حينما كتبت مقال (غزوة الدكاترة في بريطانيا من محمد عطا إلى محمد العشا) ووجهت بسيل من الإنتقادات والمسبات والشتائم ؛ من طرف من نصبوا أنفسهم مدافعين عن الإرهاب ؛ والآن بعد أن تكشّفت خيوط المؤامرة الإرهابية والواقفين وراءها في كل من لندن واسكتلاندا؛ بدأ ت تبريرات هذه الأعمال تأتينا من كتّاب يعتبرون أن السياستين ؛ البريطانية والامريكية في الشرق الاوسط هي سبب تحول أطباء وأكاديميين إلى قنابل موقوتة تنفجر في الاماكن العامة في المدن الغربية.
ولهؤلاء أقول: في أكتوبر من عام ألفين وخمسة تبنت الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر عملية تفجير محطة سان ميشال لمترو الانفاق في العاصمة الفرنسية باريس ؛ وقد ذهب ضحية العملية العشرات من الأبرياء أغلبيتهم عمال من شمال إفريقيا ؛ كانوا متوجهين إلى مكان عملهم.
الجماعة حاولت أيضا تفجير طائرة تابعة للخطوط الفرنسية فوق سماء باريس.
ومن سخرية الأمور بعث أمير الجماعة برسالة إلى الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك؛ يقول فيها أسلم تسلم،،وإلا! و من المعلوم أن تلك الجماعة تبنت عمليات ذبح المدنيين الجزائريين كالشياه؛ وتفجير السيارات في الاسواق الشعبية والأماكن العامة؛ في ذلك الوقت لم يكن العراق يعيش حربا! مبرروا الإرهاب قالوا؛ إن المخابرات الجزائرية هي التي تقوم بهذه الأعمال لتشويه سمعة الإسلاميين!!
نفس الأصوات بررت العمليات الإرهابية في نيويورك ولندن و مدريد بسياسة الولايات المتحدة وبريطانيا وإسبانيا -قبل سحب جنودها من العراق - في منطقة الشرق الأوسط.
إذا سلمنا بهذه النظرية المريضة؛ فلماذا يقتل الابرياء في جزيرة جربة التونسية، وفي الدار البيضاء المغربية؛ وفي بالي الأندنوسية المسلمة؛ وفي شرم الشيخ المصرية العربية المسلمة؛ وفي اسطنبول التركية المسلمة؛ وفي الرياض السعودية المسلمة؟ وفي عمّان وفي وفي!!
ثم لماذا يُقتل السواح الإسبان في اليمن؟ مادام رئيس الوزراء الإسباني لويس ثاباتيرو قد سحب جنوده من العراق؟ ولماذا يُهدد النمساويون بتفجير فيينا؟ اعلما بأن النمسا ليس لها جنود في العراق؟
الفكر التكفيري أدى بشباب جزائريين إلى ذبح آبائهم وأمهاتهم من الوريد إلى الوريد بحجة أنهم كفار؛ وإلى حرق الرضع بحجة أنهم أبناء للطغاة! ياجماعة إن هذا الفكر لا يستثن أحدا؛ ويكره التحاور؛ ويقتل من أجل القتل ؛ إنه مرض ابتُلينا به! أما عن أسبابه: كالسياسات الغربية في المنطقة؛ أو تنامي الفقر والجهل في أوساط متبني هذا التفكير؛ فهي أسباب واهية.
نحن ندرك جيدا نسبة الفقر المدقع الذي تعيشه دول كثيرة في العالم؛ وبالتحديد دول أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا؛ ونعلم جيدا حجم الديكتاتوريات التي تحكم تلك الشعوب؛ التي تخضع لصراعات إقليمية ودولية لا تساوي شيئا إذا ما قارناها بما تعاني منه الشعوب العربية.
فلماذا لم نسمع عن كوري شمالي يفجر نفسه في نيويورك بحجة الحصار المفروض على بلاده؟ أو عن كوبي أو مكسيكي يحول مسار طائرة في مدريد ويهدد بتفجيرها بحجة الإستعمار والإستغلال الثقافي والإقتصادي الإسباني لبلاده؟
ما يعرفه العالم عن البرازيليين الذين يعيش أغلبيتهم تحت خط الفقر: هو لاعبوه الذين أبهروا الدنيا في كرة القدم؛ أو عن موسيقى السالسا التي تُدرس في المعاهد العالمية؛ وهكذا فإن شعوب العالم صدّرت ثقافتها في أبهى صورة إلى العالم الذي تحول إلى قرية؛ ونحن صدرنا ثقافة التكفير والموت وبررها لنا كتاب يتمتعون بالحرية ورغد العيش في المدن الغربية لأنهم لم يكتووا من نار الفتنة.
إذا كان هؤلاء يرون في العمليات الإنتحارية حلا لأزماتنا فليفجروا أنفسهم ؛ فلماذا يلعبون بعقول شباب أبرياء ؛ ويثكلون أمهاتهم ويرملون زوجاتهم؟ ثم إن غالبية الذين يدعون ويدافعون عن الإرهاب في بريطانيا يعيشون على إعانات الدولة؛ كما كان يعيش ابو حمزة المصري وعمر بكري السوري؛ وهذه المعونات تأتي من الضرائب المفروضة على عرق جبين الكفار والمتصهينين كما يسمونهم ؛ أومن الضرائب المفروضة على الكحول ونوادي القمار والعياذ بالله!!
قبل أن أختم ؛ أذكّر القارئ الكريم ؛ بأن آخر -وليست الأخيرة- نقطة سوداء في صورة العرب والمسلمين ؛ أن القضاء البريطاني أدان العراقي عمر التميمي بتهمة التحضير لعمليات تفجيرية ؛ عمر طالب للجوء السياسي وقد كلف دافع الضرائب البريطاني منذ دخوله بريطانيا عام ألفين واثنين مئة ألف جنيه استرليني ( حوالي مئتي ألف دولار أمريكي) بعد تلقيه معونات من الدولة لإيوائه والصرف عليه؛ هو وزوجته وثلاثة من أولاده!
عمر اعتبر بريطانيا دار كفر وفي هذه الحال فإن أموالها وبناتها غنائم من عند الله؛ لذلك فإنه كان يخطط لقتل أعداء الله!!
سليمان بوصوفه
التعليقات