إعداد القسم الثقافي: تُعرض على مسرح المركز الوطني للفنون الدائية اللاتينية في واشنطن كوميديا quot;مهزلة دون كريستوبال والعذراء روسيتوquot;، التي كتبها فيدريكو غارسيا لوركا بإيحاءات جنسية ساخرة كي تُقدم على مسرح الدمى للكبار.
يزخر العمل بالتقنيات الزاهية البهيجة لمسرح الدمى ويرفل بلغة لوركا الشعرية التي دسها في غمرة النص التهريجي. ويشارك في اخراج العمل الفنانان اديمار بيانتشي وابنته شمينا اللذان يقودان فرقة quot;غروبو دي تياترو كاتالينا سورquot; (فرقة مسرح جنوب كاتالينا) الأرجنتينية.
كتب لوركا عددا من النصوص لمسرح الدمى خصيصا مستوحيا الفن الفلولكلوري الاسباني وتقاليده، ومنها كوميديا quot;مهزلة دون كريستوبالquot;. ويقول المخرج بيانشي وابنته المتخصصة بمسرح الدمى ان هذه المسرحية قُدمت امام جنود القوات الجمهورية ومنهم المتطوعون الاميركيون الذين قاتلوا مع الجمهوريين ضد الفاشيين في الحرب الأهلية الاسبانية تحت لواء quot;كتيبة ابراهام لنكولنquot;. وكتب لوركا نص المسرحية قبل ان تعدمه القوات الفاشية عشية الحرب في عام 1936.
انطلاقا من هذه الخلفية تنداح مشاهد تمهيدية ـ باللغة الاسبانية مع بعض المقاطع بالانكليزية ـ على خشبة تتخللها مشاجب السلاح وأكياس الرمل. وفي مقدمة مسرحية يقرأ متطوعون اميركيون من كتيبة ابراهام لنكولن رسائل مفعمة بالمبادئ والمُثُل العليا كتبوها الى حبيباتهم وذويهم في الولايات المتحدة. ويلقي احد المتطوعين الاميركيين كلمة عن العدالة ومواقف غارسيا لوركا وولت ويتمان. وتقول الناقدة سيليا رين في صحيفة واشنطن بوست ان هذا التقديم كان مادة تثقيفية ذات مقاصد نبيلة تحتفظ بوجاهتها إزاء التطورات القانونية الأخيرة في اسبانيا التي اظهرت ان البلد ما زال يتصارع مع تركة حربه الأهلية. ثم ينحسر هذا المشهد وتتبدى تدريجيا معالم مسرح دمى مضعضع تتناهى من بعيد صرير عجلاته القديمة ـ يطل المسرح في شكل كرفان زاهي الألوان.
يلهو ويعبث حول هذا التكوين المسرحي دون كريستوبال وعروسته الشبقة روسيتا وشخوص الكوميديا الآخرون الذين يظهرون دمى تُحرَّك بخيوط احيانا أو مجسمات أكبر احيانا أو ممثلين بلحم ودم احيانا أخرى. ويتوقف هذا اللعب والمرح وغيره من الانعطافات الهازلة كلما يأتي جندي جمهوري بأنباء من الجبهة لتعقبه انشودة من زمن الحرب الأهلية يشارك فيها الجميع. وتقول رين ان مثل هذا التذكير بالسياق التاريخي الذي يعيد المشاهد الى تراجيديا الحرب يستحق الثناء لكنها تأخذ على المخرج الإكثار منه على حساب النص الشعري الذي كتبه لوركا لملهاة عبثية.
تولت شمينا ابنة المخرج بيانتشي، تصميم الدمى على هيئة الممثلين الأدائيين بالتنسيق مع مصممة الأزياء كلوديا تومسنغ بحيث ان النقلات في الأبعاد التي تحدث خلال العمل من الدمى الصغيرة الى التمثيل الحي تبدو استحالات سحرية تذكر بفيلم quot;اليس في بلاد العجائبquot;. وتعتبر الناقدة رين ان هذه لمسة رائعة تستكمل الموضوعات ما فوق المسرحية في نص غارسيا لوركا.
اللابطل في مسرحية لوركا المشاكسة اجتماعيا يحلو له ان ينهال بهراوته المفضلة على المعارف وافراد العائلة معا. ولكن الناقدة رين ترى ان المخرجين اديمار بيانتشي وابنته شمينا اختارا معالجة محافظة في الانتاج الجديد لمسرحية لوركا.