قرأت أن مقتدى الصدر بدأ بارسال الرسل لمفاوضة المالكي حول ايقاف القتال. التفاوض مع العصاة يدل على ضعف الحكومة، لأن العصاة من التيار الصدري أو اية جهة أخرى من أية طائفة كانت، يجب محاسبتهم ومعاقبتهم، خاصة وانهم أساؤوا الى العراق طيلة الأعوام الخمسة الماضية. فسفحوا دماء الأبرياء وساهموا بتخريب البنية التحتية للبلد، وما زالوا يفعلون. فحول أي موضوع يمكن التفاوض مع هؤلاء القتلة المخربين؟ التفاوض يجب ان يكون فقط حول تسليم أنفسهم لتقديمهم الى المحاكم المختصة لا غير.

علمتنا السنون الخمس الماضية، ان التساهل والتسامح مع هؤلاء الرعاع ومع كل من روع الشعب العراقي وتسبب فى هجرته وتهجيره، وحرمه من أبسط مقومات الحياة اليومية، ومنع الأطفال والناشئين والشبان من الدوام فى المدارس والمعاهد والكليات والجامعات،وكذلك منع العمال وأصحاب الأعمال والموظفين والاداريين من القيام بأعمالهم اليومية المعتادة، وألازمهم بالمكوث فى دورهم مرعوبين، فان العفو والتساهل لن يعود الا بالضرر الكبير على البلد المدمروالشعب المشتت. يجب ان لا ننسى مصير الزعيم عبد الكريم قاسم، فانه عندما سامح وعفا عن البعثيين وكل أعداء الشعب العراقي، قد جنى جناية كبرى على البلد. لم يستمع الى نصح الناصحين ومنهم الشاعر الجواهري حينما قال له مخاطبا:
(فضيق الحبل واشدد من خناقهم ) (فربما كان فى ارخائه ضرر).


تخيلوا معى لو انه نفذ الأحكام القضائية فيهم، فكيف كان أصبح حال البلد اليوم؟ كان يقول بأن الرحمة فوق القانون، ولكن هذا لا يمكن تطبيقه على مجرمين مصرين على اجرامهم لا تأخذهم رحمة ولا شفقة بأبناء شعبهم. الناس اليوم فى البصرة والكوت وبعض مناطق بغداد وضواحيها محاصرون فى بيوتهم ولا يجدون ما يأكلون ويشربون، وهؤلاء القتلة يسرحون ويمرحون فى الشوارع والأزقة، يحملون أسلحة الموت والدماروهم مطمئنون الى ان (السيد) قد وفر لهم المال والطعام فى الدنيا، والحوريات والغلمان فى الآخرة.

أنا لا أدعوا الى نصب المقاصل ومنصات الاعدام فى كل زاوية ومنعطف، ولكنى أدعوا الى القاء القبض على هؤلاء القتلة ومن يتسترعليهم وتقديمهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، ويكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه بانزال الأذى بالعراقيين من داخل وخارج البلد.

شاهدت، كما شاهد غيرى اليوم على شاشات التفزيون الأوضاع المزرية التى يعيشها سكان البصرة فى هذه الأيام التعسة، وشاهدت الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم العشرينات والذين يفترض فيهم أن يكونوا قادة البلد فى المستقبل، شاهدتهم يحملون الأسلحة ويهتفون (للسيد)، ومن النظرة الأولى يرى المشاهد ان هؤلاء المساكين المخدوعين المغرر بهم من قبل قادتهم المجرمين، لم ينالوا أي حظ من الثقافة و التعليم، وأراهن على أن أكثرهم لايستطيعون حتى كتابة اسمائهم. هؤلاء الشباب وغيرهم فى كل انحاء العراق ولدوا وترعرعوا أيام حكم البعث الأسود وتدربواعلى القتل والقتال
والكراهية، والحقد حتى على آبائهم وامهاتهم والأقارب والجيران والأصدقاء الذين لا يؤيدون أعمال البعثيين وسيدهم المقبور. ان ضياع هؤلاء الشباب خسارة كبرى لا تعوض لأهاليهم ووطنهم، وتبعث فى النفس الأسى والألم والحسرات.

ان المسؤول الأول عما يحصل فى العراق اليوم هم بالدرجة الأولى المعممين من دعاة الدين من كل الطوائف والمذاهب، فهم الذين أججوا نارالفتنة وأثاروا النعرات الدينية والطائفية وغرضهم الحقيقي غير المعلن عنه هو المال والسلطة، يساعدهم بذلك سياسيون ماتت ضمائرهم ولم يعد يهمهم غير الحصول على المناصب والأموال الطائلة، وهم يرون جيدا أبناء شعبهم يعانون أشد المعانات من الجوع والفقر والمرض، بينما البلد الذى ولدوا فيه يعتبرمن أغنى بلدان العالم. قام هؤلاء بتأسيس أحزاب ومراجع كما يسمونها، وهى فى حقيقتها منظمات ارهابية تعيث فى أرض العراق فسادا. هؤلاء هم الأفاعى التى يجب سحق رؤوسها، وبغير ذلك لن تقوم للعراق قائمة.


عاطف العزي