لا نعترض أبدا على الحق السيادي لدولة قطر في إستقبال من تشاء وفي أي وقت تشاء و لأي طرف تشاء؟ و لا يملك أي طرف حق الإعتراض أو الممانعة أو إعطاء دروس في الوطنية و القومية و التضامن العربي و كيفية إدارة الصراع و الأزمات، و لكننا نراقب فقط و نستغرب من سياسة المعايير المزدوجة و الكيل باكثر من معيار! و نعجب كثيرا لحالات التناقض السياسي المريعة التي تجعل خالد مشعل الحمساوي جارا للرفاق الصهاينة في ديار قطري بن الفجاءة!!
كما تجعل من الرفيق السابق ناجي صبري الحديثي جارا عزيزا للرفاق في حزب الدعوة!، إنها السياسة القطرية العجيبة في زمن البهذلة و التشتت العربي العجيب، فحينما تدحل وزيرة الخارجية الإسرائيلية على الخط و تحشر أنفها في الخلاف العربي/ الخليجي / الإيراني فإن في الأمر أكثر من نكتة بايخة! لأنه بصراحة مهما كانت خلافاتنا مع جيراننا الإيرانيين فإنها لن تصل لحد القطيعة الشاملة أو التناقض التام أو لحالة عدم اللقاء، فإيران تظل بصرف النظر عن النظام الذي يحكمها اليوم أو الغد جارة تاريخية و شريكة مركزية في الحضارة و الثقافة الإسلامية وهي أقرب ألينا بكثير و كثير جدا من الخواجات و شذاذ آفاق أوروبا الشرقية الذين يحكمون إسرائيل، لا ننطلق من شعارات سقيمة و لا ندعو لإحياء الحروب و تعقيد الأزمات و أنما نقرر حقيقة ستراتيجية يبدو أن البعض قد تناساها في ظل إختلاط الأوراق الفظيع و التداخل في الملفات الذي يشوه كل معالم الصورة السياسية في المنطقة، إيران تحتل بغير وجه حق أرضا عربية في مياه الخليج العربي، و إيران لها مخططات و طموحات إقليمية و إيران تصادر حق تقرير المصير لعرب الأهواز و هنالك ألف ملف و ملف و لكن مع تزاحم تلك الملفات فإن الرؤية تظل واضحة للجميع وهي إمكانية حل النزاعات مع إيران بطريقة أو بأخرى بعيدا عن الآلغاء أو مصادرة الحقوق، أما إسرائيل بسياستها العنصرية و بتركيبتها العدوانية و بمخططاتها الجهنمية و بعدوانيتها المستمرة و بوحشية جيش دفاعها و مجازره ضد الآمنين و المستضعفين و المشردين فهي لا يمكن أن تكون طرفا في التحريض و التأزيم ضد الجارة الشرقية المشاكسة و لكنها الجارة التاريخية التي لا يمكن الإستغناء عن دورها و لا عن العلاقة الوثيقة مع شعوبها فما يربطنا بإيران من الروابط هي أوسع و أقدس كثيرا مما يربطنا مع الإسرائيليين الذين يريدون أخذ كل شيء بثمن بخس و دون أن يدفعوا شيئا بل أنهم يحاولون ( بيع الميه في حارة السقايين )..
لا أعجب أبدا من سياسة الصدمات الكهربائية القطرية و من الأسلوب الدبلوماسي المعروف و الصادم لحكومة حمد بن جاسم بن جبر الذي يجمع الصيف و الشتاء في ( دشداشة ) واحدة..!!
و لكننا نعجب من فيالق الثوريين التلفزيونيين الذين يملأون الدنيا عويلا و ضجيجا في غزواتهم التلفزيونية و في مقالاتهم الجنجلوتية و يصمتون صمت القبور على ما يدور من إتصالات بالقرب من قلعة الحرية و النضال و العروبة بفروعها الناصرية و البعثية أو الإخوانجية ( قناة الجزيرة ) التي تحتج بشدة و عزم على الوجود الأمريكي العسكري في العراق مثلا و تتناسى تماما أزيز الطائرات الأمريكية في قاعدتي العديد و السيلية على مسافة أمتار قليلة منها؟ تحتج عبر أصوات و أقلام عبد الباري باشا عطوان و الرفيق محمد صالح المسفر و الرفيق المناضل معن بشور و الرفيق ناصر قنديل و الرفيق الأمين العام لما يسمى بالمؤتمر القومي العربي لكرة القدم المغربي خالد السفياني و بقية الرفاق المؤلفة قلوبهم من أهل الزعيق و الصراخ على التواجد العسكري الدولي في العراق و الذي يجعل من رفيقنا المناضل فيصل القاسم يخرج علينا كل أسبوع وهو يندب حظ العروبة العاثر و يتهكم على العملاء و الجواسيس من الليبراليين العرب و يشتم المتفلسفين الجدد و هو يقصد عضو الكنيست الإسرائيلي المنشق عزمي بشارة بينما صمت سابقا بالكامل عن زيارة مولانا الرئيس ( شيمون بيريز ) للدوحة و للجزيرة تحديدا، وهو لا يعلق اليوم على زيارة الرفيقة المناضلة تسيفي ليفني للدوحة ضمن منتدى الديمقراطية!!
و يا سلام على ديمقراطية الموت الشامل الإسرائيلية التي ما زالت تنتقم بوحشية لا من أعدائها العرب بل من مواطنيها ذاتهم و منهم العالم النووي الإسرائيلي المنشق الذي فضح خبايا و بلاوي مفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب مردخاي فعنونو الذي لا زال تحت الإقامة الجبرية وفي وضعية قاسية بعد ما يقارب الربع قرن على عمله..!، نتمنى لو أن فيصل القاسم قد خصص حلقات من برنامجه الذي تم إختزال زمنه و تقصير ( دشداشته ) و تقليم أظافره و ( حلق شواربه ) لكي تستقيم مع الموازين الشرعية للعصر الإسرائيلي الجديد ليجمع كل أهل الزعيق في العالم العربي و يناقشون على الهواء الإختراق الإسرائيلي للخليج العربي عبر البوابة القطرية و من خلال المؤتمرات الدولية التي لا فائدة منها البتة سوى ترسيخ التطبيع المجاني الذي لا ينتزع من المخالب الإسرائيلية أية حقوق ضائعة بل على العكس تماما يعطي و بالمجان كل شيء للإسرائيليين، كنت أتمنى فعلا لو شهدنا إنتفاضة قاسمية حادة ضد ما يجري في الدوحة، ولكن يبدو أنه لا حدود لأحلامنا، فالدور التمثيلي لكل أهل الإعلام العربي الزاعق لا يتعدى سوى التمجيد بالمقاومة ( قاطعة الرؤوس ) و بالإنبطاح السري على الفراش الإسرائيلي الوثير!!..
للأسف لم يعد للكلمة أي وزن فكل شيء يباع في أسواق النخاسة العربية، أما الفتح الإسرائيلي المبين للبوابات الخليجية فهو نتاج طبيعي لزعيق الزاعقين من المغرب وحتى البحرين.. و بالروح بالدم نفديك.. يا فيصل القاسم...؟
داود البصري
التعليقات