يحار المرء وهو يراقب ما يجري.. الأسهل بالطبع استلال شعارات عن أهلنا في غزة وعن الشعب المحاصر وعن المقاومة وحق المقاومة وإسرائيل الغاشمة والتخاذل العربي والنفاق العالمي... الخ. هكذا نكون قدمنا وصلة من الـ quot;شوquot; واستنفرنا مشاعرنا ومشاعر الجماهير العريضة quot;وهي عريضة لأنها مسطحة وبـ تفرشquot;..
المشهد كان معبراً على أحد القنوات الفضائية: اصطف قادة المظاهرة في بلد ما.. يقف أمامهم مراسل القناة منتظراً شارة البدء من المذيع في الأستوديو ليتحدث عن الغضب والـ.. أدان زعيم الإخوان في الأردن ما يجري وقال لن نقف مكتوفي الأيدي وقال مشعل من دمشق لن نقف مكتوفي الأيدي وقال المدونون، وكتاب المقالات أيضاً قالوا أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي، وقال زعماء الأحزاب التي في الحكم والأحزاب التي في المعارضة الافتراضية يجب أن لا نقف مكتوفي الأيدي.. وقال القذافي أيضا إن الحكام متخاذلون ومنبطحون، ولم اسمع علي عبدالله الصالح هذه المرة ربما لأنه في صعدة... حسناً نحن نتفرج وننتظر quot;ورجونا شو رح تعملوا!.. بليـز لا تقفوا مكتوفي الأيدي بس مشان ورجووونا شو رح تعملو..quot; نحن نتظركم.. حينها ستكون جثث الضحايا قد دفنت
المشهد اكتمل quot;طلعquot; الزعيم على القناة واسمع رأيه ودعم وأيد المقاومة وتحرير غزة وعاد الى بيته لـ يتناول quot;كباب باذنجانquot; مع المتبل الذي هو أيضا مصنوع من الباذنجان؛ مع كباب البانجان quot;بلهجة حلبquot; يفضل الفلفل الحار؛ إن لم يكن يعاني الزعيم من البواسير! البهارات مطلوبة.. مع كباب الباذنجان يمكن أن يؤكل رز عادي وليس quot;بسمتيquot; وكذلك الحمص جيد، لكن السَلطة لا توافق هذه الأكلة، الكبة النية -وهي مصنوعة من لحم ني وبرغل ناعم- تصلح مقبلات مع كباب الباذنجان؛ كما أن الفجل جيد لمن ليس لديه موعداً غرامياً أو موعداً مع مسؤول ليوقع له استثناء.. ماذا بعد
إن وضع حماس مع إسرائيل يشبه طفل سفيه يلاحق ملاكم شرير ويشتمه بأمه وأخته مراهناً (والأطفال خبثاء بالفطرة) على أن الملاكم لن يشبه عقله لولد زغير.. وقد يمضي الملاكم دون أن يسمع هذا الولد؛ حينها سيدخل شعور ما للطفل أنه انتصر وقد يمشي بعد قليل كالطاووس ويصفع أقرانه معتقدا أنه أصبح بطلا لأن الملاكم لم يلتفت له... نعم هذا ما يحدث لا أحد على وجه هذه الأرض يستطيع أن يبرر الحكمة من إطلاق فتاشات حماس والتي يسميها إعلام quot;الكباب باذنجانquot; صواريخ!
بالطبع إسرائيل عدو لبعض العرب العاربة والمستعربة؛ وحماس تسميها العدو الغاشم وأدبيات حزب البعث كذلك.. وإسرائيل كما درسنا في الصفحة 67 من المنطلقات النظرية لحزب البعث وميثاق عبد الناصر وكتاب ولاية الفقيه.. تتربص بالأمة؛ لا أفهم إذاً كيف تطلب حماس من العدو الغاشم، الذي تريد إزالته من الوجود دواءاً وغازاً وكيك وكباب باذنجان.. وربما تعتب عليه إذا لم يرسل لها ndash; أي العدو الغاشم- تورتة في عيد ميلادها. من حق حماس أن يكون خيارها إطلاق الفتاشات على إسرائيل ليأكل خالد مشعل كباب باذنجان في شيراتون دمشق لكن عليها أن لا تولول مثل الولايا عندما ترد إسرائيل الغاشمة.. لماذا تولول فمنذ قليل كانت بطلة وتختال كالطاووس
هناك ضحايا بالطبع وهناك أبرياء وعادة من يقتل في معركة الكباب هم الأبرياء فالقادة محصنون لأنهم يعرفون نوايا العدو الشرير في استهدافهم
مرحى حماس.. قتل سجناء من فتح أيضا في سجون حماس أثناء إحدى الغارات!! نعم نكرر العبارة: قتل سجناء من حركة فتح في سجون حماس في قصف العدو الغاشم.. هناك حسابات بالطبع لا تجعل أحداً يرحب بما تفعله إسرائيل الغاشمة ولكن الكثيرين ممتنون لهذه الغاشمة وهي quot;تلعن سنسفيل أبو حماسquot; بالطبع الجماهير ستنعت من يرحب بـ quot;دك حماسquot; بالخائن.. وهو ليس بالضرورة من أعداء حماس بل قد يكون من أصدقائها..
المعادلة عادلة جدا وطبيعية جدا وغير الطبيعي هو استنكار ما يجري! لماذا الاستنكار؟ عدو غاشم يدك عدوه بما استطاع من قوة، اين الغرابة في ذلك؟ بس خلصنا ولوووو..
لندع صحفياً قادماً من المريخ يغطي الحدث لقناة المريخ الفضائية: زميلتي في الأستوديو إن ملخص ما يحدث هو أن إسرائيل ترد على فتاشات حماس... كل عاقل سيتفهم ذلك.. هناك أبرياء أليس كذلك؟ كل الحروب يذهب فيها أبرياء.. كل صناع الحروب يخططون لمشهد الأبرياء..
فتاشات حماس هي من جعل هؤلاء الأبرياء بنظر العالم ليسوا أبرياء وفتاشات حماس جعلت العالم يطالب بوقف إطلاق النار، وليس وقف عدوان غير مبرر..
ملالي إيران يعرفون معنى الحرب جيداً ويعرفون أثمانها لذلك فهم عقلاء ولا يتورطون بها؛ وكل العقلاء معهم في هذا... والنظام السوري يعرف إسرائيل جيداً ويعرف قوتها quot;الغاشمةquot; لذلك فهو لا يتورط باللعب معها أبداً؛ والعقلاء لا يطالبونه بهذه اللعبة.. إذن دعوا زعران حماس يطلقون فتاشاتهم بينما يتسلى الآخرون بمنظر الضحايا وهم يأكلون quot;كباب باذنجانquot;.
خلف علي الخلف
التعليقات