ان من يريد ارباحا نوعية وثراءا سريعا فعليه ان يخط لافتة سوداء يبحث لها عن مقولات من التراث الاسلامي فهذه الاخيرة تمثل مادة مدوية اوقع في النفوس لدى الكثيرين ممن يتعاملون على طريقة ( فأموالهم يا ولدي حلال علينا ونسائهم جوارٍ لنا ) وبهذه الطريقة يصبح مباحا له كل شئ!

ويبدو ان الفكرة استهوت الكثيرين من خارج العراق فشجعت شركات الاختطاف والمافيا الى دخول العراق ذلك البلد الذي ينهش فيه العدو والصديق، حتى اصبحت جماعة تخطف واخرى تستنكر ثم بعد فترة تتبدل المراكز وتتغير الادوار وجميع ذلك تحت شفاعة ( المقاومة ).

يذبحون البشر ويقصون الرقاب كما تقص رقبة الدجاجة من اجل سعادة الانسان وباسم الله وعلى بركته يكون الذبح! يستمتعون بفعل الجريمة وتدمير كل شئ بما في ذلك الجسور فهي الاخرى اصبحت عدوا لهذه الجماعات المتخلفة، طالما كان ذنب الجسور الوحيد انها تقدم خدمة مجانية للمواطن العراقي، وهذه جريمة من الدرجة الاولى في لوائح ( المقاومة ) تعاقب عليها تشريعات الجهاد والنضال التي لم تتكرر ادبياتها في جميع لوائح الحركات النضالية في العالم على الاطلاق.

يالها من رؤية ويا له من مشهد!! ( قربة الى وجه الله ) كيف كانت تلك القربة؟ وكيف يراد بهذا الذبح سبيل الله؟! من هم هؤلاء؟ هل هم انبياء برسالات جديدة؟! هل هم ملائكة الله الذين اخبرت عنهم الكتب المقدسة؟ ام هم مخلوقات من كوكب اخر؟

لكن معرفة خيوط هذه اللعبة لن تكون مستعصية على من يريد الوصول الى الحقيقة، فوقفة ولو على عجالة مع طبيعة العقل الذي يحرك الاجهزة الامنية في زمن النظام السابق تتيح للمراقب وبوضوح تام تصورا مفاده ان فكرة السلفية وفقه الذبح الذي شاع اخيرا هو ورقة امنية تخريبية استورد بعض مشاهدها ايتام صدام عن طريق بعض المخبولين العرب ذوي الادمغة المفخخة، وبعضها الاخر نفذها الصداميون انفسهم تحت لافتة الشعارات السوداء مشفوعة بماركة ( لا اله الا الله ).

فالبعثيون يا سادتي يعرفون تماما قبل غيرهم انهم لا يملكون في الشارع العراقي صوتا واحدا وذلك نتيجة لما اقترفوه من جرم وجريره بحق العراق والعراقيين ودول الجوار.. لا بل حتى بحق السمك في مياه الاهوار والطير في كبد السماء او النملة في جحر الارض، لهذا كان افضل لهم ان يتلبسوا بهذه العناوين وتلك اللافتات، وهذا ما تؤكده شواهد كثيرة منها احد الصحفيين الفرنسيين الذين اختطفتهما جماعة ( الجيش الاسلامي في العراق ) حينما اكد ذلك الصحفي بان احد المسؤولين عنه كان الحارس الشخصي لعبد حمود.

تلك شهادة من صحفي محايد ورجل قد يقف مبدئيا مع معزوفة المقاومة بحكم الموقف الفرنسي المعروف ولكنه رغم ذلك لم يعتد على تزوير الحقائق او اخفائها كما هو حال الاعلام في بلدان المنطقة العربية والذي ما يكون عادة مطية للحكومات.

هذا مؤشر لغير العراقيين اما بالنسبة لغالبية الشعب العراقي فهم ليسوا بحاجة اصلا لشهادة من هذا النوع، اذ انهم على معرفة مسبقة بالوان المخابرات العراقية وايتام البعث المنحل، اولئك الذين يمارسون من اجل مصالحهم اشد الاساليب قذارة وخسة وبشاعة فتاريخهم مكشوف للخافقين.

ان معضم العراقيين على دراية تامة بان هذه الموجه من العناوين ( الاسلامية ) هي امتداد لجلباب تجلبب به صدام ومخابراته منذ الحملة الايمانية التي اطلقها اوائل التسعينات.

ان اسبابا كثيرة دعت البعثيين لالتحاف جلباب الدين وذلك لانهم على علم مسبق بان بالوناتهم وشعاراتهم الوطنية والقومية والعروبية قد فرّغت تماما من محتواها ولم تعد قابلة حتى للتسويق، مما يعني ضرورة استدعاء لافتات من نوع آخر تناغم العقيدة وتعزف على العاطفة والدين من اجل استقدام عدد من المغفلين العرب والمسلمين الى العراق من ذوي الادمغة الجامدة، الذين تحركهم عن بعد جماعات سلفية هي وحدها قادرة على التعاون مع الفكر البعثي، لان ابطالها ليسوا مخلوقات كما هم البشر، بل شياطين من الجن لا نعرف كيف نزلوا الى الارض وإلتحفوا شريعة النبي محمد.

ان الثنائي البعثي السلفي حاولت ان تسوقه بعض الاطراف الاقليمية تحت رعاية تغطية اعلامية ضخمة جدا ولم تعد هذه الحقيقة غائبة عن احد.

هذا هو الواقع.. فلا لافتة ( لااله الا الله، محمد رسول الله ) ولا غيرها من شعارات الاسلام، بل انها حرباء الاجهزة الدموية من بقايا الحقبة الحمراء، تلوّن نفسها مع الموجة كي تمارس هواية الذبح والتفخيخ، ومن يريد الوقوف على صفحات البعث السوداء فهاتيكم الرايات السود تمنحه بعض المشاهد وبالمجان.

فاينكم يا هواة الحقيقة؟! ويا سادة المنطق.. لا جيش لمحمد ولا كتائب للرسول، بل ليس ثمة جهاد ولا مجاهدين، لا توحيد ولا جهاد.. انها رهان لمن عبثوا في السابق ولا زالوا يعبثون حتى اللحظة في ارواح الابرياء تحت جلباب الاسلام والجهاد، وهذه نيران التخريب وضّف فيها البعثيون جميع الاساليب لبعثرة الاوراق تحت مسميات جيش محمد، انصار السنة، كتائب التوحيد و الجهاد، الجيش الاسلامي.. وغيرها من عناوين شيطانية ابليسية، ليس فقط انها لا تمت بصلة الى تعاليم الاسلام بل هي لا تعترف بالاديان السماوية ولا تريد احترامها على الاطلاق.

في الختام لابد من التاكيد بان حركات مسلحة من هذا النوع يمكن لها ان تربك حكومة ضعيفة وان كانت شرعية كحكومة لمالكي، لكنها في نفس الوقت تكشف انيابها يوما بعد اخر وتعلن افلاسها الجماهيري عند العراقيين.. اللهم الا عند حاضناتها المعروفة.

جمال الخرسان

كاتب عراقي

[email protected]