ليس أكثر مهارة من السيد حسن نصرالله في صناعة الخطاب الطيب، الخطاب الناعم الذي يفيض بالمشاعر الإنسانية، حتى أن المتلقي يحس ويرى أن هذا الخطيب إنما هو من رجال الله الطيبين، المحب لكل البشرية بكل أطيافها، لا يفرق بين عربي وأعجمي حتى ولا بالتقوى.

لأنني أعلم تماماً أن نصرالله ليس من هذه القماشة وهو الذي يقبض من إيران سنوياً مئات ملايين الدولارات ويقيم دولته داخل الدولة بترسانة ضخمة من الأسلحة المهربة إليه من إيران عبر سوريا، لأنني أعلم ذلك علم اليقين بت ليلتي أقلّب الخطاب الناعم جداً لحسن نصرالله وإذا ما هو في صدد استعادة صورته القديمة التي باخت ألوانها كثيراً بعد quot; وعده الصادق quot; والتسبب بكارثة كبرى للشعب اللبناني وبعد أن استقال وزراؤه من الحكومة احتجاجاً على بحث إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي دون أدنى اعتبار لاغتيال وزير شاب زميل لهم هو بيير الجميل. وتساءلت فيما إذا كان يستطيع ذلك رغم كل ذلك؟

ما لفت انتباهي بقوة أخيراً هو وقوفه قبل الختام ليؤشر بقوة إلى quot; غيرة quot; الأمريكان على الجيش اللبناني وتزويد بالذخائر والأسلحة على عجل لتساعده على مواجهة فتح الإسلام في مخيم نهر البارد. واستذكر نصرالله هنا تصريح الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي كشف أن الأمريكان استجلبوا الإرهابيين إلى العراق لمواجهتهم على أرض العراق وليس في المدن الأميركية. وخلص من ذلك بتحذير اللبنانيين من مخطط أمريكي يقضي quot; بعرقنة quot; لبنان وبتحويله إلى ساحة مواجهة بين الدولة اللبنانية ومختلف عناصر القاعدة والتكفيريين!

ما خطب نصرالله في ذكرى النصر إلا ليدب الهلع في قلوب اللبنانيين من تحويل لبنان إلى ساحة مواجهة مع عصابات الإسلام السياسي وخاصة القاعدة وعناصرها الذين لا يرتدعون عن اقتراف أبشع الجرائم كذبح النساء والأطفال وجز الرقاب بالسكين. نتذكر جميعاً الأسطوانة السورية المشروخة التي أدارها كل من بشار الأسد وفاروق الشرع ووليد المعلم والتي تحذر اللبنانيين من أن يسمحوا بأن يكون لبنان مرتعاً للقاعديين وأمثالهم كما حال العراق! اليوم نصرالله اللبناني يعيد الأسطوانة السورية! الأسطوانة المسجلة على إيقاع إلغاء المحكمة الدولية.

هنا أقول لحسن.. لبنان ليس العراق ولن يكون العراق. ليس ثمة فرصة لأن يحكم لبنان بعثي كصدام. العراق وصل إلى أسفل الدرك لأن صدام لم يبق ِفيه غير ما فيه اليوم. لا مال ولا ثقافة ولا مدنية ولا سياسة ولا سياسيين ولا كتب ولا علم ولا علوم، لم يبق فيه إلا همج البعث وأهل الحوزات وشيوخ الدين وهم الذين يكرهون المعرفة في كل شؤون الدنيا. لم يبقَ في العراق إلا ما يكونه اليوم. أما لبنان فهو بلد الشموخ والعزة الذي لا ينحني لطاغية جبار ولا لمحتل أثيم. لبنان الذي هزم إسرائيل أكثر من مرة دون أن يمتلك الطائرات والمدافع والدبابات.

أقول لحسن ولأصدقائه في دمشق.. سيهزم اللبنانيون الأشاوس القاعدة والأمراء الذين يرسلون القاعدة في الليل البهيم عبر الحدود إلى لبنان.
أقول لحسن.. ليس الأمريكان هم من أرسل فتح الإنتفاضة إلى مخيم نهر البارد بل أصدقاؤه في دمشق. ثم ألا يمايز السيد حسن بين رجال القاعدة الذين يذبحون الأبرياء طمعاً بالجنة وبين أصدقائه في دمشق الذي يذبحون الأبرياء طمعا بسقط المتاع؟!!!

متى يفيق المؤمنون، رجال الله؟!!

عبد الغني مصطفى