والأحرى: الإئتلاف ومرض الحكيم.
بدأت ndash; كالعادة- خلال الأيام القليلة الماضية في الشارع العراقي سلسلة من التكهنات التي تقع ضمن دائرة البحث عن إجابات شافية ومقنعة لما يحدث داخل الإئتلاف العراقي الموحد من أمور قد تبدو غير واضحة للمتابع العادي وملتبسة في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى جدوى التغييرات المتوقعة التي ستحدث قريباً في رأس الهرم القيادي للمجلس الأعلى والإئتلاف الموحد.


الساحة السياسية العراقية بتغييراتها الدراماتيكية وأحداثها الغير متوقعة، أصبحت شيئاً معهوداً لا يأتي بجديد لجهة المفاجئات التي قد تحدث في أية لحظة والتي قد يكون أبطالها أي طرف من أطراف العملية السياسية في البلد دون استثناء أوتمييز، وقد يدق مرض السيد عبد العزيز الحكيم الأخير، ناقوس الخطر ألف مرة بدل المرة الواحدة، حيث تدعو الضرورة إلى التمعن والتدبر في الكثير من الأحداث الماضية والتي مرت مرور الكرام دون الإلتفات لها والاهتمام بها، وبالإخطاء التي رافقت العملية السياسية دون الإستفادة منها!
وللحقيقة نقول إننا في العراق لانميل للإستفادة من الأخطاء، ولانتعلم من الدروس الماضية، كما إننا لانلجأ إلى سياسة استباق الأحداث والتهيأ والترتيب لها قبل وقوعها، وكل مانستطيع عمله هو الإنتظار، انتظار المجهول حتى يقع ثم نبدأ بممارسة مهنة البحث عن الحلول المناسبة لتصحيح الأخطاء ومعالجة العيوب !
وفي السياق قد تبدو قضية من يخلف رئيس الإئتلاف والمجلس السيد عبد العزيز الحكيم واحدة من بين عشرات الحوادث والقضايا الهامة التي لم يتم الترتيب والاستعداد لها بشكل جيد، وقد يساهم التفكير القديم الروتيني المتأصل الذي تشبعت به العقلية العربية في تعميق حالة انعدام وضياع الحلول وضيق الأفق السائدة؛ حيث يتم اللجوء لطرق التوريث والخلافة والتعيين المباشر وفرض أسماء على حساب أخرى! وفي ذلك يؤكد (رضا جواد تقي) مسؤول العلاقات السياسية في المجلس لجهة التطورات الأخيرة وخاصة مرض الحكيم: ((ان أحداً لم يفكر البتة في من سيخلف الحكيم)).


تتجسد المشكلة في بعدين، البعد الأول يتمثل في الإجابة عن السؤال التالي وهو: هل من الصحيح أن يجمع السيد الحكيم بين قيادة المجلس الأعلى ورئاسة أكبر حزب وإئتلاف سياسي على الساحة العراقية؟.. كان من الأفضل بحث هذا الموضوع مُنذ البداية أي قُبيل مهرجان توزيع المناصب.
أما البعد الآخر وهو بعد تنظيمي له علاقة بعمل المجلس الأعلى واستراتيجيته، وهيكله التنظيمي والإداري وهل يسمح ذلك التنظيم- إن وجد - في تبوأ عمار الحكيم أعلى منصب في المجلس وربما الإئتلاف في حال أستمع السيد الحكيم لنصائح الأطباء وأبتعد عن العمل السياسي والتفرغ للعلاج، كما يفعل في العادة غالبية الساسة ذلك.


المشكلة ليست في شخص عمار الحكيم نفسه، فلا إعتراض على الرجل، بل ان الإشكالية الحقيقية تكمن في كيفية تطبيق الشعارات المرفوعة من قبل المجلس، وتطبيع الأوضاع بإتجاه ضمان سير الممارسة الإنتخابية الديمقراطية والإختيار الصحيح المتأتي من الإقتراع المباشر على شخص خليفة الحكيم وليس طريقة أختيار الشخص ثم تعينه أو حتى فرضه على الآخرين، والكلام يمكن أن يقال بالنسبة لعمار أو لغيره.
ففي حال أُختير عمار الحكيم بطريقة ديمقراطية لرئاسة المجلس أو الإئتلاف، وتم ذلك في جوٍ من المنافسة الشريفة، فلن تكون هنالك أية مشكلة. أما لو أختير عمار بديمقراطية مشوهة ومنقوصة، فإن ذلك سيُعزز من سياسة quot;التوريث الحزبيquot; التي تنتهجها غالبية الأحزاب داخل مؤسساتها وهياكلها التنظيمية، كما إن ذلك قد يكون عاملاً مساعداً على إشاعة المزيد من الإحباط في نفوس الملايين التي مارست عملية الإنتخاب بأسلوب التحدي وإثبات الذات، الأمر الذي ينعكس على شرعية الإئتلاف، ويطرح الكثير من التساؤولات حول ممارسات سابقة لمن يقود العملية السياسية في البلد، بل سيُكرس ذلك حالة من فقدان التوزان وإنعدام الثقة بين الجماهير وقيادات الأحزاب الحالية.

معد الشمري

إعلامي وصحافي
[email protected]