من المؤسف له في وضع العراق اليوم ان كثيرا من الحقائق القاسية والخطيرة اما ان يجري التعتيم عليها او اخفاؤها.. فمنذ تسلم الجنرال بتريوس القيادة العسكرية للجيش الأمريكي في العراق وهو يمضي في مشروع خطير وخطير جدا ولن يخرج منه العراق ابدا لابانقلاب ولابحكومة وحدة وطنية او غير وطنية..انه يمضي بلا هوادة في عسكرة العراق بمختلف طوائفه ولكن بطريقة منهجية قوامها ان تلك العسكرة تقوم على الرضا بالأمر الواقع وهو رفض ومقاومة اية حكومة عراقية حالية او مستقبلية فأن كانت شيعية فيسسقها السنة وان كانت سنية فيسقطها الشيعة وما بين ذلك يبقى الأكراد يراقبون فيرضون عن الحكومة التي تحقق مطالبهم واطماعهم التوسعية والتي لاتنتهي عند حد...وحيث شمال العراق سيتحول قريبا الى اكبر قاعدة عسكرية امريكية في العالم..


من هنا يمضي الجنرال بتريوس في مهمته المريبة في تسليح الفصائل التي تقاوم الشيعة وتقتلهم بلا هوادة وتقاوم الجيش والشرطة العراقية وتقتلهم بلا هوادة ايضا مرسخة مفهوما مفاده ان هؤلاء هم سبب خراب العراق وليس الأمريكان لأن الأمريكان راحلون عاجلا ام آجلا..وهو قمة الوهم.ثم ان بتريوس يمضي في مهمة موازية وهوتسليح ودعم كل من يناوئ ايران ويكرهها كرها طائفيا ولهذا فهو ماض في دعم مايسمى بفصائل المقاومة العراقية بقوة بالمال والسلاح والتدريب على وفق اجندة محددة وهي عدم التعرض للأمريكان وحلفائهم والأقتصاص من الشيعة والأكراد وتخريب كل مؤسسة او مرفق يعود للعراقيين على اساس انه يخص الحكومة العميلة ومعلوم ان تلك الفصائل والكتائب ماهي الا شركات مقاولات تتسلم عقودا ومعلومات امريكية موثقة للأغتيالات والقتل والتخريب في مقابل التسليح وتلقي الملايين من الدولارات وتجمع رموز تلك الكتائب في الأردن وسوريا وغيرها وعدم ملاحقتهم امريكيا من هناك هو خير دليل على ماجري من برمجة منظمة لهذا المشروع الجهنمي..ولهذا ايضا شجع بتريوس فتوى الرفيق المناضل ابو عمر البغدادي صاحب شركة دولة العراق الأسلامية المساهمة المحدودة في فتواه الشهيرة ان كل حجر في العراق يجب ازالته لأنه باطل مادام يخص الحكومة العميلة فيجب تدمير كل المؤسسات والدوائر واحراقها بلا رحمة وقتل كل من يتقاضى راتبه من تلك الحكومة حتى ولو كان فراشا او عامل نظافة وليس مديرا ولا وزيرا...
وعلى هذا ليس مستغربا تصريح بتريوس الأخير للبي بي سي يوم 12 تموز 2007 بأن الحرب الطائفية في العراق ستستغرق 10 عشرة سنوات في الأقل بالتمام والكمال..


نعم..فبموجب خطة بتريوس المشؤومة ستشتعل الحرب الطائفية بزج المزيد من الكتائب والمليشيات في المحرقة وتشجيع السنة خاصة على تقوية شوكة كتائبهم بدعم من بعض دول الخليج وبأشراف امريكي على هذا الدعم وهو امر لم يعد سرا والدول الداعمة الخليجية معلومة..و لكي يذهب الجهد باتجاه اهدافه الصحيحة الا وهو ضرب اي استقرار في العراق، ضرب اية حكومة، ضرب الجيش، ضرب الشرطة، ضرب الشيعة، ضرب الأكراد ضرب السنة المعتدلين والتكنوقراط والعلمانيين والوطنيين الحقيقيين وليس المرتزقة والمنافقين، ضرب المؤسسات سواء اكانت بنى تحتية او خدمات او غير ذلك..


وبموجب هذه الخطة يجري اليوم نشر العصابات والكتائب والمافيات التي ترعرعت في محافظة ديالى واطراف الدورة مثلا على عموم مناطق العراق حيث ان مايسمى عملية السهم الخارق تجيء لنشر تلك البكتريا التي تم احتضانها امريكيا لعدة اعوام لتقوم بأدوارها بالأنتشار في كل مكان..ومنها من انتشر اليوم في ابو غريب والتاجي واليوسفية والمحمودية وغيرها..حتى ان الجيوب التي تمارس لعبة الكر والفر في الديوانية والسماوة والبصرة والعمارة تنتمي للخطة نفسها وستتوسع افقيا وعموديا في المستقبل القريب في ظل الأنقسامات والفشل الحكومي في حل المعضلات القائمة..والفشل الحكومي في اهم وجوهه هو افشال امريكي متعمد.. وتعمد في عرقلة تسليح الجيش العراقي وتأخير تدريبه فليس سرا ان صفقة بمليارات الدولارات بين الحكومة العراقية تمت منذ مدة لم يتسلم منها الجانب العراقي غير خمسة آلاف بندقية كلاشنكوف بدائية..لاغير...


وقد اعترف قادة الجيش في الميدان ومن خلال معركة ميدانية مع الكتائب المدعومة امريكيا في منطقة المدائن ان قوة تسليح وتدريب تلك الكتائب وقدرتها على المناورة والحركة هي اقوى بكثير من قدرات افراد الجيش العراقي...فمن الذي قوى شوكة هؤلاء يابتريوس؟لأن المنطقة كانت تحت قيادتكم؟
وعلى الجانب الآخر يقوم بتريوس بتنفيذ خطة محكمة لأستئصال قوة مليشيا جيش المهدي بقتل قادته الميدانيين وتصفية رموزه بالتدريج وصولا الى تكوين مليشيا شيعية امريكية جديدة تتصدى للسنة من جهة وللتيارات الشيعية الأخرى وللحكومة بجيشها وشرطتها من جهة أخرى وليست انتقادات رئيس الوزراء العراقي الأخيرة ضد جيش المهدي الا تعبيرا عن الأفكار نفسها التي يريد بتريوس تمريرها وتحويلها الى واقع عملي..


والخلاصة..ان مهما قويت شوكة العراقيين ضد بعضهم البعض..وهذا يسقط ذاك..وهذا يتآمر على ذاك فضلا عن الأحقاد والتخوين والكراهية..فأن بتريوس يجني ثمار كل هذا ويرقص طربا للطريقة التي يتعامل بها الأخوة الأعداء في العراق مع بعضهم البعض حتى تدمير بلادهم تدميرا كاملا وقتل مئات من الآلاف في السنوات العجاف التي جاء بتريوس ببشراها المشؤومة...فنتظروا ياعراقيون من بتريوس مالا يصدقه عاقل ولاتتصوره مخيلة بشر..

داوود السعيد