*
إِذا الشّعب يوماً أرادَ الْحَياة

رَمى الشّعبُ بِاللّيْلِ في سُلّة المُهْملاتْ،
وَفكّ عن المُسْتحيل القُيود، ولَبّى الْقَدَرْ
وفي الْفَجْرِ ردّد لَحْنَ أَبي الْقَاسِم الصّعْبَ
في جُمْلَتَيْن، وَقَالَ:
إِلى النّارِ هذا الْبَريدُ الكَذُوب،
إلَى الرّيحِ رُؤْيا السّفَرْ !

إذا الشّعب يوماً أرادَ الْحَياة

نَما الدّمُ نُوّارةً في الجِراحِ
وَبَيْنَ الْكُوَى وَالشُّقوق
وَعِنْدَ حَوافّ الشّتاءْ
يُبَخّلُ ( قَرْطاجَ ) في مِثْل هَذا السّحاب الْمُعمّى
وَيَغْنمُ جُوعَ الْحَشائِش في المُنْحـدَرْ
نَما في سَخاء الطّبيعةِ
بَيْنَ الرُّؤى الْكَالِحاتْ
نَما في قِطارٍ ثَقيلٍ إلى الْقَيْروانَ،
مُروراً بِوادي طُوىً وَنَشيد الشِّعاب
نَما في اسْتِعاراتِ ( أَوْلاد أحمد ) والشُّعراء العَنِيدينَ مِنْ غَيْر مُشْكلةٍ،
عارِياً في السّرائِر نَامَ
ولَمّا يَثِقْ في بُطُونِ الدُّمى، وَغِناءِ الإِماءْ
يُلوِّحْنَ مِنْ عرباتِ السّهَرْ.
لِأَنّ أَبا الْقَاسِم اشْتَاقَ في صَمْتِهِ لِلْخُروج
نَما الدّمُ بَيْن أَصابِعهِ
نَطّ مِنْ جَوْقة ( الطّرَب الوَطنيِّ )
إلَى شارِع الْغَاضِبين الْحُفاةْ
إلى شارِعٍ أَخَذتْهُ الكَرامةُ بِالنّفْس
بَيْن الْحُفَرْ
يَطُولُ. يُسابِق شمْسَ النّهار. يُتَمْتمُ. يَصْرخُ في ظالِمِيهِ، ويَرْمي الْحَجَرْ !

إذا الشّعب يوماً أرادَ الْحَياة

فَلا أَحَدٌ يُوقِف الدّم في أُصُص الشّوْق
لا الخَوْفُ
لا الجُوعُ
لا مَهْرجانات ( يا لَيْلُ طُلْ )
لا المَتاريسُ
لا لَعْلَعاتُ الرّصاصْ
عَلى غَدِهِ مالَ نُوّارةً مِنْ نُضار
وَآمَن بالشّمْسِ لَـهْ
فَسارَ إلى حُلْمِهِ في نَشيدَ الْحَياةْ
وَأَنْزَلَ بِالظالِمينَ الطُّغاة الْقصاصْ
وَأَلْقى بِ(فِرْعوْنَ) في المَزْبَلَـهْ

.........
لَكَمْ أَنْتِ تُونس خَضْراءُ
خَضْراءُ في حُلْمِنا العربيّ
تَزينِينَ بِالْعابِرين الْمَدى، تَقْدَحينَ الشّرَرْ
وَفي الدَّمِ حُبُّك طالَ سماءً
وحبّاتِ كَرْزٍ
وَعُودُ ثِقابٍ أَشِرْ !
**
شاعر من المغرب