إبراهيم قعدوني من قطر: عادل محمود يفوز بجائزة دبي الثقافية للإبداع ndash; عن روايته: (إلى الأبد... ويوم).
إنَّ اسم عادل محمود ليس اسماً طارئاً على المشهد الثقافي والإبداعي، سوريّاً على الأقل، حيث تنتمي تجربته إلى تجارب جيل السبعينات في سوريا والتي امتازت بحضور النص quot;الجديدquot; الذي تخلَّى عن السائد بتجاهله الثيمات التقليدية للنص الشعري المستقر في الذهن آنذاك، فقد تخلت القصيدة عن الغنائية وهجرت الأشكال والإيديولوجيات واتجهت نحو الداخل بصوت خافت يستعير لغته من قاموس مختلف ومفارق بعيداً عن الصوت العالي.
الأسماء كثيرة في تلك الحقبة، لكنني أتوقف عند عادل محمود، ليس كشاعر ولكن كروائي مفاجئ ومباغت هذه المرة فقد أثبت عادل محمود وعبر لون آخر للكتابة أنَّ الشعراء يقولون ما يفعلون ويفعلون ما يقولون.
لقد بدا الأمر أشبه بإحدى الفكاهات التي يتبادلها عادل مع الأصدقاء مشيعاً بهجةً لا تكتمل سوى بحضوره الطريّ والمبتسم دوماً حين بدأ يخبرنا عن(معسكر الكتابة) الذي دخله لكتابة رواية في عشرين يوماً، محطماً رقماً قياسياً لم يطرقه أحد من قبله حسب ما أعلم، كان مشغولاً بحشو غليونه بينما أخذ يتحدث عن طقوس كتابة الرواية، كنّا جميعاً في ملتقى النحت العالمي في مدينة مشتى الحلو، عادل محمود، منذر مصري، خلف علي الخلف، سمر يزبك، خالد خليفة وآخرون جلسنا نصغي إلى عادل متحدثاً عن روايته بشغف، لقد دفعته كتابه هذه الرواية إلى أن يهجر دمشق حيث يقطن، ليستقر في بلدة صلنفة(مصيف ساحلي ndash; جبلي) وعلى مقربة من مسقط رأسه حيث بإمكانه أن يتفرغ للكتابة بعد أن استولى على شقة لأبناء أخيه على ما أذكر، طالباً منهم المغادرة إيذاناً بدخوله كيوننة الكتابة الكبرى!.
يستيقظ عادل محمود، يرتدي ثيابه ويرتب شعره الأبيض والفريد جداُ، يفتح الأزرار العلوية، الأول والثاني للقميص ليكشف عن سلسال ذهبي في عنقه، ربما يضع بعض البارافان أيضا، يفعل كل ذلك... ثم يجلس إلى طاولة الكتابة! هكذا أخبرنا عادل بينما كنا نحتسي بيرة الشرق المنعشة في مطعم quot; تشرنوبل quot; كما يسمِّيه عادل محمود وخالد خليفة، وهو مكان جميل يسمح للمرء بأن يغسل وجهه بغيمة عابرة.
عشرون يوماً هي المدة التي قضاها عادل محمود بين صيد الخنازير البرية في أحراش صلنفة حيث المؤتمرات الليلية لذئابٍ يألفها عادل بلا شك، وبين تجواله في سياراته laquo; الداسيا raquo; الحمراء والروائية بامتياز، على عكس سيارتي منذر مصري laquo; الفولكس فاجن raquo; وlaquo; بيجو raquo; خالد خليفة الحديثتين، فقد بدت سيارة عادل أشبه ببيت قديم ومليء بالذكريات، كانت تأتي في المؤخرة دوماً، أمَّا الرواية(إلى الأبد... ويوم) فقد جاءت أولاًَّ في جائزة دبي الثقافية للإبداع ndash; الدورة الخامسة، حيث ودون تخطيط مسبق وقبل انتهاء فترة تقديم الأعمال بيومين أرسل مخطوطه إلى هناك عبر البريد السريع بعد أن تفرَّغ لما تبقى من الصيف ولاستقبال ضيوف الداخل السوري، الذين إن نسوا هواء صلنفة فإنهم غير قادرين على نسيان المودَّات التي زرعها عادل على جانبي الطريق التي تؤدي إلى اسمه.
عادل محمود من مواليد قرية laquo;عين البومraquo; صلنفة ndash; اللاذقية عام 1946، يعمل في الصحافة منذ ثلاثين سنة، وكان سكرتير تحرير لمجلة لوتس التي توقفت عن الصدور. من دواوينه: laquo;قمصان زرقاء للجثث الفاخرةraquo;، laquo;صنعناه من حجرraquo;، laquo;مسودات عن العالمraquo;، laquo;استعارة مكان raquo; وlaquo; انتبه إلى ربما raquo; كما سبق له أن أصدر مجموعة قصص بعنوان laquo;القبائلraquo;.

شاعر سوري مقيم في قطر
[email protected]