للكذب أيضا فلسفة!

نستخدم مساحيق التجميل إضافة إلى كوكتيل من فنون الدلع والدلال لجذب انتباه الرجل في عملية خداع أنثوية يذهب ضحيتها محترف آخر للكذب هو الرجل الذي يستخدم بدوره مئات من أبيات الشعر والكلمات المعسولة لجذب انتباه المرأة ودغدغة مشاعرها.. فهل حقا يعشق الرجل بعينه والمرأة بأذنها؟
وهل نعجب أن أصبح الجمال للمرأة هاجس والغزل للرجل حرفه؟
نستطيع أن تستنتج أيضا أن المرأة تحتاج إلى رجل سطحي لينبهر بجمالها كما يحتاج الرجل إلى امرأة غبية لكي تصدق إطراءه وتأكل طعم صنارته!
وإذا كان الرجل عاجزا في معظم الأحوال عن تذوق جمال المرأة بعيدا عن مظهرها الخارجي فهل علينا نحن النساء أن نكون جميلات ونصمت ؟
في الأغلب نعم..
كوني يا سيدتي جميلة واصمتي..
وكن أيها الرجل في المقابل كاذبا وكفى..
بذريعة أن الكذب ليس سوى فلفل الحياة فأكثر منه ما شئت، لم لا وما زالت ملايين المشاهدين لا يمانعون في متابعة فيلما هنديا لم يترك الكذب فيه للحقيقة ما يحفظ حتى ماء وجه السينما.
لكن إياك أن تشكو فساد الطبخة أو انقلاب المائدة عل رأسك إذا ما صادفت امرأة ملت من الكذب الذكوري حتى كرهته..
ففي نهاية المطاف ليس للكذب أرجل طويلة إلى أبعد مما تريده هي.
وبعيدا عن لعبة الحب..
يبقى الكذب كما يقول ابن المقفع بأنه quot;رأس الذنوبquot; لما ينتج عنه من أذية وما يفقدنا في هذه الحياة من بهجة الاستمتاع بتفاصيلها عندما تتحول إلى مجرد كذبة!
فإلى أي حد نعني ما نقول بصدق وإخلاص ؟ وهل انقرض الصدق في القول والأمانة في العاطفة ؟
من منا ينكر أن للحظات الحياة مذاق أكثر من رائع عندما تكون حقيقة بلا رتوش.
لكنا نكذب؟؟
لماذا؟
هذا السؤال بسيط حد السذاجة وعميق ومعقد حد الحيرة..
فنحن غالبا ما نرفض الكذب وندين الكذابين في الوقت الذي نكذب سرا وجهرا، خفية وعلانية..
نغضب عندما يكذب علينا الآخرون وننسى أو نتناسى أنا عندما نكذب عليهم نكذب براحة بال وضمير بل ليست سوى (شطاره) !ّ
إلا أن حقيقة الأعمال بالنيات..
فما أكثر المبررات والتسويفات المناسبة لنفلسف الكذب بكل ألوانه ليصبح مقبولا ومستحسنا.
هذا هو حالنا مع قيمنا الأخلاقية التي حيرتنا واحتارت معنا!
الأغرب أن الحيوانات أو الكائنات الحية الأخرى لا تكذب فلماذا يا ترى يبدو الكذب صنعة بشرية بامتياز ؟
لماذا يحتاج ابن الإنسان إلى عملية تربوية معقدة للوصول إلى تحقيق الفضائل وتعزيز قناعته بضرورتها ؟
والى أي مدى يمكن أن تكون كذبة نيسان خفيفة في الميزان ؟
ثم هل من فلسفة يمكن أن تحول الكذب إلى مزحة لذيذه أو فضيلة أحيانا ؟
اغفروا لي تمجيدي الفلسفي للكذب احتفاء بكذبة ابريل ليس إلا، فالكذب لا يخلو من بعض الفوائد وهو ما خلصت إليه دراسة اجتماعية أجرتها جامعة كاليفورنيا الأمريكية حين أكدت أن الصدق بمعناه المطلق قد يضر أكثر مما يفيد تحديدا بين الأزواج وأن هناك صدقا قبيحا أو مدمرا على حد قول quot;سيزو كينثquot; المشرف على هذه الدراسة. تماما كما في الجانب الآخر مواقف وحالات لا ينفع فيها هذا الكذب الأبيض كالأزمات المالية والصحية.
بدوري أتساءل.. إلى أي حد يمكن أن تنطبق نتائج هذه الدراسة على مجتمعاتنا الشرقية؟
وهل هناك كذبا مباحا وآخر غير مباح ؟
هل للأمر صلة بمدى قدرتنا على التسامح مع أي من هذه الأكاذيب؟
الأهم..
أننا اعتدتنا أو درجنا على الاعتقاد بأن حبل الكذب أو عمره قصير وأنه بلا أرجل..
فهل هو دائما كذلك في بياضه كما في سواده ؟
أم أن له أرجل وأيدي وحبال قد تطول إلى ما لا نهاية؟
سؤال محير أتمنى لو أطرحة على من يحترفون الكذب على أرض الواقع بإصرار احسدهم عليه..
على أن لا تكون الإجابة مجرد quot; أكذوبة واقعيةquot;!!
وفي يوم آخر لا يمت إلى أول ابريل بصله.


حنان بديع
[email protected]