حالة البؤس والتطرف و الارهاب التي تذوق مرارته شعوب منطقتنا، الشرق الاوسط، بسبب الاستبداد، استبداد انظمة الحکم واستبداد الفکر القروسطي الاقصائي باتت لاتطاق، لا من قبل شعوبنا، ولا من قبل المجتمع الدولي. ومن هنا وجب التحرك لوضع حد للمأساة، ولما کانت شعوبنا مقهورة ومخمورة بفعل سطوة وجبروت وخبرة وتفنن انظمة الاستبداد في نطاق اختصاصها هذا، لم يعد امام المجتمع الدولي، لاسيما الغربي منه، سوى تفهم مسؤولياته و التحرك بهدف ايقاف هذا الوباء الذي بات يطالهم هم ايضا في امنهم و طريقة عيشهم.

مشکلة الشرق الاوسط اليوم ليست المشکلة الفلسطينية بقدر ما هي المشاکل التي افرزتها هذه المشکلة. فهول هذه المشاکل قد تجاوزت اهوال المشکلة الام بمقاييس خيالية. فانظمة الاستبداد وجدت واستقوت وترعرعت وترسخت وبقيت و ورثت بفضل القضية التي quot; لا يعلو صوت فوق صوتهاquot;. و لم يعد الانسان في منطقتنا بل وحتى في العالم تهمه المعاناة الفلسطينية بقدر ما تهمه انتشار التطرف والارهاب الديني، وصناعة الارهاب والميليشيات، والقمع المتزايد للحريات ودائما باسم فلسطين و الجهاد والنضال ضد الامبريالية والصهيونية.


مشکلة الشرق الاوسط اليوم ليست في انسانه، بل هي في نظام حکمه الذي يحکم باسمه لکنه قائم على قمعه وسلب ارادته. وان هذا النظام استمد ايضا بشکل او باخر مقومات بقائه من دعم الغرب له اما بسبب دهائه والمامه بکيفية طرح نفسه کاحسن السئين او لا بديل افضل او کالحارس الافضل لمصالحهم الاستراتيجية. وقد ثبت ان الانظمة غير العادلة لايمکنها ان تبني مجتمعات مستقرة وهذzwnj;ه بدورها لا تؤمن مصالح احد.


مشکلة الشرق الاوسط تکمن في ان انظمتها تستنفر کل امکاناتها وتسهر ليل نهار على مقاومة رياح الحرية والديمقراطية، و تقدم على المستحيل لافشال اي تجربة لتطبيقها في عموم المنطقة، ولا ادل من ذلك هو تجربة العراق ليقولوا لشعوبهم هذا ما سيحصل لکم ان اخترتم او حتى ان حلمتم بالحرية والديمقراطية.


ومشکلة الشرق الاوسط تکمن في غياب الارادة والرؤية الموحدة لدى المجتمع الدولي للعمل على مساعدzwnj;ة شعوب المنطقة بالنهوض والاتيان بانظمة منتخبة لا موروثة، انظمة تحترم فيه الحريات ومباديء حقوق الانسان، ويفصل الدين فيها عن الدولة، انظمة تسير في طريق التنمية الاقتصادية لبلدانها لا اغراقها في الفساد وسوء الادارة وهدر الاموال. وهذا ممکن في تبني المجتمع الدولي للحرکات الديمقراطية لشعوب المنطقة لبناء شرق اوسط جديد خال من الاستبداد الذي هو مصدر التطرف والارهاب والکراهية.


شرق اوسط جديد هو ضرورة لا مناص منها کون الاستمرار على الوضع القائم يعني المزيد من الحروب الاهلية المدمرة ( العراق ولبنان وفلسطين)، والمزيد من الميليشياتquot; الجهادية و الانتحارية والمناضلة quot;، والمزيد من الارهاب المحلي و العالمي، والمزيد من السعي للحصول على التقنية النووية وهذه امور يتفق اهل المنطقة واهل المعمورة على حد سواء بانها تشکل خطرا على الجميع.


ان بناء شرق اوسط جديد لا يتم الا بسيادة الديمقراطية واحترام مباديء حقوق الانسان، وهذه مباديء انسانية اممية ليست مقتصرة على الغرب کما تروج انظمة الاستبداد وفقهائها، بل هي نتاج الفکر الانساني الخلاق عبر العصور، تم تجريبها وتطبيقها في کثير من بقاع واصقاع االعالم وثبتت فعاليتها ونجاحها وانسانيتها.

اسوس جمال قادر

[email protected]