حصار
- اقتصد في مَنْيكَ إنه مستوردْ
- الحصارُ ليس كمثله شيء
- حتى النملة في بيتها لم تخرج هذا الصيف
- أمي محاصرة في المطبخ حتى يتبين للجيش صدق نواياها
- ليست هيلين في غرفتي فيما وقوف اغاممنون على الباب دوماً؟
- أخي مات قبل الحصار..................... وبعد الحصار
- لا أحد يضحك؛ إنه حصارٌ ما بعد حداثي
- أنا والشعرُ نسهرُ الآن: أنا والشعر حمقاوان
- الهاتف الجوال يحمل: جيتارته، تصريح العبور، حقيبته، فرشاة
أسنانه وشفرة الحلاقة، ويقفز من السرير إلى المكتب عابراً كل
المواني التي بينهما
-حصارٌ بكر لم يفضه أحد... هذا الحصار
Nice to meet you
أعرفكَ بنفسي، ملاحٌ عجوز لقاربٍ وحيد يصارع موج اليابسة. عمري 26 عاماً أرتدي نظارات طبية، أذهب إلى المرحاض، يأسرني اللون البني، والصباح الباكر، والبلاك فورست، والنيسكافيه المعد جيداً.
خالي من الأمراض المزمنة.. لي أذنانِ كبيرتان. أحلم كلَّ ليلة. أقرأ روايات مترجمة. أعرفُ لغةً واحدة فقط. لي أصدقاء. أحب امرأةً واحدة لأنها تؤمن أنني ملاحُ عتمةِ شعرها. استخدم الحاسوب بشكل جيد، ولكنني أستخدم نفسي ببلاهة. أظن أن هذا يكفيكَ إذا أضفته لما تعرفه عني يا الله، ولكن معذرةً من أنت؟!
بطالة
فجأةً تستيقظ، وتنزل إلى الشارعِ بحثاً عن مقهى تجلسُ إلى نافذته، وتكلمها. وحده الربُّ يراك، يسمعُ هدير نهركَ، يشمُّ رائحةِ تفحم جمجمتكَ، يرى الصور مطبوعةً على صفحةِ عينكَ، ويرى فيها المارة جميعاً، فيسلم عليهم كواحدٍ منهم، ويمضي مبتسماً.
سيراكَ في المقهى المقابل لكلية البنات، بعد ساعتين. حسب الموعد المتفق عليه مسبقاً بينكما، ستطلب قهوة سوداء داكنة، نرجيلة، كأس ماء، وتتجاهله عمداً وأنتَ تدير وجهكَ إلى النافذة. لن يكترث لكَ مطلقاً، سوف يتابع عمله بجد، رغبةً في استمرار الراتب الزهيد. سوف يتحمل من أجل تمديد روتين وظيفته متأملاً أن تستيقظ غداً فجأةً، وتخرج إلى المقهى مرةً أخرى!
زواج ابنة الليل
الليل شخصٌ دمث. لولا مخاطبتكَ إياه لم تره.. لا أحد يراه كما يراه الآخر.. لا أحد يسمعه كما يسمعه الآخر. زوجتهُ حامل في عامها الألفين. كانت قد أنجبت له ابنةً واحدة. حدث ذلك في عهد قسطنطين. إنها ابنةً رائعة؛ لن تصدقوا إذا أخبرتكم باسمها... أراها دوماً، وأحيانا أحظى بتناول الطعام معها، وشرب النسكافيه، حتى إنها بكتْ عليَّ قبل ليلتين!
لا أعرف كيف اطلب يدها من أبيها.. أجلس كلَّ يوم على النافذة لأراه وجهاً لوجه، لأحدثه رجلاً لرجل، ولكنه مشغول دوماً مع الكثير من الكائنات. يرتب أموراً كثيرة مع الله، حتى أن زوجته وابنته يكادان لا يرياه أبدا منذ مئة عام.

لحظات أخيرة
دمت بخير أيتها الطاولة
أراكِ بحالة أفصل أيتها الموسيقى
أنتَ أيها الكرسي تذكر أنني أحببت الجلوس عليكَ دوماً
يا نافذة عليكِ أن تغيري لهجتكِ في الحديث مع الهواء
أيتها البلاطات لا تنظفي عنكِ أثار أقدامي
أنتَ أيها الجدار الأسود تعرف جيداً كم أحببتكَ كخلفية رائعة لحياتي
يا غرفة التحكم في مؤخرة المسرح أصابعي مازالت تتحسس المفاتيح
سوف نلتقي مرةً أخرى أيتها الخشبة
هاي.. أنتْ.. أيها الممثل في داخلي
لماذا تأخذ الأمور على محمل الجد دوماً؟!
لماذا لا تتخلص من مرض حب لحظات الوداع؟!

القصيدة 11
أنتظركَ في الصفحةِ الحادية عشر
كلما خطوتَ صفحةً باتجاهي
نبت لي سطراً آخرَ
وامتد السرطان في كلماتي
أشعر أن أصابعكَ تفرغني من معناي
عيناكَ القارئتانِ تدوساني
كيف وصلت إلىَّ وتعديت عشر صفحاتٍ تافهة؟!

هذه القصيدة تدمر الصحة وتسبب الوفاة
علبة السجائر فارغة، يطلُّ من فتحتها الهواء. كتب عليها: احترس
أيها القارئ هذه القصيدة تدمر الصحة وتسبب الوفاة. في أحسن الأحوال تشلَّ أرنبة أنفكَ، وحاجبيكْ، ورقبتكَ، معدتكَ، تشلُّ أفكاركَ أيضاً.
لأنها ترسل لكَ حياةً أشدُّ فراغاً من علبةِ السجائر، حينما تفرغُ فيضغطها المدخن في قبضته بقوةِ المهووس، بشراسةِ السجائر التي دخنها، بآلام الليل وسعال الشعر.
فكرت من أجلكم أيها القراء، وأنتم تشترون سجائر المعرفة من قوتِ أولادكم؛ ذلكَ وانتم تعلمون، وسوفكليس يعلم، وأرسطو، أبو علاء المعري، رامبو، فرناندو بسوا، بورخس، كواباتا... تعلمونَ أن هذه السجائر لعينةً، ووجودها يشبه فراغها، وفراغها في الأصل وجوداً... فكرتُ من أجلكم طويلاً!
لكن بلا فائدة..بلا فائدة!
* شاعر فلسطيني مقيم في غزة