عبد الجبار العتابي من بغداد: استطاعت لغة الجسد العراقية.. ان ترسم حروفها على مسارح اليابان وكوريا الجنوبية، ليفهمها الناس هناك ويصفقون لها كثيرا، بعد ان تحسسوا حروفها وجملها المفيدة بنظراتهم المتأملة، فكانت الافكار واضحة في تفاصيل شرحها، مثلما كانت السعادة والارتياح باديان على وجوه ممثلي المسرحية التي هي من نوع (البانتومايم). فقد عاد مؤخرا الى بغداد ملاك فرقة (مسرح المستحيل) بعد جولة اسيوية في اليابان وكوريا الجنوبية، شاركوا خلالها في مهرجانين مهمين في مدينتي طوكيو وبوسان، بعرض مسرحي حمل عنوان (ابو غريب) بالاضافة الى المشاركة بمشروع اقامته الفرقة يتضمن ورشة عمل للتعبير بالجسد ، وكانت هذه المشاركة العراقية مع عرض تونسي للفنانة زهيرة بن عمار التي قدمت مسرحية (سنديانة)، وتعد فرقة (المستحيل) الفرقة الوحيدة في العراق التي تمارس التمثيل الصامت.
يقول الفنان انس عبد الصمد مدير الفرقة ومخرج العمل وأحد ممثليه: الفرقة بدأت مشاريعها وخطواتها منذ مدة ليست بالقصيرة نحو توجه عالمي عربي، من اجل نقل لون من الوان الثقافة العراقية بجدارة وامانة ابداعية تصل الى التميز والتفوق على كبريات الفرق الدولية، وتقديم اسلوب حديث على المسرح العراقي ليواكب التطور الحاصل بالمسرح العالمي ، وقد عملنا بامكانيات بسيطة جدا وبجهود شخصية. وأضاف: ورشة عمل مسرحية (ابو غريب) لعام 2010، هي نتاج ورقة عمل تقدمت بها الى مهرجان طوكيو الدولي ومهرجان بوسان العالمي في كوريا الجنوبية، وتمت الموافقة للمشاركة في المهرجانين وهي تتضمن اقامة ورشة جسدية وتقديم مسرحيتين احداهما عراقية والاخرى تونسية هما: ( ابو غريب)) لفرقتنا ومن اخراجي وتمثيل ممثلي الفرقة ياسر عبد الرزاق ومحمد عمرايوب بالاضافة الى التقني التونسي محمود الغرايري الذي سبق وان عمل معي في مسرحية (صمت البحر) في مهرجان ايام قرطاج الدولي 2009، ومسرحية للفنانة التونسية زهيرة بن عمار، وكانت رحلة موفقة وحققت اهدافها في تقديم اسلوب جديد ينقل الهم الانساني، وقضية سجن (ابو غريب) كرمز الاساءة الى الانسان، وكرمز للعذاب.
وتابع انس: وكان للجسد حديث طويل ليروي تلك التفاصيل باللغة والتقنيات التي استخدمتها والتي هي مواد لسينوغرافيا العرض المتمثلة في انابيب التبريد وتوظيفها باستخدام اخر والعمل على الضوء والموسيقى العراقية لتنسجم مع الجسد، وتم عرض المسرحية بشكل متتابع، خمسة عروض في طوكيو وثلاثة عروض في مدينة بوسان، وكانت الاصداء كبيرة وقد تكون اكبر اصداء تتلقاها الفرقة في مشاركة خارجية، وهذا ما جعل الجمهور الذي غصت به القاعة يصفق لمدة طويلة لجهود الفرقة وطريقة توصيل الافكار من خلال الجسد الذي هو لسان حال الثقافة العالمية المقبلة، كما قمت بورشة عمل للتمثيل الجسدي، وتقديم بحث عن مسرح جديد هو المزج ما بين الجسد والحوار المنطوق، واشعر انه مسرح جديد في العالم، وأتوقع انه سوف يقهر التكنولوجيا الحديثة السلبية ويرجع بالاصول القديمة للمسرح باسلوب جديد.
انس قال ايضا: ان مسرحية (ابو غريب) عن قصة حقيقة كتبها الفنان ياسر عبد الرزاق عن سجين صادف ان أعتقل في 2003 وأستمر اعتقاله في زمن فضيحة السجن مما جعلني اطرح العديد من الاسئلة واحولها الى عرض وورشة مسرحية تبتعد عن المباشرة التي هي ما يشاهده الجمهور في التلفزة والا علام، وكان السؤال الاهم عن استمراية العذاب باعتبار العذاب هو مدان من كافة الاديان والمذاهب.
وعن مشاريعه المقبلة قال انس: هي مجموعة من الورش،وتستعد الفرقة لتكملة منهاج مهرجان اغادير في المغرب الذي كلفت به شخصيا كمدير للمهرجان وتقديم مسرحية (صمت البحر) وكذلك مسرحية (ابو غريب) في مناسبات عربية وعراقية.
من جهته قال الفنان ياسر عبد الرزاق: في كل عرض مع انس عبد الصمد نجده جديدا ومجنونا في افكاره، وهذه التجربة ليست جديدة وانا معه منذ 1996 وهو يمثل الان توجها جديدا في المسرح العربي ولا ابالغ والعالمي ايضا، وهو ابن تجربة عريقة اسمها المسرح العراقي، لكن للاسف هناك مفارقة وهي ان وزارات دول تكرم انس، فيما وزارة الثقافة العراقية ودائرة السينما والمسرح لاتعيان ماذا يؤسس هذا المبدع.
اما التقني التونسي محمدد الغرايري، فقال: هذاالعمل الثاني مع الفنان انس عبدالصمد وهو مبدع رغم انه متعب لعمل التقني لانه دقيق لكنه يعطي حرية الرأي، يراقب الاضاءة مثلا وهو يمثل ويعطي ملاحظات آنية، وهذا شي لم أالفه من قبل، فهو يحمل (سكربت) ذهنيا وجماليا، وانا اتعلم عندما اعمل معه وهذه التجربة هي دليل التعاون ورقي المسرح العربي. فيما قال الفنان محمد ايوب ومدير ادارةالفرقة: فرقة مسرح المستحيل وما قدمته هي نتاج جهود هدفها بناء العراق الجديد بافكار لها القدرة على ترجمه مشاعر النخبة ونقلها الى ابعد بقعة بالعالم وطرح الهم الانساني المشترك.