في شتاء عام 2000، كنت والزميل عثمان العمير وصديق آخر نحتسي القهوة في بهو فندق "لندني"، وفجأة بدأ "العراب عثمان" يتحدث عن مستقبل صناعة الصحف على الشبكة العنكبوتية ودورها المتعاظم في المقبل من الأيام. كان آنذاك استخدام الإنترنت في العالم العربي لا يتجاوز حدود التراسل الإلكتروني والدردشة والبحث في مواقع أجنبية، كمادة "دسمة" كأحد إفرازات العولمة والنظام العالمي الجديد. كنت لحظتها أتوقع من الحديث "العثماني" ان الأمر مجرد "ثرثرة" موقتة ستطير عندما نقلع من المكان. فجأة نظرت إلى عثمان وقلت ماذا تريد؟ قال: أريد صحيفة مستقلة تصبح أداة إعلامية رائدة في تقديم الخبر والمعلومة، من دون حرج وبلا اية حساسيات. اريد صحيفة للجميع لا تنتمي إلى تيار، ولا تعبّر عن حزب، ولا تقف مع دولة ضد أخرى، تكون نافذة وبوابة عربية إلى العالم.
عندها عرفت مدى إصرار المتحدث على تنفيذ مشروعه لمعانقة الفضاء الإلكتروني ونسيان زمن الأحبار، وما ان مرت فترة وجيزة حتى "لجلجت" أصداء "إيلاف" سعودياً وخليجياً وعربياً، واكتشفت أن العمير وفيٌّ لأفكاره وطموحاته كما هو وفيّ لصداقاته وعلاقاته.
تمكنت "إيلاف" وهي اليوم تبلغ عامها السابع أن تكون واحدة من أهم الصحف الإلكترونية العربية التي تزود القارئ بالخبر والتقرير المستقل، ومنافساً عتيداً لوكالات الأنباء كمصدر للمعلومة والصورة.
أضاءت "إيلاف" خلال مسيرتها وتجربتها الصحافية كثيراً من الظلمات في طريق الصحافة الإلكترونية، واستطاعت أن تزود أهل الضاد بكثير من التحقيقات عن القضايا التي يتطلعون إلى قراءتها. سجلت "إيلاف" حضوراً مميزاً في الوسط الصحافي خلال السنوات الماضية من خلال تقديم الكثير من المبادرات والمنجزات في مجال الصحافة الإلكترونية.
ركبت الصعاب وتطرقت لقضايا وقرارات عربية "شائكة"، مانحة الرأي والرأي الآخر بأسلوب مهني وتناول احترافي، بعيداً عن الابتذال الذي يمارس في بعض المواقع الإلكترونية.
"إيلاف" تجربة رائدة في مجالها، استطاعت أن تواكب ثورة التكنولوجيا وتؤسس للصحافة الإلكترونية الملتزمة بمعايير الصحافة الورقية، إذ اعتمدت على الرسالة الصحافية المحترفة عبر توظيف كوادر تحريرية متمرسة، واعتماد أسلوب مهني يلتزم بالبحث عن المعلومة الجديدة والصورة المعبّرة.
عثمان العمير صحافي "صميدع" لا يكل ولا يمل من العمل ولا يترفع عن السؤال لمعرفة أي تجربة جديدة في أتون المهنة، على رغم انه مدجج بأسلحة الخبرة والتجربة. أتاحت لي معرفته أن أتعرف على طموحاته وشخصيته المهنية عن قرب، لذلك كنت دائماً أراهن على أن "إيلاف" التي يقودها قادرة على تجاوز العواصف التي تعتريها، وتغيير المفاهيم السالبة التي ارتبطت بالشبكة العنكبوتية.
وهاهي "إيلاف" بعد سبع سنوات سمان تقدم نموذجاً مميزاً للصحافة الإلكترونية بحضورها وخدماتها المتعددة التي لا تضل عنها الأعين الثاقبة. هنيئاً للصديق العمير والزملاء الصحافيين والمحررين المسؤولين في "إيلاف" على النجاحات الكبيرة التي تحققت والتي ستتحقق. هنيئاً للقارئ بصحيفة إلكترونية تشكل حضوراً رائعاً للصحافة الإلكترونية.

جميل الذيابي المدير العام للتحرير في صحيفة "الحياة" في السعودية والخليج (2009).