لن أندم لأنّي أحبّك
طالما العصفور يواسيني
عند السلّم الغامق ثمّ البارق
والسلّم يعزّيني
عند المطر الخافت والنّافع
والحبّ يعزّيني
عندك وعند الغرباء والشبّابيك
والحارة الغريبة التي
على جناح العصفور الغائب
في الحارات الغائبة.
قولي لي إنّ البئر التي
لقيني الحبّ فيها هي بئر ارتوازية
وأمامها يقف كلب لا نهائيّ
وخلفها يجري نهر وفيها
بئر أخرى غيرالبئر التي أنا فيها
أمّا حبّي لك
فإنّه ليس بئرا على الأقلّ.
لكي لا أقع في طريق المجرّدات
اغمضي عينيك واتبعيني
هذا هو يوم السّبت ويتبعه يوم الأحد
وحبّي لك كان في يوم السّبت
وفي يوم الجمعة قبل الأحد
وسوق الخضراوات والطّريق
على الجسر وكرسيّ وحمّال
الأربعاء الخميس السبت واليوم
الذي ليس من الأسبوع.
بتتالٍ الفتيات القرويّات
يلبسن السّهول والمروج
والتّلال التي اختفت خلف فصل الشّتاء
وأتيت بقرب الفتيات القرويّات
كنت أيضا تحت الشّتاء بوابل غزير
من المشي.
وتعبي الذي أخذني إلى هذه الأزقّة
وإلى أزقّة أخرى لم تكن موجودة
بين التّلال وأخواتها.
سأندم
لأنّني أحبّك
كما قبل عشرين وثلاثين ومائة عام
من الآن وأنّني صعدت السلّم البارق
الذي برق تحت يد المطر البارق
ورأيت فيه خدّك وابتسمتِ
خلف السّنين والسلّم
وقلت أعطيك ما لم أعطه لغيرك
النّدم والأعوام المائة والسّلالم العشرين
والأمطار الثّلاثين.
ولنقل أمينة في القامشلي
وأنا على تلّ شرمولا
الخيط الذي يربطنا هو قرية منسيّة
في شبّاك ضائع في بيت من الغبار
وعلى الجانب الآخر صديق لي
ذكّرني أنّني على تلّ شرمولا
وبيننا مدينتان وعصفوران
ونصف رغيف طازج
وربّما إجاصة خضراء
وحامضة جدّا.
لي أشيائي الخصوصيّة
قريّة نجّارة ودرج حجري أحمله تحت قميصي
وعفريت
وجدار يقفز فوقه العفريت وينظر
إلى أمينة وإلى سينما عامودا المحترقة.
كلّما مشيت خطوتين
أعثر على درج إضافيّ
وبلبل على الدّرج
وعلى السلّم الخشبي المرتفع إلى النّجوم
نجمة بعد نجمة أترك حبيباتي
على طاولات النّاس
والنّاس على السّلالم من دهشة
السّلالم والبلبل الذي هو أيضا
سلّم.
شمس للعشّاق الذين يتمدّدون
تحت ذكريات عواطفهم على تلال موزا
بعد المطر المشرئب إلى روح العنكبوت والحرمل
شمس التصقت بجيب قميصي الذي
كان يريد أن أضع فيه بعض الأصدقاء القدامى
وربّما أيضا حجلة ولقلقة وجرّارة معطّلة
خذوا شمسكم من جيبي أيّها الأصدقاء الحقيقيّون
وفائدتها حجلة ولقلقة وحصّادة.
عامودا تأكل من يدي حبّة السنبلة التي أتيت بها من عامودا
والقامشلي تأكل من يد عامودا حبّة الوردة التي أتيت بها من القامشلي
أو من عامودا وبينهما
بين حبّة السّنبلة وحبّة الوردة التي في الشّارع
غير مرميّة
على أسطح الجيران
على أسطح لجيران.
السلّم صعده قمر
قمر يرحل على السّلالم كلّ مساء
وصعد إلى سطح البيت
ماذا ترى من وراء الجدار
وماذا تفكّر في مربيات الجيران.
كسّر المزهريّة من الفضّة الدمشقيّة
يا أخي السنور الذي جاء للتوّ
من على السّلالم الخشبيّة
ليلعب الشّطرنج مع عاطفتي
بحلول المطر
درج بدل السلّم من الاسمنت
لا مانع من لعب الورق
يا مزهريّة الذّهب والفضّة والنّحاس
أيّها السنور النحاسيّ.
سيحلّ المطر
كي تركض السّنابل على يدي
فوق الوادي وتحته وبرعم نسي
أنّنا زرعناه فركض
واصطدم بالديوانة والكرسيّ النّاعم
والبلبل الذي على القمر.
لا يد لنا في أنّ هذا النّهر
لنفسه خلف المسلخ وبين طيّات النّساء
يزرن المقبرة
لا يد لنا في حبّنا الذي أطلقنا أحرارا
نجري ونقف بين عشبة وأختها
وبين عاطفة بعد المطر وأخرى أثناء الحرارة
يا لنا من أحرار.
أيّ بلبل صعد على القمر
وأنا فتحت النّافذة ليهرب
وأيّ بلبل آخر كان بين يدينا
فأطلقناه وذهبنا إلى عشّه
الذي في المنفى
جزيرة تحت خيط هو نهر
وقفل مطلق على الطّاولة
لفتح الحرارة والدفء
أخيرا نحن أحرار في يدينا.
آخ
ماذا أجيء من الرّبيع
المطلق على سنّه بين الوديان
غصين رفيع هو الذي على فمك الجميل
الأحمر الغامق بين الوديان
وبين التّلال والتلال الأخرى
في الرّبيع القادم لشفتيك.
حين أحمل السلّم بأصبعي الوحيدة التي
بقيت من حبّي الذي بأربعين خشبة وخشبة
وقف عليها البلبل وغنّى لي يوما كاملا بدون انقطاع
أغنية عن السلّم وعن البلبل الإضافيّ على الوردة الغجريّة
وشعر الغجريّة وابن الغجريّة تحت الصّفصاف يصطاد
البلبل الذي هو أخو البلبل على السلّم الذي على يدي.
أضرب الوردة برحيقها الارجوانيّ المتصاعد
في أواخر الشتاء من يدي الشّاعرة جدّا
الآن اكتشفت هذا الحوش الذي منه الحوش الذي جئته
للعشق وحبل الغسيل وحبل المصابيح
وشبابيك الأعراس
والكهول جميعا الذين على الحبال
نعست الوردة التي ضربتها برحيقها وتزوّج النّاس
وولدت المصابيح بعد المصابيح
بين الوحل وحبال الغسيل على السّطوح.
بلبل الحارة المجنون بداء الفليلفة
أكلتُ عبّاد الشّمس
والرّيحانة غلطا وصدفة
وتطاولت لأنظر خلف السياج
الذي خلفه أمينة ثانية بيضاء
نزلت وصفراء وعسليّة مثل أمينة الأولى
في صفّ الصّيف
بين الثّامن والتّاسع.
آه
خذي قلبي معك في الباص الذي تركبينه
صباحا ورشّيه على الفتيات المحمرات الشّفاه
من رائحة البرد من شبّاك الباص المكسور ومن الشّباك المفتوح
حتّى أسفله مثل حبّنا الذي فتحته في كلّ الجهات
كمعركة بين الباص والرّيح القاسية التي ضربت
خدّيك طوال عامين وأنا كنت نائما في سريري
مثل مدحلة على السّطوح.
خذي قلبي
وضعيه تحت المدحلة الأقيانوسيّة للباص الكسول.
ضعي يدك على الهواء
وفستانك على الماء وشفتيك على قميصي
وقلبك على شفتيك وسأقبّل قميصي
على شفتيك قبلا باردة تصبح حمراء
بعد ثانية ثمّ تجدين
فستانك على التّلال والسّلالم
وتحت السّلالم والمظّلات والعيون والمكاحل
تنقنق كعادتها عن أسرارنا للجيران والغرباء.
كرة اسفنجيّة يلعب بها الهواء
على الأشجار والنّجوم تراقب من فوق السلّم
وشيطان صغير أسود يفكّر في الألغاز التي أخترعها له
للتسلية.
أفضل للأقزام ألاّ تفكّر في سلّمنا
وبيتنا وكرتنا الاسفنجيّة تحت الأشجار
بغصنين مكسورين من الضربة.
صدت العصفور في اللّيلة قبل هذه اللّيلة
وأعطيته ثدي أمينة الأيمن أمّا الأيسر فتقاسمته
مع السنونو الذي نام نوما طويلا
طوال اثنتي عشرة سنة نام السّنونو من مدينة
الدّرباسيّة وبعضهم قال إنّه كان من عامودا
وآخرون إنّه من المقبرة والمسلخ وآخرون
إنّه لم يكن السّنونو المعتبر الأسود
بل الأبيض وهو ثمن ثدي أمينة الأبيض الأيمن.
أكلت الثّمن دون اعتبار للدائنين.
سيحلّ المطر ذات صباح
وننسى أنّنا كتبنا على الشبّاك
بأصابعنا قصيدة عن الوردة
والمدرسة والدّرب
وسيحلّ المطر على نفسه
وكتابته بطبشور الماء الغزير
الذي يفيض على المطر والغيم
والوردة على الوجنات
أصفر أصفر غاب القمر
خلف الأغصان والسنونو
هذر وهذر وخرف وخرف
بما لا يعرف.
السلّم أحبّنا وصعد على جدار بيتنا
إلى نجوم بيتكم وبين البيتين التقى
بالوحل والنّاس يطيّنون الشّوارع بدل البيوت
توقّف النّاس بين العصافير والخريف والرّبيع
وتوقّف الباص بعد الفرامل المفاجئة
بين حدور مطر عامودا في الصّباح وبعد ساعة
هنا فكّرت ثانية في الفوضى
التي أكتبها منذ أن صعدت السلّم
وأحببتك بضجيج لا يقاوم.
فكّرت أن أكسّر رأس عصفور
وأقدّمه لك على طبق من العاج
ليصيبك ما أصابني منه.
البلبل يقف عند رأس ثديك
وأنا عند رأس الجسر
والسلّم يصفّر قبل الرّيح
والعاصفة التي في حبّنا
خذيها
خذيها
هكذا على أوج الجسر والبلبل
والأصفرالصّافر فينا.
سأندم
لكي لا أكتب الشّعر إلاّ على جدارك
ولا أشرب الماء إلاّ وأنت تنظرين إليّ
ولا أذبح السلّم إلاّ على سطحك
ولا أقشعرّ
ولا أحب
ولا أندم
ولا أضطرب
كيف لا أضطرب وأنا لا أحبّك
إلاّ خلاف كلّ هذا.
لكي لا أكتب الشّعر
وأمشي في طريقي
مثل جرادة وكيس طائر بعد أيّام العيد
وأنت بفستانك
ولا تعرفين
أنا كيس
ها أنذا أقول
أنا كيس من الأشواق
والسّكاكر على الشّارع
ضاع من الأولاد ويد الأعياد.
قصيدة البلبل والقمر
قمر على قمر على قمرين
فستانك على قمر
على قمرين
قمر على السلّم وآخر على فستانك
أنت بيني
وبين القمرين
فستانك!
فستانك !
أين أنت
أين القمران
أنا على السلّم وقلبي على السلّم بينهما
بين القمرين
أين السلّم الذي على قلبي
أين السلاّمان
قمر على قمرين بين القمرين ووراء القمرين
على السلّمين
سلّم بيننا بين السّلمين
بلبل غنّى في ثوبك على القمرين
بلبل بين البلبلين
قمر على السّلم الذي بين البلبلين
غنّى البلبلان للسلّمين وللقمرين
ثوبك
ثوبك على السلّمين
قمر أخو السلّم الذي غنّى والذي غنّى
من البلبلين بين القمرين
هو أخي البلبل
بينك وبين القمرين
بين البلبلين وثوبك والقمرين
أين القمران
أين القمران.
التعليقات