تتعالي الاصوات بعد كل عمل أرهابي مثلما حدث في مومباي (بومباي) مؤخرا لتحلل اسباب الارهاب وكيفية مواجهته ويري الكثيرون وأنا منهم ان غياب العدالة الاجتماعية والديمقراطية في مجتمعاتنا وعدم حل القضية الفلسطينية حلا عادلا هي من اسباب الارهاب المتلفح بعباءة الاسلام ولكنها ليست كل الأسباب..

بل تبقي المعضلة الرئيسية والتي يتجنب الجميع مناقشتها وهي النصوص التي يعتمد عليها زعماء الارهاب والتي لا يستطيع علماء الدين المعتدلون عندنا كما نسميهم الرد علي تفسيرهم لها والتي يجد تفسير الاصوليين لها صدي واسعا بين المسلمين و تدرس هذه النصوص وتفسير الاصوليين لها في مدارسنا وخاصة المدارس السلفية في جزيرة العرب..

فكيف نلوم بعدها شابا تشبع بها ويحب الله ورسوله عندما يفجر نفسه معتقدا انه بعمله هذا يخدم الاسلام والمسلمين وهو سبيله الي رضاء الله عنه ودخول جنة النعيم الابدية..

أن هذا الشاب في الحقيقة هو ضحية مثل الضحايا الذين يفقدون حياتهم علي يديه..
ضحية قادته وضحية علماء الدين الذين تقاعسوا عن مواجهة تفسير الاصوليين لهذه النصوص وضحية الحكومات التي تركت ثقافة التطرف والاصولية تنتشر في المجتمع رغم نجاح بعض هذه الحكومات في القضاء امنيا علي الارهاب في بعض البلاد العربية وعلي
رأسها مصر وهي لا تعرف انه نجاح وقتي كما تثبت الاحداث كل يوم.. لان التطرف ينتشر تحت السطح وهي تغمض عنه العين طالما لا يرفع السلاح تلافيا للمواجهة..


هذا الفكر السلفي والاصولي المتطرف للأسلام يزيح كما هو الحال في مصر الاسلام المعتدل من الساحة، الاسلام المعتدل الذي كان سمة من سمات الشعب المصري..

أن اردنا فعلا في العالم العربي والاسلامي كسب المعركة ضد الارهاب لابد ان يجد علماؤنا حلا لتفسير نصوص القتال و الجهاد يقنع عامة المسلمين وليس الحكام والمثقفين.. قبل أن نفعل ذلك سيظل التطرف الاصولي ممثلا في تنظيم القاعدة بزعامة بن لادن يجد ويجند المزيد من الانصار لان له حزب سياسي و ديني وثقافي يتولي عنه العمل الايديولوجي في نشر رؤيته وتفسيره للأسلام..

وحتي يكون لكلامي مصداقية فما رأي الجميع في هذا الكلام الذي يمثل رأي عامة المسلمين قبل متطرفيهم ومنتشر تماما في كل كتب السلف التي تدرس في كل المدارس والمعاهد الدينية في عالمنا..

فالجهاد فرض عين منذ (941م) عندما سقطت غرناطة بيد الكفار النصارى- وإلى يومنا هذا، سيبقى الجهاد فرض عين حتى نستعيد كل بقعة كانت إسلامية إلى أرض الإسلام، وإلى يد المسلمين: الجهاد تنظم نهائيا وقطعيا بعد غزوة تبوك;.. أصبحت الأحكام نهائية بعد نزول سورة التوبة; فنزلت آية السيف فنسخت كل آية قبلها; نسخت آية السيف كل أمر..
مثل:

(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)(النحل: 521)

فاصفح الصفح الجميل.. (الحجر: 58)

آيات السيف في سورة التوبة; قال تعالى:

فإذا انسلخ الأشهر الحرم.. (التوبة: 5)

(يعني: الأربعة أشهر التي أعطيت للمشركين مهلة فسيحوا في الأرض أربعة أشهر يعني: سيروا آمنين أربعة أشهر; وهي من (01 ذي الحجة سنة 9ه- إلى 01 ربيع الثاني سنة 10هـ) فإذا جاء (01 ربيع الثاني في سنة10هـ) بدأ السيف:

فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين (التوبة: 5)

أي إذا جاء (01 ربيع الثاني سنة 10هـ)...

فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد (التوبة:
5)

(واعملوا لهم كمائن.. كما حدث في مومباي)... فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا
الزكاة فخلوا سبيلهم (التوبة: 11)

( أي يبقى السيف يعمل في رقاب الكفار حتى يدخلوا الإسلام)... فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم

وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين (التوبة: 63)

وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله (الأنفال: 93)

فآية السيف نسخت ما قبلها.. فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.. وكذلك وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة... بعد آية السيف أصبح أهل الأرض ثلاثة; كما يقول ابن القيم: مؤمن آمن، ومعاهد مسالم، وكافر خائف، إما أن يدفع الجزية، وإما يؤمن، وإما يقاتل، فلذلك كان المسلمون يعرضون هذه العروض الثلاثة.. إسلام أو جزية أو سيف، منذ أن نزلت آية السيف حتى يومنا هذا.. انتهى الأمر.. أما مشركوا جزيرة العرب فلا يقبل منهم إلا الإسلام، أي جزيرة العرب لا يقبل منها الجزية; إما الإسلام وإما القتل،،،

ان لم يجد علماؤنا الافاضل تفسيرا لهذه النصوص غير تفسير السلفيين المنتشر لها .. يقنع عامة المسلمين ويسحب البساط من تحت أقدام جماعات التطرف الاصولي فسيبقي الارهاب سيفا مسلطا علي رقاب الجميع تغذيه الحالة الاقتصادية والسياسية المتردية لمجتمعاتنا وتؤيده نصوص دينية لم يستطع انصار الاسلام المعتدل تقديم تفسير لها يدحض حجج الاصوليين ويكسب قلوب عامة المسلمين.. هذه هي الحقيقة المرة يا سادة ويجب ان نعترف بتقصيرنا وتقصير علماؤنا الافاضل الذين يصرخون ليلا نهارا ويعلوا صوتهم عن وسطية الاسلام واعتداله وتقبله للآخر دون ان يقدموا تفسيرا واجتهادا يستطيع ان يتصدي لتفسير واجتهاد عبدالله عزام وما اعتمد عليه من فكر من سبقوه و جاءوا بعده من فقهاء ومفكرين اسلاميين وزعماء أرهابيين وعلي رأسهم سيد قطب و أسامة بن لادن.

إن لم نجد تفسيرا غير ارهابي للجهاد.. سيظل الارهاب مسلطا علي رقابنا.. حتي يضطر العالم كله فعلا في النهاية الي الاتحاد ضدنا.. ليدفع المسلم البسيط والمعتدل الثمن..

هذه هي الحقيقة يا سادة ولنا الله ان لم نعترف بها.

عمرو اسماعيل