تتعرض أمريكا علي صفحات جرائدنا الورقية والإلكترونية.. بأكبر كمية من النقد الذي يصل الي حد الشتائم.. ولا توجد مشكلة في ذلك...فبوش نفسه وفي بلده يتعرض كثيرا للنقد أيضا ولكنه رغم ذلك ولأنه منتخب يتمتع بكل صلاحياته الدستورية حتي اللحظة التي تنتهي ولايته.. ويتمتع في الوقت نفسه بالاحترام الواجب لمنصب الرئاسه بين شعبه.
ولأنه هناك انتخابات علي الأبواب فقد أعلن كل حزب مرشحيه لهذه الانتخابات.. وكل هؤلاء المرشحين يتبارون لاقناع الناخبين في انتخابات تمهيدية داخل كل حزب.. ليختار أعضاء كل حزب علي حدة مرشحا واحدا للإنتخابات يتنافس مع مرشح الحزب الآخر ومع بعض المرشحين المستقلين الغير معروفين..
بوش الإبن مثله مثل كلينتون وريجان من قبل وغيره من الرؤساء...مهما كان رأيه في نفسه ومهما كان حبه للسلطة ومنصب الرئيس...فلن يستطيع أن يبقي يوما واحدا في منصب الرئيس بعد انتهاء ولايته..احتراما للدستور الذي علي أساسه ترشح للرئاسة.. ومهما كان رأي معارضي بوش فيه..فحتي آخر يوم من ولايته عليهم أن يحترموا صلاحياته الدستورية.. وهناك رغم كل حرية التعبير والصحافة احتراما لمنصب الرئاسة بصرف النظر عمن يشغل هذا المنصب وعن شخص الرئيس.. وهذا الاحترام مستمد من احترام الدستور والقانون..
أيا كان رئيس أمريكا الذي يعتبر أقوي رجل في العالم..فهو لن يصل الي منصبه إلا بعد استجداء وإقناع كوادر حزبه أولا... ثم الشعب الأمريكي ككل بعد ذلك..
دعنا نقارن بين ما يجري في أمريكا وما يحدث في بلادنا..
أولا نطالب بحرية الصحافة.. ولكن حرية الصحافة لا تعني علي الاطلاق عدم احترام منصب الرئاسة..
نصرخ ليل نهار اعتراضا علي مانسميه التوريث.. ولكن نمارس كشعب التوريث في المناصب العامة والأحزاب..
نعترض علي التوريث..وأنا من أشد معارضي التوريث..فالشعوب لا تورث والحكم لا يجب أن يورث.. ولكن دون أن نعلن البدائل المناسبة..
لماذا لا يعلن كل حزب له حق ترشيح ممثلا له في الانتخابات القادمة..مجموعة من المرشحين...يعلنون برامجهم ورؤياهم السياسية ليحظي واحد منهم علي موافقة حزبه وتكون فرصة ليتعرف الشعب عليهم مثلما يتعرف الشعب الأمريكي علي أوباما وهيلاري كلينتون وجون إدواردز.. هل لو نجحت هيلاري في هذه الانتخابات ممكن أن يدعي أحد أنها ورثت الحكم عن كلينتون...أو هل من الممكن أن يدعي أحد أن بوش الإبن ورث الحكم عن الأب..
لماذا لا تعلن الأحزاب والقوي السياسية التي يحق لها الترشح للرئاسة مرشحيها من الآن..فمنصب الرئاسة قد يخلو في أي لحظة.. وعلي أي حال هو غالبا سيخلو في عام 2011..
لماذا لا يعلن من يري في نفسه القدرة كمستقل أن يكون رئيسا لمصر ذلك ويحاول أن يحصل علي الأصوات التي حددها الدستور من مجلسي الشعب والشوري والمجالس البلدية..فليحاول بدلا من الصراخ توريث..
هل لو اختار الحزب الوطني مرشحا له للرئاسة.. جمال مبارك كان أو غيره..ودخل هذا المرشح انتخابات الرئاسة القادمة أمام مرشحين غير مستعدين ولايعرفهم الشعب.. وكسب الانتخابات..هل يصبح الأمر توريثا..أم خيبة من كل القوي المعارضة التي لا تجيد إلا الصراح..توريث وتزوير.. رغم أنها تورث وتزور داخل أحزابها..
لماذا لا نتعلم الأشياء الجيدة من أمريكا والتي جعلتها أقوي قوة في العالم ومن الغرب الذي تسود حضارته وتملأ منتجاته منازلنا.. حتي الميكروفونات التي نصرخ منها و آلات الكومبيوتر التي أصبحت وسيلة أعلي صوتا في الصراخ..حتي من الجرائد الورقية.. ثم نصرخ بعد ذلك ونلعن سنسفيل أبو هذه البلاد.. نتعلم ثم نصرخ..أما أن نظل نصرخ فقط.. دون أن نتعلم شيئا.. لا سياسة ولا إنتاج ولا ديمقراطية..ونظل نعيش في وهم ماضي لم يكن فيه إلا القهر والطغيان والاستعباد والتوريث الحقيقي.. فهو العبثية التي ما بعدها عبثية..
هناك في هذه البلاد التي نلعن سنسفيل أبوها ليل نهار.. ونتهم خلق الله الذين لا ينادون إلا باقتباس ماهو جيد منها و الابتعاد عما هو غير جيد.. بالعمالة والقبض بالدولارات...رغم أن بعض ممن نتهمهم..ممكن ألا يكونوا قد رأوا شكل الدولار في حياتهم.. احترام لمنصب الرئاسة بصرف النظر عن شخص الرئيس..واحترام للدستور وآليات التغيير السلمي.. ولا يستطيع أي إنسان أو قوة في المجتمع أن تفرض حاكما بالقوة..ولا يستطيع اي مرشح في انتخابات أن يدعي أنه ممثلا لدين معين أو ممثلا لله.. ولا يستطيع أي رئيس أن يستمر يوما واحدا بعد انتهاء مدة رئاسته.. في هذا البلاد يستجدي أقوي رجل في العالم شعبه ليصبح هذا الرجل..القوة الحقيقية هي للشعب وللنظام الدستوري والقانوني..
لهذا تقدموا ونحن محلك سر...لأننا لا نريد أن نتعلم.. حتي من أقرب أعداءنا..لا نريد أن نتعلم من اسرائيل.. ولهذا تتوالي هزائمنا..
هل نحن شعوب لا تجيد إلا الصراخ والتخوين والاتهامات..هل هو أمر يجري في الجينات..
هل نحن شعوب تعشق الديكتاتورية.. حتي أن معظم أبطالنا من الشهيد البطل صدام حسين مرورا بغيره طوال تاريخنا.. ماهم إلا ممثلي لديكتاتورية بغيضة سامت شعوبها العذاب..
في مصر الآن و فيهذه اللحظة.. مؤسسات دستورية ولها آليات واضحة.. يجب أن يحترمها الجميع وأن نبني عليها..حكومة ومعارضة وشعبا..وألا يكون التغيير إلا من خلال هذه الآليات وبطريقة سلمية هادئة.. حتي لا نقع ضحايا لفوضي عانينا منها من قبل..
يجب احترام منصب الرئاسة قبل شخص الرئيس..
ويجب احترام آليات اختيار هذا الرئيس وإن أردنا تغييرا الي الأفضل في هذه الآليلت فيجب أن نتبع الطرق السلمية والدستورية لإحداث هذا التغيير..
يجب احترام الدستور وأن يمنع النظام أي أحزاب أو نشاط سياسي علي أساس ديني..
إن كانت جماعة الإخوان محظورة فعلا.. وتمارس نشاطا سياسيا علي أساس ديني...فيجب أن تحظر فعلا وليس قولا.. ويجب منع نواب مجلس الشعب من الاعلان أنهم ينتمون اليها..أو أنهم يمثلون كتلة الإخوان.. وهم إن استمروا في تحدي القانون والدستور بإعلان انتماءهم الي جماعة محظورة قانونا يحق لمجلس الشعب فصلهم من المجلس بتصويت الأغلبية وإعادة الانتخابات علي مقاعدهم الشاغرة... دون القبض علي أعضاءها والزج بهم في السجون.. يجب فقط منعم من مزاولة أي نشاط سياسي علي أساس ديني احتراما للدستور والقانون.. إلا إذا أقاموا تنظيمات سرية تمارس العنف أو تحرض عليه.. وما ينطبق عليهم في هذا الشأن يجب أن ينطبق علي الجميع..
يجب احترام الشرعية الدستورية والقانونية.. هذا ما يجب أن نتعلمه حكومة وشعبا ومعارضة.. من الدول التي نصرخ ليل نهار سبا لها.. ونتعلم منها كيف يتم اختيار صاحب أعلي منصب فيها..
تركنا كل شيء جيد في الغرب ولم نتعلم منه إلا العري والعهر..
لنا الله
عمرو اسماعيل
التعليقات