فاجأتني صديقة الطفولة ورفيقة درب الدراسة والزواج والأمومة بأنها (طلّقت) من زوجها، وأنها عادت من السفر مع أولادها لتجده قد (شحن) ملابسها الى منزل والدها وأرسل ورقة طلاقها عبر الفاكس، أما هي فكل ما عليها أن تتقبل الأمر الواقع وتتكيف معه بعد خمسة عشر سنة من الكفاح في بيت الزوجية..
مثلما لدينا زواج المسيار والفريند أصبح لدينا اليوم طلاق الفاكس وربما طلاق الاس ام اس والايميل، وهكذا بقرار يتخذه الزوج يستطيع نسف البيت وتشريد الأولاد والغدر بالزوجة ولا يحتاج حتى الى تبرير أو اعتذار لأن ذلك يدخل في سياق حقوقه الشرعية - مسكين أيها الشرع كم من الجرائم ترتكب باسمك!!
ولا أفهم اذا كان الزواج لا يتم الا برضا الزوجة، لماذا لا يشترط رضا الزوجة أيضا في حال قرار الزوج فسخ العقد واتخاذ قرار الطلاق؟ ولماذا يتم الطلاق قبل اتخاذ الاجراءات التي تحفظ للمرأة حقوقها المادية والمعنوية وكرامتها وتراعي مصلحة الأولاد؟ ولماذا لا تكون التسوية قبل وقوع الطلاق لا بعده؟ لحسن حظ صديقتي أن لها أب وأسرة مقتدرة تستطيع أن تساندها،لكن ماذا عن الحالات الأخرى التي ليس لها معيل الا الزوج؟
استسهال الطلاق أيضا دفع بعض مفتينا لاطلاق فتاوى لطلبتنا المبتعثين تسمح لهم بشيء اسمه زواج بنية الطلاق - رغم أن الشيخ محمد بن عثيمين حرم هذا النوع من الزواج -حيث يذهب الطالب الى الدراسة في الخارج ويتزوج من امرأة مبيتا النية بتطليقها قبل أن يعود وكل ذلك دون أن تدري وبعد أن تكون قد أنجبت ودفعت سنوات من عمرها لهذا الزوج الكاذب،،المضحك في الفتوى أنها تتصورأن الطلاق هناك مثلما هو هنا كلمة واحدة يقولها الرجل ويخرج من الزيجة بلا متاعب ولا وجع راس متجاهلين القوانين الكثيرة التي تلزم الزوج وتلاحقه في مثل هذه الحالات وتجعله يخسر الكثير لايفاء هذه الزوجة حقوقها.
سمعت أحد العلماء يعرف الفتوى بأنها (الاجابة عن الله) ولو أدرك كل مفت هذه الحقيقة ووضعها أمام عينيه لفكر كثيرا قبل أن يفتح فمه. الاعلامية هيفاء خالد أطلقت حملة بعنوان (الطلاق السعودي) لها موقع الكتروني بنفس الاسم، تسعى من خلاله الى تناول قضية الطلاق السعودي وحل الاشكالات الكثيرة فيه، وسن القوانين التي تنصف المرأة والأطفال.
ومن الآن حتى تؤتي هذه الحملة أكلها واجب كل أب سعودي أن يوعي ابنته العروس الجديدة، قبل أن تتزوج (بغياب) حقوقها وأن تدخل الزواج وهي مدركة لهذه الحقيقة حتى تعرف كيف تحمي نفسها وتؤمن مستقبلها وأن تعرف كيف تأخذ حقها بعضلاتها لا بالقوانين التي لن تحميها.
ريم الصالح
[email protected]
reemalsaleh.blogspot.com
التعليقات