محمد عبد العزيز من القاهرة:أقيم يوم الأربعاء الماضي بنقابة الصحفيين بالقاهرة الصالون الشهري الذي ينظمه الكاتب بهاء طاهر (صالون محمد عودة) والذي يقام في مسرح النقابة شهريا، وقد عرض في ذلك اليوم فيلم (المخدوعون) والذي أخرجه توفيق صالح عام 1971 وقد كتب السيناريو له أيضا، وهو مأخوذ عن رواية (رجال تحت الشمس) التي كتبها الفلسطيني غسان كنفاني وهو أحد أعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والذي اغتيل من قبل الموساد الإسرائيلي، فيلم المخدوعون من بطولة محمد خير حلواني وعبد الرحمن آل راشي وبسام لطفي أسعد، وتدور أحداثه في البصرة عام 1958 في البصرة بالعراق حين يقرر ثلاثة فلسطينيين الهرب إلى الكويت من أجل البحث عن فرصة عيش أفضل، ولذلك فهم يوافقون على الاختباء داخل فنطاس عربة نقل مياه الذي ينتقل بهم عبر الصحراء في فترة الظهيرة في الصيف وعند مبنى الجمرك يقوم الكويتيون بتعطيل السائق من أجل ممازحته فيموت الثلاثة داخل الفنطاس للحر الشديد فيلقيهم السائق في كومة قمامة مر بها.

توفيق صالح
الفيلم من إنتاج مؤسسة السينما السورية، وقد كشف المخرج في الندوة التي تلت عرض الفيلم أن الرقابة في مصر رفضت إنتاج الفيلم أو تمريره، ولكن بعد وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وبعد أحداث أيلول الأسود غضب كثيرا وقام بتعديل السيناريو وعرضه على المؤسسة السورية والتي وافقت على إنتاجه، وأكد أنه لم يستعن بأي ممثل مصري في الفيلم لأنه لا يحب المماطلة والدلع الذي يعمل به الممثلون المصريون، كما أن الأدوار الموجودة في الفيلم كلها لعرب وفلسطينيين ولذلك لم يرد أن يستعين بممثلين مصريين، مضيفا أن الفن السينمائي في مصر متخلف وسيظل متخلف، مؤكدا أنه سعى كثيرا من أجل العودة إلى الإخراج ولكن لم يمنحه أحد الفرصة لأنهم يريدون من السينما الترفيه وليس تحريك المشاعر وكشف الواقع.
وقد أكد توفيق صالح أن غسان كنفاني شاهد الفيلم قبل اغتياله بل إنه قد حجزه لمدة أسبوع من أجل أن يعرضه لأصدقائه وزملائه من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وذلك في بيروت، وأن الفيلم عرض عرضا عاما بعد استشهاده.
وأكد توفيق صالح أنه عانى كثيرا أثناء تصوير الفيلم لأن كل فريق العمل الذي كان يعمل معه يشارك لأول مرة في فيلم سينمائي بداية من مدير التصوير إلى أصغر فني في الفريق، وبالرغم من ذلك فإن حبهم للعمل هو ما دفعهم لإخراج الفيلم بالصورة التي حصل معها على العديد من الجوائز من مهرجانات عالمية (ستراسبورج، قرطاج، روسيا، بلجيكا، وغيرهم) مؤكدا أن مؤسسة السينما التي أنتجت الفيلم لم توافق في البداية على عرضه وكتبت تقرير أنه دون المستوى المطلوب، ولكن بعد حصول الفيلم على جوائز عالمية أسرعوا بعرضه، ولكنه منع في الأردن لأسباب سياسية، وكاد أن يمنع في الكويت أيضا ولكنه عرض، وقد أعتبر الفيلم من أهم 100 فيلم سياسي في العالم من قبل بعض المراجع السينمائية.
أكد توفيق صالح في النهاية أن الفيلم هو مجرد محاولة لإيقاظ الشعب العربي من غفلته، وأن الهروب من المشاكل لا يحلها ولكنه يزيدها، بل وقد يؤدي إلى هلاكنا وإلقائنا في مزبلة التاريخ.