ثم هل فهمت الحكومة ما ذهب اليه السيد عضو مجلس النواب العراقي، وكما توصفه الحكومة ممثل المسيحيين.... يقول السيد يوناذم كنة...
{ اريد ن اقول للحكومة العراقية.. هذه نتيجة سياساتكم تجاه ابناء شعبنا من اقصاء وتهميش مما اعطى الجرأة لهؤلاء الارهابيين السفلة اللذين تجرؤوا على مس رموز امتنا }...انتهى النص.


اما انا فاقول.. يتعرض المسيحيون العراقيون الأبرياء هذه الأيام وامام انظار الحكومة والبرلمان quot;النجرْquot;، الى ملاحقة وقتل وتهجير وارهاب، ليس بسبب إستيلائهم على دور الأخرين بعد سقوط الصنم ولا لسرقتهم النفط، ولا لأنهم ينتمون الى ميليشيا حزبية طائفية معينة، ولا لأنهم عملاء، ولا لأنهم يريدون الإنفصال، ولا لأنهم يجبرون المسلمين لتغيير دينهم، ولا لأنهم لم يشاركوا في إنتخاب ممثليهم في حكومتهم الفاشلة، ولا لأنهم فجروا الجسور واماكن العبادة، ولا لأنهم ارهبوا جيرانهم لأنهم من اتباع ديانات أخرى..... لماذا اذن يقتلون ويهجرون؟؟ وما هو دور حكومة العراق.


هؤلاء الأبرياء بين نارين، نار الطائفية الدخيلة ونار العنصرية البغيضة، هذا القوم المسيحي المسالم والذي تعايش مع المسلمين منذ الاف السنين، يواجه اليوم وخاصة في بغداد والموصل حملة شرسة على يد قوى دينية متطرفة لإجباره على تغيير دينه او الرحيل عن العراق، فبالرغم من ان هذا القوم المسيحي له ممثلين ومشاركين في الحكومة والبرلمان استنادا الى المحاصصة الطائفية سيئة الصيت، والتي لم يجني منها شعبنا العراقي بكل مكوناته غير التمزيق والمصائب والويلات، فقد بقي هذا القوم يتعرض الى تصفية تلو الأخرى بغية إنهاء وجوده والقضاء على تأريخه الحافل
بالمنجزات العظيمة. وليس غريبا ان قلنا ان مسيحيوا العراق قاطبة مع بقية الاقليات الدينية الأخرى كاليزيدية والصابئية والشبك تعرضوا الى مختلف المضايقات عبر ازمنة مختلفة حيث قد تكون الأنظمة التي حكمت بلادهم آنذاك لا تفهم شيئا عن الديمقراطية او احترام حقوق الإنسان، فلماذا اذن يتعرضون اليوم للقتل والتهجير، ان التغيير الذي حصل في العراق وتعيين حكومة محاصصة طائفية غير كفوءة استمرت في نهجها التمييزي الى يومنا هذا جعل المسيحيون العراقيون وباقي الأقليات تحت رحمة الأحزاب المذهبية والمتطرفة المتنفذة، فتم خطف واغتيال وذبح العشرات منهم
وكان ابشعها اجراما هي جريمة قتل المطران الجليل الشهيد مار بولس قبل اقل من شهر وتلاه قتل الأب الشهيد يوسف عبودي في بغداد قبل ايام.
يحضرني قول قداسة البطريرك مار دنخا الرابع في نداءه الى اعضاء الحكومة العراقية والبرلمان، معبرا فيه عن مدى اخلاص المسيحيين ووفاءهم، حين قال..


{نحن المسيحيين و منذ الفي سنة عشنا ولانزال نعيش في هذه البلدان المشرقية خاصة في بيث نهرين العراق، معا مع جيراننا المسلمين بالمحبة و الاحترام و السلام، نحن ابناء العراق الاصليون فلماذا اليوم وفي القرن الحادي و العشرين ترتكب اعمال ظلامية لا انسانية ضد مسيحيي العراق ورموزهم الدينية}
كما أكد ذل ايضا..الدكتور المطران لويس ساكو رئيس اساقفة كركوك للكلدان، في مقابلة تلفزيونية سابقة.. حين قال...
{ لقد كنا ولا زلنا ويجب أن نظل أبداً مسلمين ومسيحيين متعايشين متحابين تجمعنا الوطنية والمحبة }
فهل من مجيب ايتها الحكومة، وانت ايها البرلمان الشاهد على يوميات القتل.. هل حركت ساكناً؟

ان استمرار المشهد الطائفي والديني الدموي في العراق والذي توسع ليشمل المسيحيين الآمنين سيؤدي الى افراغ العراق من ابناءه المخلصين كما سيؤثر ذلك على مصداقية رجال الدين المسلمين حزبيين وغيرهم في توجهاتهم الدينية والتي تدعو الى الحفاظ على ارواح الأقليات في البلدان الإسلامية، واشير هنا الى تورط حكومة إيران في كل ما يحدث في العراق من اقتتال طائفي وتطهير عرقي حيث يلقى الدعم من بعض التنظيمات الإسلامية المتشددة الأخرى في الداخل وخاصة المشاركة في السلطة، وما زاد الطين بلة هو دخول تنظيم القاعدة الى العراق لمحاربة اميركا عبر الحدود التي انهارت حراستها بعد الغزو، فكان المسيحيون الأمنون هدفا مزدوجا!


لقد اتضحت ملامح المشروع الطائفي للقوى الدينية السياسية في العراق منذ سقوط الدكتاتور وقد قلناها وقالها غيري كثيرون، ان الحاكمون الجدد طائفيون وان العراق سائر الى الهاوية والحرب الأهلية ستحرق الأخضر باليابس، وان الحل الوحيد لإستقرار العراق هو في تغيير عقلية الحكومة والغاء الدستور والبرلمان والإتيان برجال اكاديميون مخلصون وطنيون يشكلون حكومة نزيهة وبرلمان كفوء ودستور عقلاني يوفر كل الضمانات للشعب العراق مبني على اساس الوطنية ونكران الذات.... ولكن نداءاتنا ومع الأسف لا تجد أذنا صاغية!

وبكل ثقة نقول، أن المسيحيون العراقيون باقون مخلصون لعراقهم ارضا وشعبا، ومستمرون على العهد في احترام اصحاب الديانات الأخرى مسلمون وغيرهم، ويقفون معهم في السراء والضراء، ونقول لأخوتنا المسلمون سنة وشيعة أننا للأسف لا نملك من الأمر شيء إلا التنديد وعدم الرضا بما تفعله القوى الطائفية المجرمة في العراق، ونطالبهم بالوقوف معنا في محنتنا لأن هؤلاء القتلة سواء من كان منهم في الحكومة او خارجها مدعومون من قبل قوى قوية لا طاقة لنا لصدهم، فهي الجبروت المتنفذ وصاحب الشأن في مصير بلادنا الجريحة اليوم، ونخاطب علماء السنة والشيعة حيث تقع على عاتقهم مسؤولية حماية الأقليات الدينية والعمل بكل الوسائل لحمايتهم ومنها اصدار الفتاوى والتي تحرم اي اعتداء على وجودهم وممتلكاتهم ورموزهم الدينية.

فإن خوفي الشديد يزداد لأن التطرف الطائفي والتمييز اذا ما انتشر ليشمل عموم البلاد العربية فانها ستقضي على كل الشرفاء والمخلصين لأوطانهم واخص بالذكر الأقلية من المسيحيين سكنة الأوطان العربية.


كما أناشد كل المسلمين عربا وكردا وتركمان، سنة كانوا أم شيعة، أن يعلموا أن الطائفية والمذهبية، ليست ثقافة عراقية اطلاقا، بل هي ثقافة جاءتنا من خارج الحدود، وأن الحرب على العراق ليست مسيحية اسلامية ولا شيعية سنية ولا عربية كردية، بل هي حرب دول على المصالح وحرب عصابات عالمية وبعضها حرب ميليشيات تتبنى خطابا تعبويا دينيا مذهبيا لخداع السذج من الشيعة والسنة، وهي في حقيقتها لا تمثل إرادة شيعة العراق ولا ارادة سنته!


وإني إذ أشعر بالغبطة عندما أجد عقلاء من السنة والشيعة يميزون بين المجرمين وبين المخلصين، واشعر بالسعادة حين اقرأ ما يكتبونه من كلام يدعو الى وحدة العراقيين والى نشر المحبة والسلام، علينا أن نعمل جميعا لكشف زيف المتاجرين بالدين الإسلامي ونطالب دائما بمعاقبة كل موقديها مهما كانت طوائفهم ومذاهبهم.


ان حجم المأساة كبير جدا ايها الأخوة، فالقتل على الهوية والتطهير الطائفي اللذان تشهدهما بغداد وباقي مناطق العراق الأخرى، تسللا إلى الأقوام الغير مسلمة وهذا ما يجبر الشرفاء من العراقيين على اختلاف انتماءاتهم التجاه لتدويل مصير هذه الأقوام وايصال استغاثتهم الى المنظمات الدولية لحقوق الإنسان لتتدخل لحماية الأبرياء، وبات من الضروري الآن أن يتحرك الجميع، قادة الرأي وقادة الكنيسة، والأساتذة والعلماء، وقادة الأحزاب المسيحية والقومية وممثليهم في البرلمان العراقي، والفنانين وغيرهم، لكشف الخطر الطائفي ومن يقف وراءه.....وانقل هنا نصا رائعا كتبه الزميل وديع بتي على موقع عنكاوة حزنا لمقتل الأب يوسف.....{ جنات النعيم لك يا شهيدنا الجديد الاب يوسف عادل عبودي، انه الدم الكلداني السرياني الأشوري يتوحد ليحكي قصة شعب واحد تأريخ واحد ومصير واحد، عذرا ايها الأب الشهيد ان كنت ترى ان بعض من كتابنا قد استنزفوا كلمات الرثاء وجف حبر اقلامهم وغاب عنهم ان يستثمروا فرصة اراقة دمك الزكي فيتركوا العالم لا يحيد في نظره عن مأساة شعب عريق.} انتهى النص.
نطلب من الله ان يهدي المخطئين وان يجعل العراقيين، مسلمين و مسيحيين صابئة ويزيديين وشبك وغيرهم متحابين ومتسامحين، وهذا لن يتأتى الا في ظل حكم وطني شريف ونزيه يحترم كل الأديان وكل المعتقدات ويوفر لهم الخبز والأمن والسلام.

ادورد ميرزا
اكاديمي مستقل