كنت اشتري الخبز ؛ والحلويات التي أحبها، حينما دخلت هي وصديقتها.
وقفت بجانبي تطلب quot;ميل فويquot;، سمعت صوتها فاستدرت، هذا الصوت أليف على أذني، إني أعرفه ؛ أتذكره! وهاتان العينان الحوريتان لطالما سبحت الله فيهما، كيف أنسى فتيحة؟ كانت جميلة، ناضجة... وجه مثل وجوه نساء أغلفة مجلة quot; ماري كليرquot; بحمرة الورد على الخدين والشفتين، وسواد العينين واتساعهما. كانت دائما quot; ممكيجةquot; مكحلة. شك معلم التربية الإسلامية في زينتها فناداها وسألها:
هل أمك تضع لك المكياج يا فتيحة؟
أجابت ببراءة:
وما هو المكياج؟!!
حدق في صفحة وجهها بتركيز، ثم لمس خديها وشفتيها وأهدابها بالسبابة والإبهام والبنصر.. وراح يتفحص الأصابع، و يتأكد إن علق بها اثر لروج أو مكياج! ولما لم يجد شيئا أمرها أن تذهب لتغسل وجهها.. لما عادت تفحصها من جديد وتيقن أن لا علاقة لألوانها بالمكياج فقال:
يا سبحان الله! إلى مكانك يا فتيحة.
أراها الآن بعد عشرين سنة بجانبي، أتذكرها، اذكر صوتها. لم تتغير رغم كل هذه السنين، هي أمامي الآن، نظرت إلي فابتسمت وفتحت فمي لأرحب بها! فأشاحت وجهها عني بقسوة معلنة، وخرجت تجر صديقتها التي احتجت عليها: quot; على مهلك يا نهاد.. أنت ستسقطينني على الأرضquot; أي نهاد؟ هذه فتيحة بلحمها ودمها، فتيحة التي نضجت قبلنا.. هاجمت بوادر الأنوثة جسمها فتكور ما تكور، وتوسع ما توسع، واستطال ما استطال!
أثناء قيلولتنا المعتادة في دار جدتي، رضخنا لأوامر العمة سعيدة فنمنا على الحصير، كنت أتمدد وراءها مباشرة، وكانت الأبواب والنوافذ قد غلقت بأمر من العمة، فانتشر ظلام خافت يسمح بتبيان شكل الأجسام والأشياء، فجأة دفعتني بمؤخرتها الرطبة فاجتاحني الخدر فلم افطن إلا ويداي تتلمسان الفلقتين في ارتعاش، استدارت إلى وقالت:
-هل تعرف...؟!
-....
ثم وجدتها قد تخلصت من سروالها ورفعت تنورتها وهمست في اذني:
هيت لك!
وحين استعدادنا للسفر إلى غياهب الفرح المعذب، طردتنا العمة العانس شر طردة، وكانت فتيحة تردد:quot; الحسود ابدا لا يسودquot;.

رسبت في الامتحان فما رضيت أن تكرر السنة، فبحث لها أبوها عن زوج كما قيل.. لكنني التقيتها اليوم، هي ذي فتيحة التي أحببتها، فتيحة التي لأجلها أعرضت عن كل النساء، ووأدت كل الرغبات، وها أنا يا ربي بعد عشرين سنة من فراقها أولد مراهقا عاشقا من جديد! بين ثنايا ضلوعي بنبض قلب بقوة، تمرد وأعلن علي الحرب لأجدني مرة أخرى على موعد مع نوبات الجنون، هائما بها، متورطا في حبها؛ في ابنتها!
ويا أحبتي كم أجاهد لأقيد هذا الحب المجنون بالسلاسل والأغلال إلى جدران شغاف القلب المفتون حتى لا يطل بطلعته من صدري فيفضحني!

طنجة، ابريل 2009