قابلة للتطبيق و غيرها.
و يضاف إلى ذلك غياب قاعدة بيانات و معلومات مشتركة لفهم الدور المناط با لوزراء و المهام المكلفين بها و كيفية تنفيذها، و بالتالي كيف يدير الوزراء وزاراتهم و كيف يطورونها و على أي أساس باتت معضلة و مرض دون علاج؟.
القضية ليست دوام للوزير يبدءا صباحا الثامنة و حتى الثالثة و اجتماعات و سيارة تنقله إلى مناسبات و مآدب و حضور جلسات البرلمان، إنها ليست روتين و يجب ألا تكون. و كذلك دور رئيس الوزراء.
فشل حكومة البخيت و الانتقادات الدائمة المعلنة و غير المعلنة مردها التالي:
أولا : الحكومة لم تقم بتعريف المجتمع بقيمتها السياسية و الإدارية و اكتفت في أول ثلاث شهور بالجانب الأمني.
ثانيا :لم تظهر أي مقدرة على التنفيذ و تلبية الاحتياجات في الوقت المناسب
ثالثا:صورة الحكومة الجماهيرية كانت quot;مرعبةquot; و لم تفلح في نقل صورة حكومة quot;قادرة quot; و إنما كانت الصورة عنها بأنها حكومة سلطوية في تعاملها برأس quot; امني استخباري quot;.
رابعا:كانت تبدو ضعيفة في إدارة المعلومات و تمريرها للوزراء بعكس ما هو مطلوب مثلما تظهر المعلومات أمام قائد الطائرة أثناء التحليق. و بالتالي كانت القرارات على معلومات غير مكتملة.
خامسا:لم تقبض مؤسسات المجتمع المدني quot;جدية الحكومة quot; في معالجة المشاكل خصوصا مع وجود وزراء أقوياء يقومون بأخطاء كبيرة و دون محاسبة.
سادسا:بدا بعض الوزراء و كأنهم غير قادرين على مبادرات فردية على التطوير و لم يستطيعوا أن يحافظوا أو يجذبوا اقتصاديات قوية و استثمارات قريبة و سهلة.
سابعا :تدخل الرئيس في أشياء صغيرة في الوزارات على مستوى الإدارة الرفيعة quot;المايكروquot; اضعف الوزراء و أدى إلى فقدان التوجه الاستراتيجي الشامل لأداء حكومي من المفترض أن يكون موحدا.
ثامنا :تداخل صلاحيات هيئات و مؤسسات مع الوزارات المختلفة اضعف النتائج و أدى إلى قرارات أضاعت الهدف.
تاسعا : المواجهة مع النقابات و عدم الفهم الواضح لدورها و محاولة تقسيمها و كأنها طفيليات في بركة الحكومة العكرة.
عاشرا :مصداقية و اهلية اصدقاء رئيس الحكومة و اللذين تم اسناد مناصب حكومية لهم في مجلس الوزراء و مؤسسات مختلفة تبدو و كأنها ترجمع لعلاقات شخصية اكثر منها اختيار لكفاءة.
للأسف، فأن كل ما سبق يمهد لإقالة أو سقوط سيء للحكومة في نظر البعض و قد ينعكس على نوعية الاختيار المستقبلي للرئيس القادم.
ا لأردن يحتاج إلى وزراء قادرين على التطوير و لديهم رؤية و مبادرة و هم شركاء في المسؤوليية لمجلس الوزراء لا حاضرين جلسة كل ثلاثاء أو خميس لتمرير قرارات و الموافقة الدائمة على مقترحات السيد رئيس الوزراء.
آلية إدارة الحكومة الأردنية بحاجة إلى مراجعة للمهام والعناصر البشرية و التفكير الاستراتيجي ضمن إطار نموذج quot;التكاليف في مقابل النتائجquot; أو نموذج quot; الأهداف في مقابل الوقتquot; أو ربما دمج الاثنان معا.
مجلس الوزراء هو حافلة سريعة مثل القطار الياباني السريع quot; الرصاصة quot; لنقل المجتمع ضمن الأوليات من خلال محطات، و لكن يبدو أن الدكتور البخيت توقفت محطته عند حادثة فنادق عمان و لم تفلح في سباق مرتفع الرمان السياسي العالمي، لذا يرى البعض تغيير الحافلة أفضل من إلغاء المحطات وهو ما يتوقع حدوثه خلال الاسابيع القليلة القادمة.
د.عبد الفتاح طوقان
[email protected]
التعليقات