بعد جريمة تفجيرات 11 ايلول التي جرت في نيويورك.. شعرت بالخزي والعار من كوني عربياً مسلماً تم ارتكاب هذه الجريمة بأسم الدين الذي أعتنقه، وحصلت في داخلي ردة فعل عنيفة جدا حيال الاسلام، منعني بقايا الخوف في داخلي من نار جهنم من الكفر بكافة الديانات وترك كل شيء.
ثم جاء تحرير العراق على يد الجيش الامريكي الباسل، وسيطرة الاحزاب الاسلامية الشعية والسنية، وظهور بشاعات السرقات وتهريب النفط، وجرائم المفخخات والقتل على يد الاسلاميين.. لتعمق مأزقي الفكري والروحي وتضعني كمسلم متدين امام العديد من التساؤلات والشكوك والحيرة، وتفجر في نفسي المزيد من مشاعر الغضب ضد كل ماهو اسلامي.
ورغم انني مازلت ملتزماً في تأدية الواجبات العبادية من صلاة وصيام وغيرها.. ألا انني لم أستطع لغاية هذه اللحظة تجاوز الصدمة التي أحدثتها جريمة 11 ايلول، والجرائم الراهنة في العراق في نفسي، حيث اني اشعر بأرتفاع حاجز نفسي كبير بيني وبين الدين لدرجة منذ 11- 9 -2001 تاريخ تلك الجريمة وانا لاأستطيع تناول القرآن وقرأءته، ولم أقرأ اي كتاب ديني، وحينما أشاهد رجل دين مسلم على شاشة التلفزيون أبدأ على الفور بالصراخ واطلاق الشتائم عليه واقوم بتغيير المحطة!
أذكر هذه التفاصيل متعمداً لتوضيح حجم تشويه المذاهب والايديولوجيات للدين ولصورة الله ولكل المباديء والقيم الجميلة النبيلة، وكيف تأثر بهذا التشويه حتى المسلم المتدين المعارض للطائفية وللاحزاب والحركات الارهابية من جماعات الاسلام السياسي.
تعذبني الاسئلة التي تنبثق في داخلي حول حقيقة الاسلام، وأي اسلام يجب ان اختار، فأنا أريد ان أتصالح مع الدين وأقيم معه علاقة سلام وحب، فليس في العمر متسع للقلق والحيرة والضياع الفكري والروحي، أريد رؤية الطريق الذي يوصلني نحو الله بعيداً عن المذاهب كافة والايديولوجيات، أريد صورة الله الصافية النقية من تشويه رجال الدين والاحزاب الاسلامية.
ما أريده من الاسلام هو ان يعترف انه جاء لتكملة احد مراحل التاريخ من تاريخ البشرية، وانه ليس ديناً تأسيسياً، وانما تكميلياً، فإدعاء التأسيس فيه إلغاء للاخر المختلف من الديانات الاخرى والوقوع في خطأ توهم إحتكار الايمان والحقيقة.
وأريد اسلاماً ينادي بمبدأ الاخوة الانسانية بين البشر بعيداً عن المذاهب والديانات، بحيث يسمح للمؤمن المسلم بالذهاب الى الكنيسة المسيحية والمعبد اليهودي لعبادة الله على طريقته التي يختارها، فالمهم التوجه الى رب واحد يرمز الى الخير والجمال والعدالة والفضيلة والخير المطلق.
متى ما أستطاع المؤمن المسلم، والمؤمن من الديانات الاخرى.. متى ما أستطاع الأقتناع بأن المسميات الدينية كالشيعة والسنة، والاسلام والمسيحية واليهودية ما هي ألا مجرد طرق للوصول الى الله الواحد.. عندها ستختفي مشاعر التعصب وأوهام إحتكار الحقيقة والايمان، فالمسميات الدينية ليست غايات بحد ذاته، وانما هي مجرد وسيلة تربطنا بالله والقيم النبيلة.
وما يحصل حالياً لدى كافة المذاهب والديانات، هو ان اكثرية المتدينيين يعبدون المسميات وليس الله، بمعنى ان أكثرية الشيعة يعبدون مذهبهم وليس الله الواحد، وكذلك أكثرية ابناء المذاهب السنية يعبدون مذاهبهم وليس الله، وايضا أكثرية المسلمين يعبدون الاسلام كأسم يعتبرونه غاية وليس وسيلة الى الله، ونفس الكلام ينطبق على اكثرية المسيحيين واليهود فهم يعبدون اسماء دياناتهم كغاية بحد ذاتها بعيدا عن الله!
لقد تشوهت وأختفت صورة الله الحقيقية الناصعة لدى كافة المذاهب والديانات، فالله ليس حكراً على مذهب معين أو دين محدد، ان الله رب جميع البشر، ورب كافة الاديان، ورب كل بلدان العالم، ولايحق لأحد الأدعاء بإحتكار معرفة الحقيقة والايمان، وانه من (( الفرقة الناجية)) التي تتمتع وحدها بمحبة الله، اذ يوجد أفراد مؤمنون ناجون من الخطيئة والانحراف فقط، ولايوجد فرقة ناجية.
خضير طاهر
التعليقات