من منا لا يطرب وترفرف حواسّه عند سماع أغنية الفنانة المصرية الراحلة شادية: laquo;قولوا لعين الشمس ما تحماشيraquo;؟، والتي كتبها الشاعر المصري الشعبي الراحل: مجدي بخيت، ولحّنها الموسيقار البارع: بليغ حمدي.. تقول كلمات الأغنية:
laquo;قولوا لعين الشمس ما تحماشي
لاحْسَن حبيب القلب صابح ماشي
ماشي.. حبيبي ماشي
ماشي.. ده بكره ماشي
يا حمام.. يا حمام.. طير قبلـُه أوام يا حمام
خلي لـُه.. يا حمام.. الشمس حرير يا حمامْ
ويا ناس لو غاب يا ناس خلُّوه يبعت لي سلام..raquo;.


ولهذه الأغنية العاطفية أصل وحكاية وطنية مصرية. فصاحب كلماتها، مجدي نجيب، كتبها متأثرًا بالتراث الشعبي. إذ حوّر أغنيةً قديمة جنائزية الطابع - لعلّها من بيت واحد، لم يعرف أحد من صاحبه- وتقول: laquo;قولوا لعين الشمس ما تحماشي.. لاْحسنْ غزال البرّ صابحْ ماشيraquo;.


وقد غنّت الناس هذا البيت حزنًا على المناضل المصري الوطني: laquo;إبراهيم ناصف الوردانيraquo;، الذي خلّص مصر من رئيس وزرائها بطرس غالي باشا، في 20 فبراير عام 1910، والذي عرف بعمالته للإنجليز والخديوي على حساب كافة القضايا والحقوق الوطنية.. كما كان بطرس هو رئيس محكمة دنشواي الشهيرة، وقد اغتاله الورداني كأوّل اغتيال سياسي في تاريخ مصر الحديثة. وكان الورداني آنذاك شابًا لم يتجاوز عمره 24 سنة، وهو خريج كلية الصيدلة من سويسرا، ودرس الكيمياء في بريطانيا، وكان عضوًا في الحزب الوطني الذي أسّسه مصطفى كامل.


وعندما حُكم على الورداني بالإعدام، غنّت له الناس تلك الأغنية يوم تنفيذ الحكم في صباح يوم صيفي حارّ كان يوافق 28 يونيو من نفس العام، وقد فوجئ الإنجليز وأعوانهم بأنّ المصريين يُغنّون في صباح هذا اليوم تلك الأغنية الحزينة:
laquo;قولوا لعين الشمس ما تحماشي..
لاحسنْ غزال البرّ صابح ماشي..raquo;.

نصر جميل شعث