بعد أن حررت حماس قطاع غزة من المغول والكفار والزنادقة يحز بالنفس وأنا استمع لأغنية فلسطينية شبابية جديدة تطالب هنية وعباس بوقف حمام الدم هذا أن لا تجد في الكتابة العربية عما يدور في المنطقة سؤالا واحدا فقط : من أين لحماس كل هذا السلاح الفتاك؟ مرة أخرى ألايوجد في حماس من يسأل قياداته

من أين تأتي بالسلاح؟ من الواضح مرة أخرى أن السلاح الحمساوي لا يأتي عن طريق الجو أو البحر بل يأتي عن طريق البر. والبر الغزاوي محكوما بمصر المحروسة وإسرائيل / المحروسة أيضا! حماس فإذا كانت حركة فتح قد استفادت من السلاح المسموح به وفقا لاتفاقيات أوسلو التي قتلتها إسرائيل وحماس والسلطة السورية الإيرانية في مهدها. فإن من المشروع تماما كي يصبح المواطن بعيدا عن تلك الغوغائية الدموية التي خرج علينا بها ممثل حماس ليعلن تحرير قطاع غزة من العملاء. كل هذه الضجة عن الموساد والشاباك والمخابرات المصرية والشهرة العالية في الدراما : هل يعقل أنهم لايعرفون كيف تحصل حركة حماس على كل هذا السلاح؟ وكيف تحصل المليشيات السلطوية والمقاومة! في العراق على السلاح؟ أما في لبنان فحدث ولاحرج فقد استطاع النظام السوري خرق كل القرارات والمعايير ودفن في لبنان مستودعات كاملة من الأسلحة لاستخدامها عند اللزوم. وهاهم الوكلاء في لبنان يستخدمون هذه الأسلحة الآن في الاغتيالات والتفجيرات وسيبقوا يستخدمونها حتى تخر أمريكا ساجدة أمام السلطات العربية وتقول لها : الملك لكم أبد الدهر وحتى يوم الدين. الغريب في هذا السياق المحموم يخرج علينا السيد وزير الخارجية المصرية ليقول أن مطالبة الكونغرس الأمريكي بمزيد من الإصلاح الديمقراطي في مصر ويطالب الرئيس بوش بالإفراج عن المعتقل أيمن نور : بأن هذا تدخلا في الشؤون الداخلية المصرية واعتداءا سافرا على السيادة المصرية : أليست هذه نكتة العصر! لو أن الكونغرس الأمريكي استقبل السيد جمال مبارك بوصفه وريثا كان يمكن للسيد أبو الغيط أن يخرج بهذا التصريح كما فعل بالسابق الرئيس الفرنسي جاك شيراك عندما استقبل الرئيس بشار الأسد وهو لازال مقدما في الجيش السوري؟ وقبله رئيسنا الشاب صور

المجتمع السوري بأنه متعصب وأن لبنان لامخرج له من العنف سوى عودة النظام الأمني السوري اللبناني. وإيران تضرب الأكراد من جهة وتدعم القاعدة والإرهاب من جهة ثانية في العراق. الآن نعتقد أن السلطات المحيطة بفلسطين في أعلى درجات ارتياحها لما يجري في غزة وهي تعرف أن ما يجري هو من صنع يديها. وما يجري في لبنان وغزة يجعل الجامعة العربية تجتمع. رغم كل ما نراه من خلافات جدية بين سلطات المنطقة لكنها عموما تتفق على تبادل الثروة والسلطة والدم والإسلام السياسي. ثم أليس عجيبا أن الأخوان المسلمين في مصر الذين انتخب منهم إلى مجلس الشعب المصري أكثر من ثمانين عضوا لايستطيعون انتخاب ولو عضوا واحدا في مجلس الشورى البرلمان المصغر في الانتخابات التي جرت قبل أكثر من أسبوع؟ هذه العلاقة التي توطدت بين السلطات الأقليمية على تبادل الاحتياجات المجتمعية فيما بينها

ومنها ظاهرة الإسلام السياسي قد توطدت منذ أكثر من ستة عقود. حيث أنك من النادر جدا في السابق أن تجد معارضة ليس لديها قنوات مفتوحة من نظام عربي آخر أو جار. علاقة المعارضة العراقية زمن صدام بالراحل حافظ الأسد وإيران. وينطبق هذا الأمر على لبنان وسورية جزئيا!أما

الفلسطينيون بعد استشهاد عرفات فقد أصبحوا مؤسسات تخدم أجندات أقليمية واضحة المعالم. والشمس لا تحجب بغربال.تبادل المنافع هذا بين هذه السلطات يجعل أي فعل سياسي أو عنفي في المنطقة مرتبط بشكل أو بآخر بدعم لوجستي واضح من إحدى سلطات هذه المنطقة التي باتت تعج بالدم والضحايا وغياب الأفق. لا توجد سلطة في المنطقة من مصلحتها قيام نموذج ديمقراطي في أي بلد من هذه البلدان وتتبادل الكراهية والمنافع مع العالم ومع بعضها ومع مجتمعاتها وفقا لهذه الأجندة الواضحة. فالاغتيالات في لبنان وبهذه الطرق والأفانين لا يمكن أن تتم بمعزل عن فعل دولتي مسيطر عليه من سلطة محددة. ويبدو قبل أن ننسى فإن إسرائيل مرتاحة جدا لبقاء السلاح الفردي يعج بأيدي زعران فتح وحماس. كما هي مرتاحة لما يجري في لبنان من تصفية حسابات بين النظام السوري والأكثرية المعارضة له. هذه الأكثرية التي تواجه انتقادات كثيرة من قبل الكتاب والصحفيين العرب والسوريين بشكل خاص عليها واجب ربما أكبر من مقدرتها ومن قدرتها على تجاوز العلاقات السلطوية البينية العربية ومدى مقاومة هذه العلاقات لقيام نماذج سيادية ديمقراطية علمانية حرة. ونعتقد أن الإشارة واضحة جدا لهذه الأكثرية وماهي محكومة به من حسابات سواء ضيقة على المستوى الداخلي اللبناني أو على مستوى العلاقات البينية العربية.
ولكن في النهاية فإن ما مطروح أمامهم من تحديات يجعل المرء يقف لهم احتراما لصمودهم أمام هذا الهول المفتوح دوما على دم. ولن يكون الشهيد عيدو ومن معه من الأبرياء آخر العنقود.
ومع ذلك ومع معرفة أقطاب الجامعة العربية من يقف وراء كل هذا نجدهم يجتمعون لتقرير : تخفيف نتائج عملهم هم وما قاموا به ويقومون به من أجل الحفاظ على الملك.

غسان المفلح

لقراءة مقالات اخرى في ايلاف