في افتتاحها لمؤتمر حوار الشعوب والثقافات بمكتبة الإسكندرية:
سوزان مبارك تؤكد على وجود تحديات ينبغي مواجهتها لتعزيز حوار الحضارات
محمد الحمامصي: افتتحت السيدة سوزان مبارك رئيس حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة من أجل السلام اليوم السبت مؤتمر quot;حوار الشعوب والثقافات في المنطقة الأورومتوسطية والخليجquot;، والذي ينظمه معهد دراسات السلامالتابع للحركة بمكتبة الإسكندرية في الفترة من 19إلى 21 يناير الجاري.وقالت في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر : إننا نلتقي اليوم حول قضية هامة وغاية سامية في حلقة جديدة من حلقات العمل الثقافي حول حوار الشعوب والثقافات، آمل أن تخطو بنا إلى الأمام على الطريق الذي بدأناه في باريس عام 2006، وأخذنا إلى إشبيلية العام الماضي، ويأتي بنا اليوم إلى الإسكندرية.وأضافت أن هذا المؤتمر الثالث جاء ليعطي زخما جديدا للمناقشات حول تلك القضية، وليعطي دفعة جديدة للمبادرة التي شاركت مصر وفرنسا وإسبانيا في إطلاقها على جانبي المتوسط، إسهاما في تعزيز حوار الشعوب والثقافات وتطلعا لعام أكثر سلاما وأمنا وعدلا واستقرارا.
وأشارت أن هذا يعد فرصة لمراجعة ما تحقق في المؤتمرين السابقين بباريس وإشبيلية، ولتبادل الآراء والخبرات والدروس المستفادة، بالإضافة إلى خطة عمل توضح معالم تحركنا المقبل لتعزيز الحوار في المنطقة الأورومتوسطية والخليج، بما يجمعهما من روابط التاريخ والجوار والتفاعل الحضاري والمصالح والتحديات المشتركة.
وأكدت : أننا قد خطونا إلى قرن جديد وألفية جديدة متطلعين لعالم يرسي أسس الحوار والتفاهم والتعايش بين شعوبه ودوله، ويحترم حقوق الفرد والجماعة في أسرة دولية مترابطة تحقق الآمال والأحلام التي طالما عبرت عنها البشرية في أدبياتها وأشعارها وتراثها، في مواجهة طروحات ونظريات تتحدث عن نهاية العالم وصدام الحضارات.
ونوهت إلى أنه يجب الاعتراف بأن ما حققته الجهود والمبادرات العديدة التي أطلقتها الأمم المتحدة واليونسكو وغيرها، حول الحوار بين الثقافات والحضارات، لم تصل بعد لمستوى التوقعات، لافتة إلى أن هناك شوطا آخر لا يزال علينا إكماله، إذ أن هناك العديد من التحديات التي ينبغي مواجهتها لتعزيز الحوار.
وقالت السيدة سوزان مبارك إنه يجب توفير المناخ المواتي لدفع الحوار بين الشعوب والثقافات إلى الأمام على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، كما أن الجهود يجب أن تتواصل لتأكيد احترام التنوع الثقافي والتعددية الثقافية في مواجهة تحدي العولمة، مشيرة إلى أنه يجب أن تقترن الأقوال في هذا الإطار بالأفعال من أجل حوار جاد يقوم على التكافؤ والاحترام المتبادل.
وشددت على أن الحوار بين المنطقة العربية وأوروبا يمثل ركنا هاما من أركان حوار الشعوب والثقافات في منظوره الأعم والأشمل على مستوى العالم، لافتة إلى أنه بالرغم من تطلع شعوب المنطقتين لعلاقات صداقة وتعاون تتأسس على الاقتناع بالاعتماد المتبادل والمصالح المشتركة، فإن تعزيز الحوار على جانبي المتوسط لا يزال يواجه عددا من التحديات في مقدمتها إشكالية العلاقة بين الإسلام والغرب والانطباعات المسبقة والتعميمات الخاطئة على كلا الجانبين، فضلا عن تأخر التوصللتسويات عادلة لقضايا الشرق الأوسط.
إن الحوار المطلوب ليس مجرد اجتماعات تنعقد وتنفض، وإنما هو حوار مستمر ومتصل يقتضي نشر الوعي بضرورته، كما أنه يجب الخروج بهذا الحوار من وراء القاعات المغلقة إلى الأجيال الجديدة من النشء والشباب، لتصبح ثقافة السلام جزءا أصيلا من تكوينهم المعرفي.
و في ختام كلمتها دعت السيدة سوزان مبارك إلى اتخاذ خطوات تتوجه برسالة السلام والتسامح للنشء والشباب في المنطقة الأورومتوسطية والخليج، بالإضافة إلى بلورة برامج محددة في هذا الإطار، ومنها إقامة جامعة أورومتوسطية مفتوحة على غرار برنامج Erasmus Mundus في أوروبا، وبرنامج Tempus في سياق عملية برشلونة، بما يؤدي لتعزيز التعاون العلمي والتعليمي بين جامعات المنطقتين العربية والأوروبية، إلى جانب إنشاء برامج لتبادل المنح الدراسية والتدريبية، وأخرى لترجمة الأعمال الفكرية والأدبية الداعمة لثقافة السلام لكبار الكتاب على جانبي المتوسط، وإتاحتها من خلال مكتبة رقمية أورومتوسطية يمكن أن تستضيفها مكتبة الإسكندرية بما لديها من إمكانيات كبيرة في تكنولوجيا المعلومات.
ومن جانبه، أكد سمو الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي أننا بحاجة إلى تعدي التسطيح للحتمية الثقافية، منوها إلى أن هناك حاجة الآن لإثارة المزيد من الاهتمام بقضية الحوار بين الشعوب والثقافات وعمل فيلم في هذا الإطار يروج لتلك القضية الهامة، مماثل لما قام به نائب الرئيس الأمريكي آل جور فيما يتعلق بالاحتباس الحراري.
وشدد الأمير طلال على أن هناك العديد من القضايا الهامة التي تواجه العالم الآن أكثر من تلك المتعلقة بالاحتباس الحراري، فما يواجهه العراق وفلسطين من مآس يمكن أن يؤثر بصورة كبيرة على مسار الحوار بين الحضارات وأن يزيد من حدة الاحتقان والتطرف.
وأضاف أن العلاقات بين أوروبا وجيرانها محل تساؤل كبير، فالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ترى على سبيل المثال أن دول الشمال الأفريقي المطلة على البحر المتوسط تهدد أوروبا نظرا للاضطرابات التي يمكن أن تحدث بها نتيجة الهجرة، في الوقت الذي يرى فيه آخرون أن دول البحر المتوسط تعد بمثابة نقطة التقاء حضاري وثقافي، مشيرا إلى أن ما يتطلع إليه العالم العربي هو الشراكة والتعاون مع أوروبا.
وألمح الأمير الحسن بن طلال إلى أن الغرب حينما يتحدث عن أوضاع حقوق الإنسان، فإنه يتناسى الانتهاكات التي تحدث في الغرب، لافتا إلى أن العالم العربي لا يحتاج إلى محاضرات في هذا الإطار، وإنما عمل مشترك لتغيير الوقائع على الأرض.وأعرب عن أمله في أن يتناول مؤتمر quot;حوار الشعوب والثقافات في المنطقة الأورومتوسطية والخليجquot; موضوع المواطنة، قائلا : إن الوقت قد حان للإعلان عن ميثاق للمواطنة، بحيث تشترك الشعوب ذاتها في صياغة هذا الميثاق.
وفي سياق متصل، قال فريدريكو مايور رئيسمؤسسة ثقافة السلام في إسبانيا :إن مشاركة النساء في دعم ثقافة السلام والحوار بين الحضارات هام للغاية، إذ إنني أتذكر أننا كنا نتساءل عن كيفية تغيير ثقافة الصراع إلى الفهم المشترك في ظل عالم 5 % فقط من صناع القرار فيه من النساء، بينما يهيمن الرجال على باقي النسبةquot;.
وأضاف أن الالتزام الحقيقي الواجب اتخاذه هو تجاه جيل المستقبل الذي سينهض بعبء المسئولية، منوها إلى أنه عند الحديث عن الحوار فإنه يجب بداية الاستماع للآخرين وأن يكون هناك احترام متبادل بين الجميع.
وانتقد مايور من يتحدث عن أوضاع حقوق الإنسان في الوقت الذي يعاني فيه الملايين من الجوع والمرض، بالإضافة إلى حجم الأموال التي تصرف يوميا على التسليح والتي تقدر بثلاثة مليارات دولار، مشيرا إلى أن الدول التي تحتل بلادا أخرى دون مراعاة مواثيق الأمم المتحدة، لا يحق لها أن تتحدث عن هكذا أخلاقيات.
ولفت رئيس مؤسسة ثقافة السلام في إسبانيا الأنظار إلى أن الفقرة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة ركزت على أن مشاكل الشعوب تحل بواسطة الشعوب وليس الحكومات أو الأنظمة، مؤكدا على أن الجميع يجب أن يدرك أنهم قادرون على المشاركة في عملية التغيير، حتى وإن ظن البعض أن مساهمته يمكن أن تكون محدودة.
وأنهى السيد فريدريكو مايور كلمته بالتأكيد على أن التنوع الثقافي والإنساني هو مبتغى الجميع، كما أنه لخلق حوار جيد بين الشعوب والثقافات فإنه على الجميع الاستماع لبعضهم البعض في جو من الاحترام المتبادل.
وفي ختام الجلسة الافتتاحية، ألقى السيد لوتشيو جواراتو مدير مؤسسة الأنا ليند الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات كلمة قصيرة أعرب فيها عن أمله في تعزيز الحوار بين الشعوب والثقافات على جانبي المتوسط.
جدير بالذكر أن العديد من الشخصيات البارزة تشارك في مؤتمر quot;حوار الشعوب والثقافات في المنطقة الأورومتوسطية والخليجquot;، منهم: سمو الأمير الحسن بن طلال منسق منظمة المؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام ورئيس منتدى الفكر العربي، والسيد عبد الرحمن بن حمد العطية أمين عام مجلس التعاون الخليجي، والسيد فريدريكو مايور رئيس مؤسسة ثقافة السلام في إسبانيا والمدير العام السابق لمنظمة اليونسكو، والسيد خورخي سامبايو المندوب السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات، والسيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية، ووزراء من اليونان وسلوفينيا، التي ترأس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، وفرنسا.
وقد وقع الاختيار على معهد دراسات السلام لاستضافة النسخة الثالثة لمؤتمر حوار الشعوب والثقافات، والذي عقدت النسخة الأولى منه في باريس في سبتمبر 2006 برئاسة الرئيس جاك شيراك والسيدة سوزان مبارك، بينما عقدت النسخة الثانية بمدينة إشبيلية في إسبانيا في يونيو 2007، تقديراً للدور الذي تقوم به السيدة سوزان مبارك رئيس مجلس أمناء المعهد في العمل على نشر ثقافة السلام وإنشاء أول حركة في منطقة الشرق الأوسط تعزز دور المرأة في السلام.
التعليقات