يمكننا أن نؤكد أن موريتانيا، التي ظلت بمنأى عن أن تطالها ذراع quot;الإرهابquot; الطويلة، قد انضمت أخيرا إلى quot;نادي التكفير والتفجيرquot; الذي قادها إليه بعض جهلة أبنائها، الذين لا يفقهون من الدين سماحته ونقائه من أدَران الدماء الزكية أن تُراق.

ولكن يمكننا أيضا عندما تتحرك فينا نوازع quot;التفسير التآمريquot; أن نضع مئات الخطوط الحمراء، تحت وقائع تثير فينا من الريبة، ما لا يمكن أن نعيره الصّم من آذاننا، فالجزئيات الصغيرة قد تتعاضد (في علم التحقيق الجنائي) لتصوغ بمجملها مسلمة قطعية.

.. دعونا نجرب إثارة الشكوك في كل شيئ.. ولكن بالمنطق.. بالمادة الرمادية التي تتحرك في أدمغتنا، لتكون عقلا وليس عهنا منفوشا!

أنني أسلم لكم جدلا، وجود خلايا نائمةٍ وصاحيةٍ للسلفية الجهادية التكفيرية.. ولكم أن تسلموا معي ان هذه الخلايا الجسورة، المقاتلة، المثيرة للفتن، لم تحرك ذيولها، إبان فترة ولد الطائع الذي سجن علمائهم ومراجعهم الفكرية.. ولم يسمح لهم بترخيص حزب سياسي (اعذروني..فلست ممن يفرق كثيرا بين مقاصد الإسلامي المسلح والإسلامي المسيّس!!quot;.

فكيف يشنونها شعواء بلا هوادة، على الرجل المسلم، المسالم، الذي بنى المساجد وعمّرها، ووعد بمنح اهتمامه للمحاظر والمدارس والكتاتيب، ورخص حزبا للإسلاميين، والتقى في قصره مشائخ السلفية الجهادية.. وهي أشياء أشاد بها السلفي سيدي ولد سيدينا، المتهم بالضلوع في قتل السياح الفرنسيين الأربعة، في محاضر التحقيق معه.

هل هي الغريزة الشرّيرة التي تجزي المحسن بالإساءة، كما كان ديدن المِعْزَى quot;هيلةَquot; التي تنطح خير حالبيها؟!

أم أن هناك من لا يريد استقرارا لنظام ولد الشيخ عبد الله الهش. فيرى أنه من الاستراتيجي أن تتوالى عليه الطعنات المثخنة، كيما تُعَجّل نهايته، بطريقة ما.

ومَنْ المستفيدُ من ذلك غير الرئيس السابق اعل ولد محمد فال، الذي غادر كرسي الحكم quot;مُكرها غير بطلquot;، بعد أن فشلت quot;بطاقته البيضاءquot; في إبقاء التاج مرتفقا على رأسه. وبعد أن خابت مساعي بعض مثقفيه في تمديد فترته الانتقالية؟!!.
ومن سواه، يستطيع حبك المؤامرة؟..
فهو من وهب عشرين حجةً من عمره لإدارة أمن الدولة، فعلمته دقائق التركيبة الاجتماعية والنفسية للبلد.. وساعدته على إقامة شبكة عملاءَ عملاقة، ترتبط بشخصه أكثر من ارتباطها بإدارة الأمن.
من يصدق أن استهداف السفارة الإسرائيلية جاء عَرَضاً؟!


ألا يستوقفنا أن يكون الخديم ولد السمان، ابن عم الرئيس ولد محمد فال، الذي فر من سجنه في ظروف مريبة، والذي يجر ذيوله في العرصات، دون أن يُطار غرابه.. ويتزوج، ويقيم الأعراس من غير أن يُنَغص صفو سعادته. هو المسؤول الأول عن عملية السفارة الاسرائيلية، حيث ظل مدبروها يطلقون النار لأكثر من 20 دقيقة، دون أن تتدخل قوة أمن، أو أن تسد عليهم المنافذ، التي انسحبوا منها بهدوء.
الخديم: الذي ظل quot;الإسلاميون الوسطيونquot; يشككون في صلاته الاستخباراتية...وكانوا قد أوعزوا للناشط الحقوقي عليٍ تين رئيس منظمة RADDHO أن quot;لا يساعده في الالتحاق بهم في بلجيكا لاعتقادهم أنه ليس سوى بيدق استخباراتي لأبن عمه الذي يدير أمن ولد الطائعquot;.

ثم جاءت حادثة مصرع السياح الفرنسيين الأربعة، التي نفذتها شلة من أصحاب السوابق، في جرائم السرقة وتعاطي المخدرات، لتقصم ظهر نظام العجوز، الذي يقعقع له بالشِّنان.

فهل هي محض الصدف التي لا تحترم مواعيدها، أن تحدث العملية في ولاية لبراكنة، التي كان مدير أمنها الجهوي محمد عبد الله ولد الطالب اعبيدي (ولد آدّه) الذي لا يُثار جدلٌ في كونه الذراع اليمنى، الضاربة، للرئيس ولد محمد فال، والذي يشتهر بدهائه وذكائه الحاد. وأن يستخدم لذلك الغرض معروف ولد الهيبة، أمير الشباب السلفي الذي نفذ العملية. المشهور بسوابقه الإجرامية في سرقة السيارات والسطو المسلح.

هل وقع الاختيار على فتى طائش، حدَث السن، من قرية quot;لمدنquot;، التي ينتمي الرئيس ولد الشيخ عبد الله لمشيختها الروحية، والذي تعتبر والدته (بنت لوداعه) ابنةَ عم الرئيس.. فقط، لإحراج ولد الشيخ عبد الله أكثر أمام الرأي العام الدولي والغربي خصوصاً؟!

وهل هي محض صدفةٍ، أن يكون مغني الراب الفاشل ولد شبرنو ضمن منفذي العملية، بل أن يكون هو نفسه من أطلق النار على الفرنسيين الأربع، فأرداهم قتلى. وان يكون والده من quot;افريك أهل الطالب اعبيديquot; الذي يسوده والد ولد آده.. وأخواته يتزوجن من رجال في quot;لفريكquot;.. كما تربط ذويه وشائج روحية بمشيخة أهل الطالب اعبيدي.

و هل يمكن لعملية هروب سيدي ولد سيدينا، التي تمت سهلةً يسيرةً، إلا أن تكون أمرا مُبرَماً بليل؟!
هي الصدفة في رأيكم، أن ينتمي الرجل الذي أعار هاتفه لولد سيدينا ليتصل به من المحكمة، لحظاتٍ قبل فراره، إلى منطقة quot;الحوضquot;. وأن تكون صاحبة المنزل الذي كان يأوي عناصر السلفيين في تفرغ زينة، والفتي ذو اللحية الكثة الذي قتل خطاً في منزل شمالي لكصر، والإرهابي ولد شبرنو، وولد آده جميعهم من quot;الحوضquot;.

وكم هي مفارقة غريبة أن تسفر التحقيقات مع ولد الهيبة عن وجود منزل يبعد بضعة أمتار من مسكن ولد آده يحمل في جوف مستودعه المائي كمية كبيرة من المتفجرات؟!
قد تكون الصدفة فعلا.. وقد تكون quot;شعرا ما غاب عنه أبن أبي قحافةquot;.!!
فهل هناك من استغل حماس الشباب السلفي المتشدد المتقد، ليديره بريموت كونترال دهائه وغبائهم، وليزرع بينهم من يوجهه فيوجهم؟!

ومن أجل استجلاء الحقيقة الساطعة كالشمس رأدَ الضحى.. فَتّشْ عن أعل ولد محمد فال وذراعه ولد آدّه وعن كرسي quot;السلطةquot; الهزاز.. وخاطب الرجل الطيّب القابع في كِسر مكتبه في القصر الأزرق: لقد أهداك ذوو الأحذية الخشنة تفاحة مسمومة.. فكن قوّيا، وإلا قطعت إبْهَرَك!

حنفي ولد دها
[email protected]