كل تعديل للدستور يظل موضع شبهة بالرغم من مختلف دواعيه فما بالك بتعديلين للدستور توصي سلطة الوصاية أو الإحتلال، لا فرق، بإجرائهما يتعلقان بشخص بعينه. في مثل هذا الحال لن يظل الأمر موضع شبهة بل يتجاوز ذلك إلى القطع بعدم الشرعية وبالمخالفة الفظة للدستور. طلبت سلطة الإحتلال السوري الأسدي من البرلمان أن يعطل المادة الدستورية التي تحول على موظفي الصنف الأول الترشح لرئاسة الجمهورية وكان لحود قائداً للجيش منهم، فتم لها ذلك في خريف 1998، وجيء بإميل لحود رئيساً للجمهورية. وفي خريف 2004 طلبت سلطة الإحتلال الأسدية وبلسان الأسد الإبن هذه المرة أن يعدل الدستور ليتم تمديد ولاية إميل لحود لثلاث سنوات أخرى وإلا فسيقوم الأسد الإبن بتهديم لبنان على من فيه(!!) وتم عنوة تعديل الدستور وبالتالي التمديد.

العماد لحود وهو العسكري المحترف مثل نظيره عون لم يكترث بكل الشبهات التي تحيط بشرعيته وقام بإقدام استثنائي بمخالفة الدستور حين لم يوقع أمر دعوة الهيئة الناخبة في المتن الشمالي لانتخاب نائب عوضاً عن نائبهم المغدور الشهيد بيير الجميل كما يشترط الدستور أن يتم ذلك خلال شهرين ليس أكثر. ثم خالف الدستور مرة أخرى عندما لم يوقع على أمر دعوة مجلس النواب إلى دورة استثنائية كما طالب رسمياً عشرات النواب والدستور يلزم رئيس الجمهورية بالتوقيع. بل أكثر من ذلك فقد اقترف هذا الرئيس المعين من قبل سلطة الإحتلال السوري الأسدي جرم الخيانة العظمى، ويتمثل ذلك برسالته إلى جهة أجنبية هي الأمم المتحدة يطعن فيها بشرعية الحكومة الشرعية اللبنانية التي هو نفسه كان قد وقع مراسيم تشكيلها بعد أن سمّى رئيسها كل نواب الشعب بالإجماع باستثناء نائب واحد لديه حزازات شخصية، حكومة لم تزل تحتفظ بثقة الأغلبية في مجلس النواب.

الجديد في الأمر أن الحكومة قررت دعوة الهيئات الناخبة في المتن الشمالي وبيروت لانتخاب بديلين لشهيدي معركة الحرية والإستقلال بيير الجميل ووليد عيدو. وأفاد البعض بأن الحكومة ستجري الإنتخابات حتى ولو لم يوقع رئيس الجمهورية أمر الإستدعاء كما يستوجب الدستور وذلك لأن انتخاب نواب بدلاء هو ردة الفعل الصحيحة على اغتيال النواب من الأكثرية بقصد خفض عددهم والحيلولة دون انتخابهم لرئيس للجمهورية لا يأتمر بأمر الأسد وأزلامه مثل إميل لحود.

إذا ما امتنع رئيس الجمهورية عن توقيع أمر الاستدعاء فعندئذٍ سيكون قد كفّ عن القيام بوظائف رئيس الجمهورية الدستورية، ولذك يتوجب حالاً على الحكومة وعلى البرلمان اتخاذ قرار يعلن فراغ رئاسة الجمهورية والعمل على انتخاب رئيس جديد في أقرب وقت ممكن. أن يخبئ نبيه بري مفتاح البرلمان في جيبه فذلك يجب ألا يعطل الحياة في لبنان فالشعب اللبناني لن يعترف بالمفتاح ولا بجيب نبيه بري ولا حتى بنبيه بري نفسه. استمرار الشعب في حياته هو نفسه استمرار لبنان. على الأغلبية أن تجتمع في أي مكان مناسب برئاسة نائب الرئيس فريد مكاري لتقرر شغور منصب رئاسة الجمهورية وتولي الحكومة مجتمعة كافة سلطات الرئاسة حتى انتخاب الرئيس الجديد.

شغور الرئاسة يعطي شرعية لا لبس فيها للانتخابات الفرعية دونما حاجة لتوقيع إميل لحود. كما يوجه بنفس الوقت ضربة ساحقة على يد إميل لحود التي ستوقع مراسيم تشكيل حكومة ثانية كما يهدد هو وأزلام الأسد في لبنان.

عبد الغني مصطفى

لقراءة مقالات اخرى في ايلاف