كامل الشيرازي من الجزائر: تحتضن مدينة بوسعادة الجزائرية (330 كلم شرق الجزائر) حاليا، معرضا حول أعمال الرسام الفلسطيني الراحل ناجي العلي، حيث تُعرض نحو مائة صورة كاريكاتورية بمتحف الفنان التشكيلي العالمي quot;إتيان دينيهquot; الذي دخل الإسلام فتحول اسمه إلى نصر الدين دينيه، ويشهد معرض العلي إقبالا لافتا ممن اجتذبتهم أعمال هذا المبدع الفلسطيني الرمز، مع الإشارة إلى أنّ أعمال ناجي العلي جرى عرضها أيضا قبل فترة برواق محمد راسم بالجزائر العاصمة.
ويتناول هذا المعرض الاعتداءات الإسرائيلية في حق السكان الفلسطينيين، ومقاومة الشعب الفلسطيني وكفاحه من أجل الحرية في أسلوب عصري يجمع بانسجام بين التقنيات الأكاديمية والأسلوب الرمزي، في توليفة تبقي أعمال ناجي العلي تحفا فنية حقيقية من الناحيتين التشكيلية والجمالية تبرزها رسومات العلي ومساره الزاخر بأربعين ألف رسم، ما جعل كثيرون يصفون الفنان المغتال بـquot;واحد من الأسماء التي تختصر فيهم فلسطين''، وتبقى آثار العلي واضحة على حركة الفن الكاريكاتوري التي لا تزال متواصلة عند الفلسطينيين من أمثال الحجاج المعروف جدا في منطقة الشرق الأوسط.
المعرض الذي سيستمر شهرا كاملا، ويندرج ضمن تظاهرة quot;القدس عاصمة أبدية للثقافة العربيةquot;، قال عنه quot;خليل لجلطquot; المتحدث باسم لجنة التنظيم، إنّه سيمكّن الجماهير الجزائرية الذوّاقة من الإطلاع على أعمال ناجي العلي في الرسم الكاريكاتوري ومستواه العالمي، من خلال تناوله المتفرّد لواقع العالم العربي وتأثيره على القضية الفلسطينية.
وتبيّن الرسومات الكاريكاتورية المعروضة، مدى عمق ناجي العلي وبراعته في توظيف فن الكاريكاتير كوسيلة للتعبير عن الكينونة العربية بنوع من الجرأة كثيرا ما حرّكت السواكن وأجّجت المشاعر والأفئدة، خصوصا حينما تعرّض ناجي العلي إلى ما يعانيه بني جلدته من اضطهاد وتشريد وضياع وشتات عبر العالم.
وعلّق الناقد الفني الجزائري quot;نجيب إسحاقquot; أنّ رسومات ناجي العلي وسيلة أبسط كثيرا من أغلب وسائل الاتصال، لكنها تصل بسرعة البرق إلى المتلقي الذي لا يحتاج إلى أن يكون مختصا حتى يفهمها، كما أنّ الفنان ناجي العلي كان يستعمل الشرح مكتوبا في كل لوحة كاريكاتير يرسمها.
ووُلد الفنان ناجي العلي أو quot;ناج سليم حسين العليquot; الملقب بـquot;ضمير الثورةquot; عام 1936 بقرية الشجرة الواقعة بين الناصرة وطبرية في الخليل الشمالي بفلسطين، حيث نزح رفقة عائلته باتجاه لبنان ولجأ إلى مخيم عين الحلوة شرق مدينة صيدا بجنوب لبنان.
ودرس ناجي العلي في مدرسة اتحاد الكنائس المسيحية حتى حصل على شهادة التخرج ولما تعذر عليه متابعة الدراسة اتجه للعمل في البساتين، وسافر ناجي العلي إلى السعودية العام 1957 بعد حصوله على دبلوم في الميكانيكا حيث كان يشتغل ويرسم في أوقات فراغه ليعود إلى لبنان العام 1959 قبل إبعاده بعد انضمامه إلى حركة القوميين العرب أربع مرات بسبب عدم انضباطه في العمل الحزبي ليصدر نشرة سياسية بخط اليد مع بعض رفقائه تدعى الصرخة العام 1960، وسافر بعد ثلاث سنوات من ذلك إلى الكويت، حيث عمل في مجلة الطليعة رساما ومخرجا ثم بجريدة السفير العام 1983، كما أصدر ثلاثة كتب ضمت رسوماته أعوام 1976 و1983 و1985، حتى لُقب بـ''أب الثورة'' الذي رفض أن يكبر ''حنظله'' إلى أن تستقل فلسطين.
واغتيل ناجي العلي بعد أن تعرض لإطلاق نار في لندن ببريطانيا في 22 يوليو/تموز 1987 وفارق الحياة في 29 أغسطس/آب من العام ذاته، ووصف الراحل من قبل الاتحاد الدولي لناشري الصحف في باريس بأنه quot;واحد من أعظم رسامي الكاريكاتير منذ نهاية القرن الثامن عشرquot;.