تحية إلى إيلافنا الحبيبة فى ذكرى مولدها، وأتذكر فى عيد مولدها الثانى أو الثالث أننى كتبت مقالا عنونته quot;ما أنتquot; تحية لمنشىء إيلاف الأستاذ عثمان العمير. ذكرت فى ذلك المثال أن بطل أى وسيلة إعلامية هو منشئها والناشر الذى يتحمل وحده مسؤلية النجاح أو الفشل. فمن السهل أن تنشىء موقعا على الأنترنت، كان ذلك سهلا وقت ميلاد إيلاف والآن صار أكثر سهولة. أيضا تستطيع أن تستخدم أو تستقطب كثير من المحرربن والإعلاميين المحترفين الماهرين وتكتسب جماهيرية واسعة، ولكن أن تستطيع وبذكاء إعلامى باهر أن تستقطب قراءا وتنير عقولهم بدلا من تجرى وراء تصفيقهم وتهليلهم فهذا فى رأيى هو التميز والتفرد وهذا ما يستدعى الإعجاب والتحية.

ليس التميز والتفرد المقصودين هما أن فقط تتجاوز على المحرمات أو تستخدم ألفاظا وتوريات وصورا منحدرة القيمة الإخلاقية والأدبية. ولكنها أيضا ليست أن quot;تتقمقمquot;، أى تضع نفسك فى قمقم التابوهات والمحرمات والحساسيات سواء كانت دينية أو سياسية أو شخصية. بالطبع لكل وسيلة إعلامية خطها العام، فهذه منغلقة وهذه سلفية وتلك دينية أو تحريضية وأخريات لها أجندات خفية ذات أهداف بعيدة المدى ليس من السهل إدراكها وهذه الأخيرة أيضا قد تخطىء الهدف وتجنى عكس ما ظنت أنها زرعته! وفى مقابل كل ذلك هناك إعلام تنويرى ليبرالى له مشجعيه وقد quot;كانتquot; إيلاف القائدة والرائدة لذلك النوع من الإعلام.

الحقيقة يعز على نفسى جدا إستخدام فعل الماضى quot;كانتquot; لأن إيلاف فى الحقيقة والواقع لازالت إحدى الوسائل الإعلامية الرائدة فى مجال التنوير ونشر القيم الليبرالية ولكنها فقط لم تعد ال رائدة وال قائدة لذلك الخط الإعلامى. خط الإعلام التنويرى فى معناه ومبناه وروحه هو إحتوائه على عنصر الشك والتساؤل والبحث، وهذا يتعارض مع أى إحترام مطلق لمحرمات دينية أو إجتماعية أو سياسية بالطبع. كنا فى إيلاف نقرأ للأستاذ العزيز سيد القمنى وللأستاذ الدكتور طارق حجى وفيهان كرياكوس وسعد الله خليل وحتى الأستاذ خضير طاهرقد إختفت كتاباته!؟

أتسائل كيف لسياسة نشر وسيلة إعلامية متحررة وتنويرية أن تمنع مناقشة أو التعرض للمعتقدات أو ما أطلقت عليه إيلاف quot;مقدساتquot;؟ ما هى هذه المقدسات؟ هل ما تؤمن به الفئة الضالة فى بلاد الإسلام من السعودية حتى الجزائر ومن طالبان باكستان حتى حوثيى اليمن مقدسات كما يعتقدون؟ من الذى سيحدد ماهى مقدسات وماهى ليست كذلك؟ وهل من ضمن quot;عدم الإساءة للأشخاصquot; أن يمتنع نقد رجال السلطة فى بلاد العرب؟

لقد ذكر لى يوما أحد مسؤلى تحرير إيلاف أنه لا توجد وسيلة إعلامية حرة تماما. أحترم صراحته ورأيه كثيرا فما قال سوى ما هو حق، ولكن هل نطمع من إيلاف أن توسع لنا سقف الحرية قليلا حتى نستطيع أن نناقش بدون سيف محرمات مسلط على أقلامنا؟ نتمنى ذلك.

عادل حزين

نيويورك